قاض في نيويورك يرجئ الحكم على ترامب في قضية الأموال السرية    مواعيد غلق قاعات الأفراح.. مصادر تكشف التفاصيل    ثقة أم مآرب أخرى، تحركات محافظ قنا قبل ساعات من حركة التغيير تحير الصعايدة    آخر تحديث لأسعار الذهب في سوق الصاغة.. عيار 21 بكام؟    قيس سعيد يعلن موعد الانتخابات الرئاسية التونسية ويوجه رسائل لمنافسيه    بسبب الفساد، الناتو سيبلغ كييف أنها غير جاهزة للانضمام إلى الحلف    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لعدة مناطق بغزة    «الشاباك» يعلن إطلاق المزيد من الأسرى الفلسطينيين    تشكيل كوبا أمريكا – لتفادي أوروجواي.. تغييرات محدودة ل البرازيل وكولومبيا    عاجل.. «كاف» يصدم الزمالك بعقوبتين قبل السوبر الأفريقي أمام الأهلي    حريق هائل يلتهم أشجار النخيل بالوادي الجديد    برقم الجلوس.. التعليم تستعد لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2024    الإعلامي مدحت شلبي يتعرض لحادث سير.. السيارة تحطمت    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 3-7-2024 مهنيا وعاطفيا    إلهام شاهين: تخصيص جزء من أرباح مهرجان العلمين لفلسطين لفته إنسانية جميلة    لابد من فض الاشتباك.. نائب رئيس الوفد: أزمات المواطن خلافات بين الوزرات.. كل منها دولة لوحدها    عاجل.. الإعلامي مدحت شلبي يتعرض لحادث سير.. «العربية اتدمرت»    هل تصل الأعمال الصالحة إلى الميت.. دار الإفتاء تجيب    عاجل| ثروت سويلم: بيراميدز وراء أزمة مباراة سموحة.. والزمالك تقدم بشكوى ضدي    نتنياهو يأمر بمعاقبة جنرالات من الجيش الإسرائيلى طلبت هدنة في غزة    نهاية فوضى الأسعار واستقرار الدولار.. مطالب البرلمان من الحكومة الجديدة قبل حلف اليمين    خلفًا لنور الدين.. من هو المرشح بتولي مهام محافظ كفر الشيخ؟    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    الحكومة الجديدة 2024، من هو وزير المالية الجديد    كوبا أمريكا 2024| لويس دياز يقود تشكيل منتخب كولومبيا أمام البرازيل    عاجل.. قرار جديد من اتحاد الكرة ضد بيراميدز خلال ساعات    يورو 2024.. مواجهات ربع النهائي ومواعيد المباريات    ميدو يتحدى سويلم: «هتروح ورا الشمس لو انتقدت الأهلي»    أمير صلاح الدين ل "الفجر الفني": شخصيتي في "قصر الباشا" مفاجأة بالنسبة لي    جيرارد: صلاح لاعب أسطوري.. وأتمنى استمراره مع ليفربول    الكشف على 1825 مواطناً خلال قافلة طبية مجانية بزاوية فريج بالبحيرة    مصطفى بكري: مجلس النواب في حاجة لممارسة دوره الرقابي    "ممنوع من الحديث".. المخرج أشرف فايق يتعرض لوعكة صحية مفاجئة    مأساة في مستشفى المبرة بطنطا.. وفاة طالب أثناء إجراء عملية الزائدة    6 أكتوبر القادم.. موعد الانتخابات الرئاسية التونسية    وكالة الفضاء المصرية تستقبل وفدًا من تشاد (التفاصيل)    مصطفى الفقي: اندهشت من رحيل هذا الوزير.. وهذه الوزارة «مغرز» (فيديو)    حركة المحافظين الجديدة 2024.. تعديلات شابة وصلاحيات كاملة    قصواء الخلالي: أحد الوزراء أكد استمراره بالتشكيل الجديد واليوم تأكد من رحيله    الحكومة الجديدة 2024، من هو وزير الطيران المدني الجديد    خبير علاقات دولية: هناك فجوة بين الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية من ناحية التبادل التجاري    النائب أيمن محسب يطمئن الأطباء: قانون إدارة المستشفيات سيحسن أوضاعكم ويضاعف دخلكم    زيادة غازات البطن، أهم أعراض آلام القولون وهذه أسبابها    ديميرال أفضل لاعب فى مباراة النمسا ضد تركيا ب يورو 2024    البابا تواضروس يشارك في احتفالية تخريج دفعة جديدة من دبلومة المشورة    ضبط 64 حالة سرقة وصلات مياه الشرب بمركز سنورس والفيوم    مصرع سيدة بطلق ناري خلال مشاجرة بين طرفين بالمنيا    النائب أحمد مهنى: لدينا أمل كبير فى الوزارة الجديدة وأن يكون القادم أفضل    اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية الجديد.. السيرة الذاتية    من هي الدكتورة/ رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ؟(بروفايل)    خبير اقتصادي: التغيير الوزاري الكبير مطلبا شعبيا من المواطنين    المستشار ياسر البخشوان نائبًا لرئيس المجلس الأعلى للاقتصاد العربي الأفريقي    كيف تتجنب الإصابة بضربات الشمس؟ الصحة تجيب    الصحة: مبادرة العناية بصحة الأم والجنين تحقق انجازا كبيرا في فحص أكثر من 2 مليون سيدة    أول تعليق من مختار جمعة بعد رحيله عن وزارة الأوقاف    هل تصل الأعمال الصالحة إلى المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: سرقة الكهرباء منكر ومن لا يبلغ عنها شريك مع السارق    "ادعوا لي بالشفاء"- حمادة هلال يتعرض لوعكة صحية بعد العودة من الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون في الخارج
نشر في المصريون يوم 25 - 10 - 2010


عجيب أمر هذا الإنسان المصري ...
مهما غرّب وشرّق تظل مصر وأحوالها وناسها حاضرة في عقله وقلبه ووجدانه بصورة تعزّ أحيانا على التفسير، تحمله المواني والمطارات وتدفع به بلاد الله إلى بلاد الله، ويخالط جنسيات وأعراق، فما تزيده الغربة إلا تعلقا بوطنه، وحنينا إليها وحرصا عليها.
صحيح أنه تاريخيا لم تعرف مصر ظاهرة الهجرات الواسعة والاقتلاع من الأوطان الأولى واستوطان أخرى بنية الإقامة الدائمة وعدم التفكير في الرجوع إلى الوطن الأم، ككثير من أهل البلدان العربية (خاصة إخواننا الشوام، واللبنانيين منهم على وجه أخص) الذين نراهم في غربتهم قد أحرقوا مراكب العودة إلى الوطن ولم تعد تمثل أوطانهم في مشاريعهم إلا مكان ميلاد تجاوزه الزمن، لا يفكر في العودة إليه إلا سائحا أو زائرا.
أما هذا المصري العجيب، هذا الكائن المعجون بحب موطنه الأول والحنين إليه دائم التفكير فيه يشغله حاضره ويحزنه أمره ويقلقه مستقبله. فهو أمر مختلف.
فما تحط رحالك في الحديث مع مجموعة من المصريين في الخارج إلا وترى هذا الحنين الجارف إلى مصر، ويظل محور الحديث هو وضع البلد: حالا ومآلا، إلى أين تسير؟ وما هي مآلات المستقبل، يشارك كل الحضور الحديث، يبث الآخرين أشجانه وهمومه، فمصر هي موضوع الكل والهمّ الغالب على الكل.
عجيب أمر هذا الإنسان المصري، هذا الكائن المعجون بحب موطنه الأول والحنين إليه.
مهما قست عليه بلاده فهي عزيزة، ومهما ضاقت بها سبل الرزق فهي القبلة والملاذ، حنين جارف وحب عميق وتعلق دفين في أغوار النفس الإنسانية، تظل مصر حاضره مهما غاب عنها، وتظل همومها مسيطرة حتى لو كانت أزماتها لا تشغله، يفرّق بين النظام الحاكم والكيان الجمعي والاجتماعي للدولة المصرية، يدرك أن الحاكمين لم يكونوا على المستوى المطلوب للنهوض بالبلد، بل كثيرا ما ترى لسان حالهم يقول: إن مصر بلد منكوب بحكامه.
يتابع المصريون في الخارج أزمة عمّال مناجم شيلي فتقتلهم الحسرة على من قضوا نحبا في عبّارة غيرة مجهزة لحمل أية كائنات حيّة وليس بشر فقط، أو ساكني الدويقة والمقطم وقد انهدم الجبل فوق رؤوسهم، وخرّ عليهم السقف من فوقهم، أو من ماتوا حرقا في قطار الصعيد أو غرقا في سيل أو هدما تحت أنقاض مباني لا تحمل الحد الأدنى من شروط الأمان والسلامة، بعدما ارتشى الكل (المهندس والمقاول وموظفو الحيّ) إلا من رحم الله وقليل ما هم.
افتقاد كامل للدولة وأجهزتها ولا نقول لقادتها فما عدنا نشعر بهم أو نحس أن هناك قائد حقيقي لهذه البلد بل مجموعة من المسيرين (بكسر الياء وفتحها وهم للثانية أقرب).
يتحسر المصري في الخارج على هذه الدولة التي أسقطته من حساباتها بل تراه عبئا قد انزاح من على قلبها (فزيادة السكان في عقل النظام المصري الحاكم هم سبب بلاؤه الأول والأخير وهم من يضيعون معدلات التنمية التي يحققها).
يعود المصري في الخارج من قضاء أجازته فيها وهو أشد مقتا لهؤلاء الذين يبتزونه في المطارات والمواني وفي كل شباك لمعاملة حكومية روتينية مع أحد أجهزة الدولة، دولة الجباية، هذه الدولة المهترأة إلا من جهازها الأمني الجبار الذي يحمي أمن الحاكمين وليس أمن المواطنين، فأمن الدولة هو أمن النظام الحاكم أو الحاكمين وليس أمن الدولة المصرية بما هي كيان جمعي أسبق من الحكام وسيبقى بعد زوالهم.
لقد فقد المصري قيمته في الخارج بعد أن فقدها في الداخل وهان على الآخرين بعدما هان على دولته ونظامه.
إن دولة الفلبين وهي كما نعرف ليست دولة عظمى ولا من دول العالم الكبرى ينال رعاياها في الخارج ما يحسدهم عليه المصريون، رغم أن العمالة الأساسية للفلبين هي الخدم (مع تقديرنا الشديد لكل المهن الشريفة) لكن دولتهم تعلم كيف ترعى حقوقهم وتحمي عقودهم وتدافع عنهم بكل ما في وسعها من جهد وطاقة، وأندونيسيا رغم ظروفها السيئة من كل النواحي تفرض حظرا على عاملاتها في مجال الخدمة المنزلية من العمل في بعض البلدان في الخارج وتشترط شروطا تحفظ بها حقوقهن.
دائما ما تدمي المقارنة قلوب المصريين في الخارج، مقارنة بين أحوالهم كمواطنين في دولة أسقطتهم من حساباتها وبين أحوال المواطنين الآخرين من مختلف الدول والجنسيات.
وأحسب أن كثيرا تألم المصريين هذا نابع من حب دفين لهذه البلد، ففي بلاد الغربة يحل كل واحد مشاكله بأسلوبه الخاص وبقدر ما أتاه الله من فرص وإمكانات، وإن كان المصري في الخارج لمّا هان على دولته ولم تعد تشكّل له أي مصدر للحماية أو الملاذ، هانت على كثير منهم أنفسهم فأصبحوا يعطوا الدنية في كرامتهم ويقبلوا ما لم يكن يقبلوه من قبل، ولسان حالهم يقول: أن الأمرّ الذي رأوه في بلدانهم هو الذي رماهم على هذا المرّ.
آخر الكلام:
في قصيدته الرائعة "ماذا أصابك يا وطن" وهي قصيدة فجرتها حادثة العبّارة سالم اكسبريس (ألم أقل في مقالي السابق أن تجاربنا مع العبّارات والسفن أليمة) يقول الشاعر الكبير فاروق جويدة:
عمي فرج‏..
‏بين الضحايا كان يغمض عينه
والموج يحفر قبره بين الشعاب‏.‏
وعلى يديه تطل مسبحة
ويهمس في عتاب
الآن يا وطني أعود إليك
توصد في عيوني كل باب
لم ضقت يا وطني بنا
قد كان حلمي أن يزول الهم عني‏..
‏عند بابك
قد كان حلمي أن أرى قبري
على أعتابك
الملح كفنني وكان الموج أرحم من عذابك
ورجعت كي أرتاح يوما في رحابك
وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك
فبخلت يوما بالسكن
والآن تبخل بالكفن
ماذا أصابك يا وطن‏.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.