"أنصار الجهاد" و"أكناف بيت المقدس" و"جند أنصار الله".. أحدث التنظيمات لمواجهة الجيش والشرطة أعدادهم تتجاوز 5000 مقاتل وجهاز استخباراتى لرصد تحركات الجيش والشرطة
فتحت العمليات المستمرة التي تقوم بها القوات المساحة ضد أهداف تابعة لجماعات تكفيرية فى سيناء منذ حادث خطف 7 من الجنود المصريين إبان عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، ملف الجماعات الجهادية فى هذه البقعة المهمة فى مصر، والتى تشكلت بعد نجاح ثورة يناير فى إسقاط مبارك وتولى المجلس العسكرى، والذى استصدر قرارات فى مارس ويونيه ويوليو من عام 2011 عفو صحى وبمنتصف المدة، عن آلاف من معتقلى التيارات الجهادية، والتى شكل أغلبهم النواة الصلبة لهذه الجماعات التى أعلنت مرات عديدة سعيها لإقامة إمارة إسلامية، وأن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع، وذلك عن طريق طرد الجيش والشرطة من المنطقة والاستيلاء على جميع المقار الأمنية. ولعل المظهر الجديد الذى شهدته الساحة فى سيناء بعد إطاحة الجيش بحكم الرئيس محمد مرسى تمثلت فى إفراز نوع جديد من التنظيمات، وفى مقدمتها: "التوحيد والجهاد"، وهى مجموعة مصرية خالصة فيما دخلت على خط الأزمة جماعات ثنائية مصرية فلسطينية، وأصبح الخلط بين أسماء مصرية وفلسطينية من أمثلة "مجلس شورى المجاهدين" و"تنظيم أنصار الجهاد" الذى شهد دمجًا لتنظيمين سابقين هما "أنصار الإسلام" وجماعة "التوحيد والجهاد"، وهو التنظيم الذى يهيمن عليه جهاديون تم العفو عنهم فى زمن المجلس العسكرى السابق عام 2011. ولا شك أن ثورة الخامس والعشرين من يناير، كانت محطة مهمة فى تاريخ الجمعيات الجهادية فى سيناء والتى يعود تاريخها لبداية الثمانينيات مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى من آخر مدن المحافظة الحدودية وعودة سيناء إلى السيادة المصرية بالكامل وفقًا لبنود معاهدة السلام التى حولت إسرائيل من محتل يجب مقاومته إلى دولة جوار تحتل إحدى الدول الإسلامية، ومن هنا برزت فكرة الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين بين أبناء المنطقة الحدودية على وجه التحديد، لاقترابهم من الحدود من جانب، ولارتباطهم بعلاقات القرابة والنسب مع بعض عائلات قطاع غزة من جانب آخر. ولعل هذا الارتباط هو من وفر فناءً خلفيًا لجماعات الجهاد للتواصل مع نظيرتها الفلسطينية لتوفر لها نظيرتها المصرية السلاح المهرب والدعم اللوجيستى عبر الأنفاق، فيما تقدم حماس كل أشكال التدريب لمقاتلى هذه الجماعات عبر الأنفاق أو مدربين فلسطينيين يتسربون عبر الأنفاق، وهى الصلات التى توثقت بشدة إثر اقتراب المنظومة الأمنية المصرية من الانهيار بعد الثورة ومحاولة الفصائل استغلال هذا الوضع لتعزيز قدرتها التنظيمية.
ويحدد القيادى البارز فى جماعة الجهاد نبيل نعيم، خريطة التنظيمات الجهادية فى سيناء، بالقول إن أقوى هذه التنظيمات "تنظيم التوحيد والجهاد"، وهو تنظيم جهادى متطرف شديد العنف، يقترب إلى الفكر التكفيرى أكثر من انتمائه الفكر السلفى الذى تعتقده معظم التيارات الجهادية الموجودة على الساحة، وهذا التنظيم هو الذى قام بتفجيرات سيناء الشهيرة، والمعروفة إعلاميًّا باسم تفجيرات طابا وشرم الشيخ فى 2004 و2006، كما أن كل أفراد التنظيم ينتمون إلى سيناء. ويرتبط هذا التنظيم، والكلام ما زال لنعيم، ارتباطًا كبيرًا بعدد من الفصائل الفلسطينية؛ حيث إن عناصره تعبر الأنفاق لكى تتدرب على السلاح والمتفجرات فى قطاع غزة، كما أن هناك عددًا قليلًا من الفلسطينيين كانوا ينضمون إلى التنظيم، وهم الذين قاموا بتدريب أفراده على استخدام المتفجرات. أما التنظيم الثانى الأبرز والأحدث بروزًا فى سيناء، فهو بحسب نعيم، تنظيم مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس، وهو تنظيم جهادى سلفى وضع فى مقدمة أجندته تهديد إسرائيل بعدد من الوسائل، منها تفجير خطوط الغاز المتجهة وإطلاق العديد من الصواريخ على إسرائيل من داخل سيناء، ويشكل المصريون والفلسطينيون العمود الفقرى به، ويتبنى أغلب أعضائه فكر القاعدة، ويركز التنظيم عملياته على تفجير خطوط الغاز بين مصر وإسرائيل، وقد نجح مواطنون عرب من المغرب العربى، ومن جنوب شرق آسيا فى الانضمام إليه. وأشار نعيم إلى وجود دعم مالى ولوجيستى يقدم لهذا التنظيم من بعض المنظمات الفلسطينية بالمال والسلاح، وقد أعلن التنظيم مسئوليته أخيرًا عن عملية استهداف وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، عبر عملية انتحارية استهدفت موكبه. ويعتبر نعيم أن أبرز التنظيمات حديثة التأسيس فى سيناء، هو تنظيم "أنصار الجهاد" الذى شهد اندماجًا بين "مجلس شورى المجاهدين" و"أنصار الإسلام"، حيث انصهرا فى تنظيم واحد هو "أنصار الجهاد"، ويعد أحد الأفرع الرئيسية لتنظيم القاعدة، وظهر عقب بيان بايع فيه الدكتور أيمن الظواهرى زعيم القاعدة، عقب ثورة 25 يناير 2011 وما تبعها من تدهور أمنى، أصبحت معه سيناء خارج نطاق السيطرة الأمنية المصرية فى عدد من العمليات المؤثرة، منها التفجيرات المتتالية لخط الغاز المؤدى إلى إسرائيل عبر محافظة شمال سيناء، كما حاول تدمير وحرق قسم شرطة ثانٍ العريش مرات عديدة. ويرى نعيم أن أعضاء التنظيم الميدانى ل"أنصار الجهاد" يتراوح ما بين 500 و700 عنصر، ولكن به عناصر من أطباء ومهندسين وعناصر حصلوا على قدر عالٍ من التعليم بشكل أتاح فرصة إنشاء جهاز مخابراتى خاص بهم تحت مسمى "الباحث"، ومن خلاله يتم جمع المعلومات عن المنشآت والأهداف والحدود والشخصيات، وكل شيء يتم استهدافه من قبل الجماعة، وهذا الجهاز قادر على رصد تحركات أي شخصية سياسية أو أمنية ويعمل بكفاءة عالية جداً.
"ملاذ آمن" وفى السياق ذاته، يرى الدكتور عمار على حسن، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أن الجماعات حديثة النشأة فى سيناء متعددة، ولكن يأتى فى مقدمتها جماعة "جند أنصار الله"، التى نشأت فى أواخر 2008 بقيادة عبد اللطيف موسى المعروف ب"أبوالنور المقدسى"، ومن قادتها أيضًا أبوعبد الله السورى، وكلاهما، كما تردد، قُتلا على يد حماس. وهناك مزاعم بأن عددهم يتجاوز 500، من بينهم مصريون ويمنيون وباكستانيون وأفغان، وينشطون خاصة فى خان يونس ورفح على الحدود المصرية. وتابع عمار، أن أحدث الجماعات التى تأسست فى سيناء جماعة "أنصار بيت المقدس"، والتى تعد من أكبر التنظيمات وأخطرها فى سيناء، وظهرت الجماعة عقب تولى الرئيس المعزول محمد مرسى حكم مصر، وتحديداً عقب مذبحة رفح الأولى التى راح ضحيتها 16 جنديًا، وأعلنت مسئوليتها عن تفجير خطوط الغاز المتجهة إلى إسرائيل وأذاعت فيلماً تسجيليًا. وزعم الدكتور عمار، أن هذه الجماعة لم يكن لها وجود إلا فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث كان غالبية عناصرها ضمن عصابات تهريب الأفارقة وارتبطت هذه الجماعة بعلاقات مباشرة بتنظيم "التوحيد والجهاد"، وكان يتم تكليف أعضاء بها، بأعمال تهريب الوقود إلى قطاع غزة، وكانت تلك العمليات السبب الرئيسى فى تكوين علاقات قوية مع قادة التنظيمات الفلسطينية. ونبه إلى أن الأمر لم يقتصر على ذلك، حيث قام التنظيم بعدة عمليات لصالح تلك التنظيمات، مثل تهريب شحنة سلاح قادمة من السودان وعمليات التهريب، سببها الرئيسى الدراية الكاملة بخطوط التهريب والعلاقات القوية مع بعض رجال الأمن والجنود وأبناء القبائل بمرسى مطروح والبحر الأحمر والغردقة والسلوم وجنوب ووسط سيناء. وأشار المصدر إلى أن أبناء سيناء لهم دور كبير فى تحرير قطاع غزة من بنى صهيون، وهذا يصب فى مصلحة الأمة الإسلامية. وتوفر هذه الجماعة، بحسب الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، الملاذ الآمن لعدد من قاعدة تنظيمى الجهاد والقاعدة، حيث يصلون لسيناء عبر الأنفاق فيضطرون لاستخدام طرق بديلة، لافتًا إلى أن تأسيس هذا التنظيم قد جاء لتوحيد جهود التيارات الإسلامية، للسيطرة على الدول الإسلامية، مع العمل على امتلاك أكبر ترسانة أسلحة. ولعل زيادة وتيرة العمليات الجهادية فى سيناء، كما يذكر عمار تؤكد دخول أن تنظيم القاعدة عاد فى شكل جماعات جهادية جديدة، قد يتجاوز عدد من 500:700من اعضاء التنظيم لسيناء، بل البيانات المتوالية للتيار السلفى الجهادي، والتى ظهرت فجأة فى مصر بعد نظام مبارك، تؤكد انه لا تعارض مطلقًا بين مدى استمرارية أفكار بن لادن ومدى التحولات التى يمكن أن يكون عليها هذا التنظيم بعد تلك التغييرات السياسية التى حدثت فى مصرالى ان جاءثورة الثلاثين من يوليو لتقلب الطاولة على هذه الجماعات وتعيد المواجهة بينها وبين الدولة للمربع الأول
"مد سلفى" يأتى هذا فى الوقت الذى برز فيه الوجود السلفى فى سيناء خلال المرحلة الأخيرة، تصدره الجماعات الإسلامية تليها الجماعات الجهادية، من حيث الانتشار، وهى التنظيمات التى ترفع راية الجهاد فى وجه إسرائيل ومعظم أعضاء هذه الجماعات مرتبط فكريًا أو تنظيميًا بجماعات جهادية فلسطينية، ويقتصر حمل السلاح فى عقيدتهم على العدو الصهيونى وليس استهداف قوات الأمن المصرية أو أى أحد. وفى المرتبة الثالثة تأتى "الجماعات التكفيرية" التى تنتهج فكرًا متشددًا يقوم على مبدأ الجهاد ضد الكفار، معتبرين أن هذا التصنيف يشمل كل من لا يقيم شرع الله، وتتركز هذه الجماعات بالمنطقة الحدودية، خاصة مركزى رفح والشيخ زويد، بالإضافة إلى منطقة الوسط. وبرزت خلال الفترة الأخيرة، كما يؤكد الدكتور طارق فهمى رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، جماعة "أكناف بيت المقدس" فى سيناء فى القرى الحدودية، وتحديداً بقرية الجورة ونجع شبانة والمهدية والبرث والمقاطعة والتومة بالشيخ زويد ورفح ووادى الأزارق والقريعة والقسيمة بوسط سيناء، وقد نفت هذه الجماعة مراراً وتكراراً علاقتها بما يحدث فى سيناء من استهداف للجنود المصريين، أما عدد أعضائها فيتجاوز ألفى مجاهد. وتليها كما يؤكد فهمى جماعة أهل السنة والجماعة فى المرتبة الثالثة، وهى تابعة للسلفيين، وهى جماعة دعوية ومنتشرة فى كل قرى ومدن شبه جزيرة سيناء، وعدد أعضائها لا يزيد على 2500 عضو. فيما تنتشر جماعة "التوحيد والجهاد"، وتنتشر فى قرية الماسورة برفح والخروبة والسكاسكة والوادى الأخضر بالشيخ زويد، والمزارع بمدينة العريش، وفى قرية بغداد والمغارة وجبل الحلال وجوز أبو رعد وأم شيحان بوسط سيناء، وقريتى الخروم والرويسات بجنوبسيناء، وعدد أعضائها 1500 عضو. وكشف فهمى عن وجود تحركات مكثفة من عناصر إخوانية خلال الفترة الأخيرة، للعمل على تشكيل جيش مصرى حر على غرار التجربة السورية، ليكون قادرًا على تنفيذ أجندتهم ومخططاتهم والسيطرة على شبه جزيرة سيناء لتوسيع دولة الخلافة الإسلامية. ويرى فهمى أن المواجهة ستطول بين الجيش والشرطة، وهذه الجماعات، لاسيما أنهما – الجيش والشرطة -يواجهان أشباحًا نتيجة الوضع الجغرافى المعقد ووجود نوع من الغطاء القبلى لهذه العمليات، لكن هذه العمليات نجحت فى توجيه ضربات قوية للجماعات الجهادية والتكفيرية، ومنها عادل حبارة العقل المدبر لكل العمليات ضد الشرطة والجيش فى سيناء، بالإضافة إلى مقتل مفتى التكفيريين أو منير، بشكل يقطع بأن هذه العمليات بدأت تؤتى ثمارها.