حالة من الغضب عبر عنها قضاة وحقوقيون جراء موافقة لجنة الخمسين على مادة تبيح محاكمة المدنيين أمام المحاكمات العسكرية بالدستور الجديد، وذلك في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على منشأتها العسكرية أو معسكراتها أو ما في حكمها. وقال المستشار أحمد الخطيب بمحكمة استئناف القاهرة، إن توسع الدستور في المحاكمات العسكرية عدوان على القضاء العادي، وهذا أمر مرفوض رفضًا تامًا ولن نسمح للجنة الخمسين بالتعدي على حق من حقوق القضاء العادي. وأكد أن المحاكمات العسكرية استثناء عن الأصل العام يلزم عدم التوسع فيه احترامًا لحق المواطن في الاحتكام للقضاء العادي الذي كفلته كافة المواثيق الدولية وإعلانات حقوق الإنسان والدستور المقترح، وأن الإخلال بذلك هو شهادة وفاة لمدنية الدولة. وأضاف أن "لجنة الخمسين خرجت على مقتضيات ذلك الاستثناء باستخدام عبارات فضفاضة قد يترتب عليها مستقبلاً الانحراف في مباشرة ذلك الحق، إذ نصت على أن: "المحاكمات العسكرية واجبة في حالة الاعتداء على منشآت القوات المسلحة ومعسكراتها أو ما في حكمها" ومعداتها ومصانعها أو "أموالها العامة" والاعتداء على أفرادها أثناء تأدية وظيفتهم". ورأى الخطيب أن عبارة "أو ما في حكمها" و"أموالها العامة" تعتبر ذات مدلول واسع لا يمكن فصله عن الوضع الاقتصادي للقوات المسلحة، فعلى سبيل المثال من يقوم بالتشاجر مع فرد بمحطة وقود تابعة للجيش أو أن تحدث مشاجرة مع أحد العاملين بنوادي القوات المسلحة أو مراكزها التجارية فإنه يخضع - طبقا لذلك النص - للمحاكمات العسكرية. وتابع: "هذا الأمر لا يمكن قبوله إذ أن انخراط الجيش في الحياة العامة ومباشرته لأنشطة اقتصادية وتنموية مدنية لا يمكن أن تكون مبررًا للتوسع في اختصاصات القضاء العسكرى ولا يمكن ترك تلك العبارات الفضفاضة للقوانين، لأنها أمور شديدة الحساسية يلزم توضيحها ابتداءً حتى يمكن تحقيق التوازن بين أمن الوطن وحماية قواته المسلحة من جهة، وبين صيانة حق التقاضي واحترام حقوق الإنسان من جهة أخرى". من جانبه، أكد أحمد راغب عضو حركة "لا للمحاكمات العسكرية"، أن هناك محاولات للضغط علة لجنة الخمسين من أجل تمرير مواد تخدم مصالحها الشخصية، معتبرًا أن ما يحدث من اللجنة من تمرير هذه المواد التي تغضب الشارع المصري يراد منها كيفية حفاظ اللجنة على مصالحها الشخصية ومصالح آخرين. وأشار إلى أن إقرار لجنة الخمسين المادة الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين بالدستور وذلك في الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة، مخالف لمواثيق حقوق الإنسان التي أعطت الحق للمتهم في حق التقاضي أمام قاضية الطبيعي، فضلاً عن أن هذه المادة تعيد للأذهان عودة نظام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. فيما أبدي محمد زارع الناشط الحقوقي رفضه إقرار لجنة الخمسين لمادة تسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، مشيرا إلى أن اللجنة لم تغير كثيرا من دستور 2012 الذي أجاز المحاكمات العسكرية. وطالب مطالبا اللجنة أن تتراجع عن موقفها حرصا على مطالب الشعب وطموحاته، قائلاً: "كفانا ما نعانيه من الاختراعات والمفاجئات التي تهب علينا من تلك اللجنة التي جلبت العديد لنا من المشاكل".