"التحالف الوطني لدعم الشرعية وكسر الانقلاب يدعو جميع القوى الثورية والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية للدخول في حوار عميق حول: أ كيفية الخروج من الأزمة الراهنة وسبل إنهاء الحكم العسكري والحفاظ على وحدة الوطن والشعب. ب الاتفاق على الترتيبات المستقبلية اللازمة لإقامة دولة ديمقراطية وطنية حديثة بعد كسر الانقلاب وبمشاركة جميع أبناء مصر". .. هذه السطور هي نهاية المبادرة التي طرحها " تحالف دعم الشرعية " لحل الأزمة السياسية وقد نقلتها بالنص، وأقول التالي: - أنا من أشد الراغبين في الحوار وصولاً إلى حل سياسي جاد وحقيقي للأزمة التي تزداد تعقيداً مع كل يوم يمر من دون الدخول في هذا الحوار. - استمرار الأزمة يعني استمرار تردي الأوضاع وتعطل إنقاذ الاقتصاد والسياحة والاستثمار والأخلاق أيضاً التي تنهار في الشارع وفي بيئات العمل وفي كل مكان وحتى في الخارج حيث صار المصريون منقسمين ويدخلون في اشتباكات وخصومات عنيفة. - بقاء الأزمة يعني بقاء الإجراءات الأمنية القاسية التي تسيء لاسم وسمعة مصر خارجياً وتتسبب في حصول أضرار ومظالم داخلية وتعصف بأهم منجزات ثورة 25 يناير في الحرية والكرامة الإنسانية. - البلاد مقبلة على استحقاقات مهمة مثل الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية ويجب أن يتم بناء المسار الديمقراطي بشكل يحظى بتوافق وطني واسع حوله هذه المرة ويصعب أن تتأسس الديمقراطية المنشودة بينما هناك أطراف سياسية وشعبية مهمة خارج إطار هذا التوافق، فذلك سيجعل العملية السياسية كلها ناقصة ولا تكون تعبيراً صادقاً عن المشهد السياسي والشعبي والمجتمعي في مصر. - منذ ثورة يناير وحتى اليوم ومروراً بالموجات الثورية المختلفة لم يتحقق أي هدف من أهداف الثورة بل ساءت الأوضاع على كافة المستويات والكتلة الحرجة الكبرى في الشعب تعاني أشد المعاناة من مصاعب الحياة والعيش حتى بعد 30 يونيو وعزل مرسي وهؤلاء لهم طاقة وقدرة على الصبر والاحتمال وإلا سيكون الانفجار مروعاً. - لن تستطيع جماعة الإخوان وأنصارها كسر السلطة المدعومة بالجيش والشرطة والمؤسسات الأخرى وقطاعات شعبية واسعة كما لن تستطيع السلطة القضاء نهائياً على جماعة الإخوان والإسلاميين لأن الأيدولوجيات لا يمكن استئصالها وفي ظل هذا الصراع الذي يتخذ أشكالاً دموية وإجراءات استثنائية فإن الوطن يتعطل ويتجمد ويضيع وقت ثمين سنندم عليه بعد ذلك. - المصريون وصلوا إلى مرحلة من السخط على ما يحصل منذ نحو 3 سنوات حتى أنهم قد يندمون على قيام الثورة وموجاتها التي لم تجلب لهم أي تحسن اقتصادي أو أمني وبالتالي فإن الحنين قد يأخذهم إلى أيام مبارك وهذا شعور خطير لأنه يعني أن مشروع الديمقراطية يفشل لصالح مشروع الاستبداد والحكم الفردي الذي قاد مصر إلى الإخفاق على كل الصعد وتبقى الديمقراطية مهما كانت نتائجها هي الأفضل لبناء بلدان ومجتمعات ناهضة متطورة فيها مواطنة ومساواة وشفافية ومحاسبة وبلا فساد ومن دون فرعونية. يمكن أن يقال الكثير حول ضرورات الحل السياسي والدخول في مصالحة وطنية لكن مبادرة تحالف دعم الشرعية تلف وتدور وتتحدث عن أشياء تستفز الطرف الآخر مثل إنهاء الحكم العسكري وكسر الانقلاب وعودة الشرعية الدستورية ، وثورة الشعب، علماً بأن الحديث باسم الشعب أمر مبالغ فيه، ودعوة القوى السياسية والثورية للحوار رغم فقدان الثقة تماماً بين الطرفين. لا أظن أن السلطة والقوى المتحالفة معها ستقبل بشروط أو طروحات بهذا الشكل وفي هذا الوقت، لكن إذا كان منطق التحالف الحفاظ على ماء الوجه أمام جمهوره وعدم البدء بتقديم تنازلات وطرح أقصى المطالب باعتبار أن الحوار سيقود إلى تقديم تنازلات فهنا يمكن تفهم ما ورد في المبادرة التي لا تعترف بواقع جديد يفرض نفسه حتى لو كانت أوضاع البلاد تسوء، لأنه بالمقابل سبق ورفض مرسي والإخوان حتى اللحظة الأخيرة الاستجابة الجادة لمطالب المعارضة دون الوضع في الاعتبار أحوال البلاد والعباد التي كانت تسوء أيضاً، حرب تكسير العظام مارسها كل طرف تجاه الطرف الآخر قبل أن يتبادلا قسرياً المواقع من السلطة للمعارضة والعكس. لا أعلم كيف يمكن الخروج من الأزمة سريعاً ومن دون تلكؤ، بل لا أعلم ما هي الوصفة السحرية التي يمكن أن تجعل الإخوة الأعداء يغلّبون المصالح الوطنية العليا ويجلسون أولاً مع بعضهم البعض ثم يتحاورون؟!. ومع ذلك فلابد من الخروج من هذا النفق شديد الظلمة، فهو ضرورة تاريخية حتمية، ولن يحدث ذلك إلا بعد توقف المزايدين عن مزايداتهم، والمفلسين عن تصعيدهم الكلامي، والمنافقين عن تزلفهم المقيت، والوحيد القادر على نزع لغم أخطر قنبلة تهدد مصر هو وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ولا أحد غيره، فهل يفعلها، ومتى؟!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.