تستخدم الحكومة كل الوسائل لتزوير إرادات الناخبيين وتهيئة الظروف التى يبدو فيها الناخب حراً يصوت بارادته، ولكن الخوف أو الطمع فى وعد أو مكافأة تدفعه إلى المشاركة فى التصويت، ينطبق ذلك على كل المرشحين ولكن عندما يتعلق الأمر بالحزب الوطنى، فإن الانتباه واجب لأن الحزب يستخدم كل أجهزة الدولة التى تحارب آخرين، كما تحارب الناخب الذى لايعلن عن نيته انتخاب مرشح الحزب الوطنى. وهذا ليس افتراضاً أو قدحاً لكنه الحقيقة التى سجلتها آلاف المرات تقارير الهيئات الوطنية والدولية التى لاحظت كل الانتخابات المصرية. فإذا أفلت الناخبون من قبضة الأمن الحاجز للجان من الخارج وقام بالتصويت لصالح مرشحين آخرين غير مرشحى الحزب الوطنى. تم استبعاد أصواتهم أو قلب التصويت إلى المرشح الوطنى، أو أعدت نتائج مكتبية لاعلاقة لها البتة بما حدث فى اللجان ابتداء، مما أثار اليأس عند الناس من حكومة لاتصلح ولاتقوى على الإصلاح، كما لاتريد أن تنزل عند رغبة الناس ومن ثم أدمنت التزوير، الذى يلحق العار فى الدنيا والآخرة لكل من شارك فيه، وعلى الأخص من قبل أن يصبح نائباً بالتزوير وقبل أن يوظف لخدمة أطراف تناقض مصالح الوطن. وقد ابتدعت الحكومة مختلف وسائل التزوير وإفساد الإرادة عند المرشحين والناخبين وكأنها قضية وظفت خصيصاً لانجازها بدلاً من الاستماع إلى أوجه النقد فتصلح، فهى تأتى بفيالق المستعدين للفساد لأنهم دفعوا مقدماً للحزب عربون أنشطة الفساد. وقد امتدت وسائل التزوير المعنوى إلى إنشاء جمعيات خيرية تمارس نشاطاً فى مشكلة خيرى وهو توزيع الموارد الغذائية على الشعب البائس مقابل استلاب صوته مما يؤدى إلى حلقة جهنمية. فالمحسن الكبير أثرى على حساب شقاء هذا الشعب، ثم استخدم هذا الثراء لكى يستمر فى غيه وبأصوات ضحاياه، وتلك صورة أخلاقية بشعة. غير أن أحدث صور الفساد الدينى والسياسى ما نشرته المصرى اليوم فى عدد يوم 4/11/ 2010 من أن أحد الوزراء وزع 40 تأشيرة للحج وبعض المال على أبناء دائرته حتى يغريهم بانتخابه، وكأنه يمن عليهم، ويتقرب إلى الله بتمكين فقراء المسلمين من الحج إلى بيت الله الحرام. وهذه واقعة خطيرة للغاية فحسب ما نشر أن الذى قدم هذه التأشيرات والأموال هو وزير المالية د. بطرس غالى والمنحة حج إلى بيت الله الحرام فى مكةالمكرمة، والتأشيرات من الحكومة السعودية، والمستفيد هو من يرى الوزير أن صوته يجلب آلاف الأصوات الأخرى، أى أن تحديد المستفيد بهذه المنحة المباركة يتوقف على استعداده للتصويت لوزير المالية. أما المال المرافق للتأشيرة التى لايحصل عليها المواطن العادى أصلاً إلا فى سياق القرعة أو شركات السياحة بحصص معينة فهو يحتاج إلى تحقيق مصدره لأنه فى النهاية رشوة مكشوفة استخدمت ركناً أساسيا من أركان الإسلام. وقد نسب الي الوزير أنه قدم المنحة للمحظوظين راجيا منهم التضرع الي الله أمام البيت العتيق حتي يمن الله عليه بالفوز و حتى يقرأ المستفيد الفاتحة فى الأماكن المقدسة لوزير المالية .كما يعلم الوزير أن منحتهالمعنوة والمادية يسعي اليها الناس لولا ملابساتها الخطيرة للغاية. فالمنحة ليست من ماله الخاص بالقطع لأن هناك لغطاً حول علاجه المسرف على نفقه الدولة فى الخارج فضلاً عن أن وزير المالية كان قد سب الدين ؟ تحت قبة البرلمان. القضية تمس خمسة أطراف وتحتاج إلى تدخل مرجعية لما فى القضية من ألغام، فى زحمة إصرار النظام على دفع وزرائه إلى الترشيح مما يمثل جريمة سياسية وقانونية مركبة قمنا برفع دعوي بشأنها أمام القضاء الإداري الوطني، وذلك ضمن خطة النظام على بيع الوهم بالتكالب على صوت المواطن . الطرف الأول هو الوزير صاحب المنحة ولماذا فكر فى هذا النوع من العطايا. الطرف الثانى أنه قدم المنحة فى سياق تسويقه نفسه ربما فى المجتمع كله على أنه من المحسنين على المشتاقين لزيارة بيت الله الحرام، فيكسب ثناء المجتمع ، ورضى المستفيد وصوته، وربما رضى الله الذى أعان بعض خلقه على أداء الفريضة. الطرف الثالث هو من أعطى الوزير هذا العدد من التأشيرات في هذا الوقت الدقيق. وأرجو أن يدلى المفتى بدلوه فى هذه الملهاة المصرية الحديثة، فالله طيب لايقبل إلا طيباً فالتأشيرة حرام والمال حرام والحج رجاء إلى الله بالقبول لا يصل الرجاء عبر طريق الدنيا الملوث بالأوحال. سارعوا إلى الحق بعد أن عز الناطق به وسط الأباطيل التى تلتهم ما تبقى من ديننا. أما الطرف الخامس فهو من بيده القرار الأعلى ونرجو أن يوفق الله الجميع إلى حسن عبادته وتجنب التدليس حتى على من لاتخفى عليه خافية، ويعرف خائنة الأعين وما تخفى الصدور. أيها الناس عودوا إلى رشدكم، فإذا ضللتم فى الدنيا فلاتجوروا على آخرتكم وتحروا الحق فى دينكم ودنياكم، فما نالكم من بلاء إلا بسكوتكم على الباطل وأنتم تشهدون.