ليس غريبا أن يحارب الحزب الوطني ووزارة داخليته، ولجنته الانتخابية العليا شعار الإخوان المسلمين الانتخابي ( الإسلام هو الحل)، فهذا أمر يأتي في إطار المنافسة الانتخابية التي تسخر فيها السلطة كل إمكانياتها لسحق الخصم، لكن الغريب أن يأتي الهجوم على الشعار من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومن كتاب يفترض بهم الحياد والعقلانية واحترام القانون والقضاء. وجه الاستغراب من موقف المنظمة المصرية والذي ورد في تقريرها حول مرحلة التقدم للترشيح، أن رفضها للشعار لم يعتمد على منطلقات قانونية كما يفترض دوما بتقاريرها، بل إنها راحت تردد لغة التحريض ذاتها التي تستخدمها السلطة وأجهزتها المختلفة، والتي تدعي أن استخدام هذا الشعار يعد تحديا للجنة العليا للانتخابات أي للدولة وهو استعداء مكشوف لسلطة هي بالفعل في حالة عداء لا ينقصه مزيد من الحفز. قال تقرير المنظمة الذي أصدرته أمس الأول "أن إصرار الإخوان على استخدام الشعارات الدينية يعتبر بمثابة "تحد" لقرارات اللجنة العليا للانتخابات، وكذلك "انتهاك" لتعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية الأخيرة، والتي تتضمن بنداً بعدم استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات، وانتهاكاً للتعديلات الدستورية التي جاءت عام 2007، والتي نصّت المادة الأولى منها على مبدأ المواطنة، وحظرت المادة الخامسة منها خلط العمل السياسي بالديني، بل وجعلت استخدام الشعار الديني مرفوضًا ومخالفًا للدستور". صياغة التقرير أو الاتهام بهذه الطريقة تدفعنا للتساؤل هل تفهم المنظمة ورجالها القانون أكثر مما يفهمه قضاء مجلس الدولة الذي اصدر عدة أحكام قضائية نهائية تؤكد دستورية وقانونية الشعار، وتعتبره مجرد شعار سياسي لا يتعارض مع الدستور ولا مع قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهل دخلت المنظمة سباقا مع الحزب الوطني لإستبعاد مرشحي الإخوان بزعم مخالفتهم للقانون؟. الأمر ذاته ينطبق على مقال الدكتور عمرو الشوبكي بصحيفة المصري اليوم 4-11-2010 الإسلام هو الحل .. ليس حلا)، والذي ادعى فيه "أن إصرار الإخوان على التمسك بشعار الإسلام هو الحل يعكس إصرارا على التمسك بشعار، ليس فقط مناقضاً لقواعد الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة، إنما أيضا مراوغ ووهمي ". ومرة أخرى يبدو التساؤل مشروعا هل نصب الشوبكي نفسه حارسا للقانون والدستور بديلا عن رقابة القضاء؟ ، ومرة أخرى أيضا نسأله إذا كان الشعار مخالف كما يقول للدستور وللقانون فلم أقرته محكمة القضاء الإداري ؟ ولم خرج رئيسها قبل عدة أيام في حوار صحفي ليؤكد دستورية وقانونية الشعار؟. دعونا نعتمد فكرة " دولة القانون" بديلا لفكرة الدولة المدنية التي لحقها تشويه كبير ممن أساءوا استخدامها، وحملوها بمضامين هي بريئة منها، حولتها إلى معنى مطابق للدولة العلمانية المعادية للدين، أما دولة القانون فهي الدولة التي يكون الحكم فيها للدستور وللقوانين، والذي ينطق بهذا الحكم هم القضاة في المحاكم المدنية والجنائية والإدارية والدستورية، وليس دعيا غيرهم. في دولة القانون يصبح الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة، ويصبح الالتزام به ، واحترامه من أهم الواجبات، وفي حالتنا هذه كان المفترض بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وبالدكتور عمرو الشوبكي، وغيره من الكتاب والباحثين الجادين احترام أحكام القضاء ، لا محاولة طعنها بطريق غير مشروع، احتراما لدولة القانون التي نسعى إليها جميعا. يمكن للإخوان أن يتركوا هذا الشعار إلى شعارات أخرى بديلة تؤدي الغرض ذاته، ولكن ذلك لن يتم في ظل حالة تربص دائم بالإخوان، وإصرار على حشرهم في الزاوية، وكيل الضربات لهم، فما تزيدهم هذه الضربات إلا إصرارا على مواقفهم وشعاراتهم، التي هي رأسمالهم الحقيقي، في ظل غياب تام لقواعد عادلة للمنافسة السياسية المشروعة. [email protected]