الأزهري يصل السعودية للمشاركة في المؤتمر الدولي لوزراء أوقاف دول العالم الإسلامي    حملة لإزالة مخالفات البناء بمدينة دمياط الجديدة    «وول ستريت جورنال»: مخاوف روسيا من عودة ترامب سرعت وتيرة صفقة تبادل الأسرى    غدا.. انطلاق فعاليات اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى بالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في مصر    باريس 2024| بركلات الترجيح منتخب مصر يهزم باراجواي ويتأهل لنصف نهائي الأولمبياد    فولهام يعلن التعاقد مع سميث رو من أرسنال رسميًا    نيابة شبين الكوم تأمر بحبس شاب تسبب فى مصرع وإصابة 3 من أسرة واحدة    جهود مكثفة لانتشال طفلة غارقة بالغربية    حبس شاب تخلص من عمته خنقًا لسرقتها في بني سويف    وفاة 4 منتجين في حادث الضبعة تهدد دراما رمضان المقبل بالتوقف    القاهرة الإخبارية: تعطل موقع هيئة المطارات وخلل أصاب مطار بن جوريون وإلغاء رحلات بتل أبيب    محمد سلماوى: لدى 500 ساعة تسجيل مع أديب نوبل نجيب محفوظ    وزير خارجية الأردن: اغتيال إسماعيل هنية جريمة تصعيدية وخرق فاضح للقانون الدولي    جولة ومؤتمر صحفى لوزيرة التخطيط والتعاون الدولي بمهرجان العلمين    عرض جثة عثر عليها طافية بترعة المريوطية على الطب الشرعي    مدير العاصمة الإدارية: الدولة فى مرحلة التشغيل الكامل للمدينة    نجمي بايرن ميونخ على أعتاب مانشستر يونايتد    كامل الوزير خلال تفقده مواقع العمل: الانتهاء من تصنيع أول قطار كهربائى مصرى سريع    نهال عنبر عن «غموض»: مسلسل حلو ودوري مهم جدًا | فيديو    خاص| إيناس عز الدين: فخورين بالدورة دي.. وأحمد آدم من حقه يتكرم    أهمية الدعاء في حياة المسلم    حسام موافي: ربنا هيجيب حق كل مسيحي زعل على النبي بتاعه بسبب أولمبياد باريس    وكيل صحة شمال سيناء: انتشار فرق 100 يوم صحة بالميادين العامة    تشكيل مباراة فرنسا ضد الأرجنتين في أوليمبياد باريس 2024    الوحدات المحلية بالإسماعيلية تواصل أعمالها فى رفع 13433 طن مخلفات خلال أسبوع    الكشف على 696 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقفط ضمن حياة كريمة بقنا    العثور على جثة شاب داخل قطار بالعياط    هل التقوى من أسباب الرزق؟.. الأزهر للفتوى الإلكتروينة يجيب    عبدالمنعم سعيد: أعظم مرحلة فى التاريخ المصرى كانت بعد 1967 وتصاعد المواجهات بدأ في 1965    إعادة محاكمة 5 متهمين بأحداث مجلس الوزراء غداً    بالصور.. ختام فعاليات الملتقى ال 17 لشباب المحافظات الحدودية بسانت كاترين    شيخ الأزهر الشريف يثمن جهود الأطقم الطبية في خدمة المواطنين بالأقصر    الأونروا: الوضع في الضفة الغربية يزداد سوءا    ضمن «حياة كريمة».. الكشف على 696 مواطنا في قافلة طبية مجانية بقفط    "دينية النواب" خلال دور الانعقاد الرابع.. عقدت 86 اجتماعا وناقشت 90 أداة رقابية ونظمت زيارات ميدانية بالقاهرة    بالصور.. جامعة المنيا تُشارك بمعرض أخبار اليوم الثامن    «ده أصله».. مرتضى منصور يهاجم محمد رمضان    ختام معسكرات تحدي الشباب «دورنا مستقبلنا» بمكتبة مصر العامة    فى أول أيامها.. 5 آلاف مواطن استفادوا من حملة 100 يوم صحة ببني سويف    مصدر يكشف حقيقة عودة معتز زدام إلى الدوري المصري مرة أخرى    أمجد خزبك ليلا كورة: اتحاد السلاح استغنى عني لأسباب غير منطقية.. وحصلت على أفضل مدرب في أمريكا 2023    اليونان تعلن حالة التأهب بعد تحذير بشأن هجوم محتمل على أهداف إسرائيلية على أراضيها    مفتي الجمهورية: المقاصد الكلية للشريعة لا تتحقَّق إلَّا بوجود فتوى رشيدة    450 مليون جنيه قيمة دعم المنتجات البترولية يوميا.. وزير البترول: 9 سنوات من المشروعات التوسعية ونسعى لأقصى قيمة مضافة    التحفظ على 23 طن أسماك ودواجن مجهولة المصدر بحملة تفتيشية بالشرقية    رئيس جامعة المنوفية يعتمد بكالوريوس كلية الاقتصاد المنزلي بنسبة نجاح 80,61%    الأحد.. سلوى محمد على في سهرة خاصة من العلمين مع هبة الأباصيري (تفاصيل)    وفد من «التعليم العالي» وبنك المعرفة المصري يزور اتحاد الجامعات العربية بالأردن لبحث التعاون المشترك    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الاحتكار من أنواع أكل أموال الناس بالباطل    بتوجيهات القيادة السياسية.. 3 وزراء يبحثون أسعار المحاصيل الاستراتيجية واستلامها من المزارعين    ب"جلباب صعيدي وشال فلسطين"..ويجز يشعل حفل مهرجان صيف بنغازي بأغانيه (صور)    اقتحامات لمناطق مختلفة في غزة بواسطة جيش الاحتلال    عاجل| وزير الخارجية يجري اتصالا ب نظيره السعودي    «الإسكان» تعلن موعد قرعة تخصيص الأراضي السكنية بالمنيا وأسيوط الجديدة    بالرقصة الشهيرة، الآلاف يتفاعلون مع تواشيح الشيخ محمد ياسين التهامي بمولد الفرغل بأسيوط (فيديو)    باريس 2024| 4 مواجهات مثيرة في ربع نهائي الأولمبياد.. اليوم    أمين الفتوى: "أنتى هتبقى مراتي" تجر إلى الحرام بين المخطوبين    بالاسم فقط.. نتيجة الثانوية العامة 2024 علمي وأدبي وخطوة لتحويلها لنسبة مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حشد الحجيج وفلسفة الايمان
نشر في المصريون يوم 16 - 11 - 2010

مع كل حركة التاريخ الإنسانية في مواسمها الدينية تبقى رحلة الحج العلامة الفارقة والدلالة الدقيقة في رمزيتها المذهلة... رحلة من داخل الإنسان إلى ذاته تراجع نفسه وروحه... تُذكّره الفطرة ومقصد الوجود ووحدة الإنسان وسمو الروح فوق المادة والعنصر والعرق واللون في تداخل منتظم ومتحد يتنقل ككتلة واحدة رغم اختلاف المصطفين وكل تفصيلٍ في مشهد الحراك يُعزز الدلالة بمساواة الخَلق المنضبطة تماماً كما هي في دقائق الخلق في خلايا النبات وحركة الحيوان وانعطاف المجرات وأعجوبة الطواف الكوني وكل ذلك متصّل بقضية الوجود الكبرى لتحرير الإنسان من خديعة الآلهة المزيفة إلى الخالق المبدع الواحد الموجود... تلك الوحدة للخلق والتوحيد للخالق سر الحج الأكبر وفلسفته العظمى .
معالم رئيسية وخلوات روحية وتفكّر إيماني وقبل ذلك كل احتشاد لتلك المعاني إنما هو يطوّف في وحدة موضوعية وترابط فلسفي عميق لحكمة الإيمان الكبرى.. الإيمان بالخالق وبهدف الخلق وبمهمة المخلوق وبرسالة النبوات وخاتمة الطريق حيث الجزاء , هل تلك المعاني العظيمة تُستحضر عند رحلة الحج التاريخية أم أنّ اضطراب الفهم لأصل الفكرة وازدحامها مع ضجيج المشهد يُذهب كثيراً من حكمة الحج والرحلة المقدسة الكبرى .
هل القضية تقف عند ذلك الاصطفاف والتداعي والالتقاء لكل أقاليم الدنيا وأجناسها في وحدة الشعار والدثار وخطة السير وتفاصيل الرحلة ببرنامج إلزامي يجمع الفقير بالغني والرئيس بالمرؤوس والبشرة البيضاء بالملونة والخطاب واحد.. أيها الناس خذوا عني مناسككم ..فقط أيها الناس... لا الزعماء ولا القادة... ولا التجار ولا الفقراء... بل الصفة واحدة , وتأكيداً لهذا المفهوم الوحدوي جاءت خطبة الوداع لتكريس قصة المساواة والحرية الكبرى في نداءات من البشير صلى الله عليه وسلم متتابعة.. لا ربا ولا دماء ولا ثأر ولا تفرقة بين عربي وأعجمي ولا أسود ولا ابيض إنها التقوى فقط التقوى وما التقوى تلك قصةٌ أخرى ..
إن التقوى ليست مظاهر يتزين بها الجسد أكان هذا التزين دينيا في نظره بالتزهد الظاهري أو دنيوياً فليست في المقابل رحلة مناسك في أجواء ارستقراطية يتقلب في نعيمها ويُفسح له الطريق فيكون حاجاً أكبر في مقابل الحجاج الصغار وليست هي أيضاً سواءً عند الفقير والغني على السواء , طقوس تدين لهذا الشيخ أو المتعبد أو المتنسك.... كلاّ إنها أخلاق الروح تعلوا فيعلوا سلوك الجسد ويخضع بقبول وأريحية لمفهوم الوحدة والمساواة والحرية بين البشر كل البشر .
ولذا فان أول ما تستهدف الرحلة توحيد تلك المشاعر والنفوس وأخلاط الشعوب وتذكرهم بأن العبادة في أصلها التوحيدي العظيم هي للخالق فقط وبلا تنازل عن أي نسبة لأي كائن كان .. إنها إعلانٌ للخالق في مؤتمرهم العام... انظر معنى المؤتمر ماذا يعني..؟
الخلق كلهم مجتمعون موحِدون للخالق وهي معنى الحرية الكبرى ..الحرية من أي خصوصية الوهية تُعطى لأحدٍ لتضطّر الإنسان الآخر لكي يتنازل عن حريته لإنسانٍ مثله في مرتبة الخلق فيشرك المخلوق مع الخالق... كلا ..ومهما عظم أمره وان كان نبياً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إلا بتعظيمهم من خلال طاعة واستجابة لمن أعطى حق الحرية للإنسان انه المولى الرحمن الذي هداه لكي يستقيم على طريق النجاح فلذا كان أول الاحتشاد أن يطّوّفوا بالبيت العتيق لتكريس هذه العقيدة التي تُذّكر في أصلها بأنك سواسية مع البشر من طاف معك ومن تخلّف فهل أحسنت إليهم حين توحيدك الخالق العظيم وأحسنت إلى نفسك بإطاعة هديه لأجلك أنت ولأجل خاتمة رحلتك .
ثم انظر إلى المعنى الإنساني الدقيق في التعليم والمصابرة وأيضاً التكريم...في المسعى لمن؟...انه للمرأة والطفل ورسالة تذكير لمن كانت لون بشرتها تدعوه للاستعلاء 0حين ينحرف.. إنها السيدة العظيمة هاجر ..شيءٌ غريب ؟
أن تُخلّد تلك الحادثة بدروسها تُذكر النّاس بسيدتهم المرأة السمراء هاجر وطفلها إسماعيل ثم يَسعى النّاس ويفعلون كما فعلت قبل أن يرتشفوا من الماء وأي ماء هو.. هل الدرس ليذكرنا بوحدة الإنسانية وتخليد ذواتها في ذاكرة الدنيا حتى نستذكر معنى الوحدة والمساواة..؟ انه واحد من المعاني الأصلية لفلسفة الحج .
أم أنّ الدرس هو كيف سعت هاجر بالقلب القلق المصدوع ولكنه الذي آمن واطمئن ثم استجاب للنداء وان الاستجابة يعقبها امتحان فهل استذكر الساعون هذا المعنى أم مرّوا عليه مرور الكرام ..نعم هي سُنن المصطفى وهديه العظيم ولكن مع الهدي وإتباعه ذكرى لأولي الألباب .
ياعرفاتُ الجبل
رسائل الوحدة في المؤتمر العام تُثير الاهتمام فإنّ النّص تلو النّص يحتشد في توجيهات قائد الأمة العظيم وحبيبها يُذكرها بمعنى الدرس الروحي والقيمي ولكن الاستجابة ضعيفة.. شيء غريب.. ألا ترى كيف عظّم النبي صلى الله عليه وسلم مكانة المسلم ودمه وحريته وأنها أعظم على الله من حرمة البيت العتيق.. لأنّ المقصود رمز التوحيد في هذا البيت المقدس ..ولكن صيانة الإنسان ورعايته واحترام كرامته وحقوقه هي من تعاليم ذلك التوحيد وتلك الاستجابة.. أما الغريب فحين يقرن صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر بالبيت العتيق كأنه ينتقل إلى التاريخ الحديث فينبه ليس أولئك المقصرين في السلوك والفهم ..المتقاتلين عند المناسك وكم جرحوا وآذوا فقط بل المتقاتلين خارج المناسك في هذا العالم كم هانت عندهم الدماء واستبيحت الأرواح.. فيقول لهم.. ما بذلك قد أمرتم أفلا تبصرون ..
حديثُ الصعيد
إنها لحظات جلاء الروح واستحضار المشهد وإقامة الذكرى بين يوم الدنيا ويوم الدين انه صعيد عرفات...
لذا عُظِّمت الحُرمات وكُرست القيم والمفاهيم ولذا كانت خلوات الروح ودندنة الأذكار وتسبيح الألسنة.. ألسنةٌ مختلفة ولكنّ المعنى واحد والمقصد واحد والمرجو واحد ..احدٌ احد..احدٌ احد.. ولما لا يجدون ذلك الصفاء بشرط أن تصفوا النفس قلباً قبل القول أليس هو يوم تَجلّي الرحمات وتغشيت البركات فمن أدرك المعنى قصد المسعى مخلصا سلمت يديه من أذى الناس واذاية نفسه و عندها ..يرجع كما ولدته أمه ..لن يصل لهذا الهدف إلاّ بالإخلاص ووصول الشعيرة إلى القلب ولن يفيد أن يستعجل الأرض ويركب ما يركب من خصوصيات السكن والراحلة وقد عثرت به راحلة الروح والإخلاص .
ثم انظر حين نؤمر بمجالدة ومراغمة صوت العبودية والمعصية لماذا نرمي ونكرر الرمي هل الشيطان ينتظرنا هناك بتجسده كما يظن بعض البسطاء!!..بالطبع كلاّ إنها رحلة المقاومة ومع من مع رمزها الذي تَنفذ من خلاله إنها مصالح وشهوات النفس التي تطيع اللعين فتظلم ذاتها وتظلم سواها وهي متكررة الاستهداف لذا كان درسنا مع إبراهيم الخليل عليه السلام لمراغمة نداء الباطل بالثبات على الحق والثبات عليه يحتاج إلى التضحية ببعض مصالح النفس ومحابها ولذا عُمّق الدرس حتى نسترشد الهدف ونقاوم الفتنة ...
ومع كل ذلك يهل الحجيج إلى مولاهم العظيم الكريم يارب... يارب ..وحين ينظر إليهم جلّ في علاه لا تَخفى عليه الدسائس ولا تحجبه الظواهر عن الدواخل فمن رغب النجاة والقبول للكريم المنّان لبى مخلصا ..لا شريك لك من الهوى ومن الشيطان ولا شريك لك من مصالح النفس وعبودية الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.