من أخطر آفات« الدولار »في دنيا الناس ، أن تدفع ملياراته : بعض أصحابها إلى أن يفقدوا رشدهم ، ويلتحفوا بحماقاتهم؛فينزلون أنفسهم من الناس منازل تستند إلى : أصول من حجم استثماراتهم ،وأرصدتهم البنكية ، وعدد الشركات والموظفين، وحجم النفوذ والتسهيلات داخل دهاليز دولة الفساد !، لا إلى أصول من قيمهم وأخلاقهم أو أرصدتهم الثقافية أو الفكرية أو العلمية المتدوالة ؛وكذلك ينزله الطامعون المهرولون المنبطحون من أنفسهم : منزلة تسنتد إلى القيمة النقدية التي يمتكلها، لا إلى القيمة الفكرية والثقافية والعلمية التي على الأغلب لا يمتلكها ؛ فإذا نطق هذا «المليادير » ، نطق حماقة صريحة وهو لايبالي ،لماذا ؟ ! ؛ لأن حماقته مشفوعة عند نفسه بعبارة ضمنية : « حماقة كلماتي تبددها حكمة ممتلكاتي !!» ، وعند «شلة المنتفعين والطامعين» بعبارة ضمنية أخري : « حماقة كلماته تبددها حكمة عطاياه وهباته !!» ؛ خاصة إذا شملت الممتلكات : «الميكروفون » وحامله ومحموله ،وملحقاته التكنولوجية والبشرية ..!!، ومع الاستمرار والتكرار؛ يصدّق «المسكين » نفسه ،وبالطبع لن يعدم من يزعم تزلّفا من شلة «المطبّلين » أنه يصدّقه ؛بل ومعجب بإخلاصه وحكمته وبُعد نظره وعبقريته.. !إلى حد استضافته كل شهر مرة تقريبا في قنواته و قنوات الدولة الرسمية وغير الرسمية ؛ فيهين بالصوت والصورة الرموز الثقافية والقكرية والقضائية : يسب الدين مرة ، ويتوعد أحد منتقديه بأمه مرة ، ويمنح الدكتوراة ومعها رضاه لصعلوك مرة ، ويحجبها عن عالم وفقيه جليل مرة ، ويهدد في حال لوكان رئيسا للجمهورية أن «يجيب» أحد أفراد حماس من قفاه!! وأن يرسل للسودان طائراته للانتقام ممن حاولو اغتيال الرئيس !!!...وهكذا يهين من خلال أبواقه وأبواق الدولة الوجدان الجمعي لمن أنابوا الدولة عنهم لحماية مصالحهم وثقافتهم ووجدانهم ورموزهم ..!! نعم قد تدعم المليارات في صاحبها طبيعة النفس التجارية التي منّ الله عليها بها ، وقد تخلف عقلا يبدع موازنة أو ميزاينة ، أما أن تصنع المليارات بمجرد امتلاكها من صاحبها : نفساإصلاحية ! ، أو عقلا حكيما! ، أو فكرا مثقفا !،أو زعيما سياسيا ، أو عالما متبحرا ، أو أن تمنحه أو يمنح صاحبها نفسه حق منح الجوائزوالشهادات لمن لا يستحقونها !!وحجبها عن علماء أجلاء !، أو حق تحديد مستوي الجرعة المناسبة من التدين أوالاعتدال أو السخرية من المظهر الإسلامي ، أوالاستخفاف بالمادة الثانية من الدستور ؛ لا شك أن من يعتقد في ذلك يدخل نفسه في دهاليز الحماقة التي أعيت من يداويها ..! وأن من يعتقد أن ملياراته تمنحه هذه المنزلة أو القدرة ؛ فقد أنزل نفسه منزلة يتعرف الحكماء على العظما ء بها ، كمايتعرفون على الكبير بالصغير أو الأمير بالخفير أو أمثال الدكتور العوا بأمثال من حجب عنه لقب مفكر أو دكتور ...!!. وقد تدفع المليارات : « الملياردير » إلى الاهتمام بالأحداث الجارية فى بيئة أعماله الخارجية بكافة مجالاتها؛ فهذا مما تلزمه به مقتضيات الكفاءة والفعالية التخطيطية والاستثمارية و الإدارية فى تحقيق أهدافه؛ وما يلزم معه أيضا أن يكون متابعا جيدا للأحداث والفعاليات والبرامج الحوارية بمختلف القنوات ، ولا بأس أن يعبر عن وجهة نظره في شئون بلاده في برنامج حواري هنا أوهناك ، أوأن يدشن منظومته الإعلامية الخاصة به ، فيعلن بها وجهة نظره ، فيتفق أو يختلف وفق الآداب المتعارف عليها ، ودون أن يتخطى حدود الذوق والأدب والاحترام فى التعاطى مع المعتقدات والقيم والمظاهر الاجتماعية للأغلبية الساحقة من الجماهير. أما أن ينصب نفسه مسئولا أو زعيما سياسيا أو مرشدا ؛ و يطلق لسانه فيما يلزمه الخلق القويم والذوق بحبسه ، ويعلن أن الهدف من إنشاء منظومته الإعلامية هو مكافحة المد الدينى، والذى يعرف الجميع أن المقصود به هو المد الإسلامى، وأن يبشرنا أحد حواري السيد الملياردير : بأن هذه المنظومة الإعلامية : سوف تكافح شيوخ الزوايا المقامة في «الجراجات» !بأفلام «أنجلينا جولي» ! أومقالات «نادين البريك»! أو«الفتاة اللهلوبة» مقدمة البرامج الشبابية!! ويسخر من كون الشباب سيفتقدون لمن يعلمهم الدخول إلى دورة المياه!!! وكأنه ليس هناك منتجاب لصبغة الله عند هؤلاء الجهلة إلا شيوخ الزوايا المقامة «بالجراجات» ،أو كيفية دخول دورة المياه! أوكأن مكافحة التطرف المزعوم ويعلم الله أنهم لهم المتطرفون لا تكون إلا بالتحلل وليس باللجوء إلى الأئمة العدول والعلماء الثقات ووسطية الإسلام....وعلي مايبدو فإن المستهدف ليس هو الإسلام فحسب ولكن كل قيمة أخلاقية إنسانية .!! وجميل أن يكون الملياردير مصريا وأن يدلي برأيه باعتباره مواطنا مصريا حول كل شئون الوطن ، وحول الدستور المصرى، أما أن يعلن رفضه لاعتبار مبادئ الإسلام مصدرا للتشريع، ومطالبته بعلمنة الدستور فى دولة إسلامية وهو غير مسلم ويحمل الجنسية الأمريكية ، وتصريحه أكثر من مرة بمخالفة كل من قال بصلاحية مبادئ الشريعة كمصدر للتشريع، فإننا نكون أمام نوع من الاستفزاز والتحدى والتجاوز بل والجراءة التي تتناسب مع الوسام الفرنسي برتبة فارس ..!! جميل أيضان أن يدلى السيد الملياردير, أو أحد حوارييه من جماعة الليبراليين الجدد أو المنتفعين الجدد برأيه فى شأن من الشؤون المصرية باعتباره مواطنا مصريا، أما أن يتخذ هو أو أحد حوارييه من الكتاب والمفكرين أو المقدمين والمقدمات : من الجنسية المصرية ذريعة ؛ يتذرعون بها لتجريف هوية المصريين وحضارتهم وثقافتهم، وكأنهم يريدون تحويل المصرية إلى معول هدم للإسلام ومظاهره القيمية والاجتماعية، بعد أن كانت ومازالت مصر والمصريون قلعة من قلاع الإسلام بل والمسيحية وحصنا من حصونه، فإننا بهذا نكون بصدد مؤامرة أيديولوجية طائفية تتجاوز مسألة الوطن والمواطنة إلى جريمة احتيال تهدف إلى حمل المصريين على الانسلاخ من دينهم وهويتهم . إنه لامانع لدينا أن نفتخر كما يفتخرون، وأن نتغنى كما تتغنى جماعة الليبراليين الجدد! أو المنتفعين الجدد! بالأعمال الاستثمارية وكذلك الخيرية التي بشرنا بها السيد الملياردير المؤمن والمخلص !! ، ولامانع أيضا أن نتغني كما يتغنون بكرم من يعملون في خدمة الاقتصاد المصرية إذا كانت الخدمة حقيقية وجادة أو يعملون لمكافحة البطالة إذا كانت المكافحة جادة وصادقة النوايا !. ولكن لدينا ألف مانع ومانع أن يكون ثمن المال والاسثمار بالمليارات أوالأعمال الخيرية التي نُبشّر بها ليل نهار أو مكافحة البطالة هو : أن نتخلي عن ديننا أو قيمنا أو تراثنا أو أن يكون المال والأعمال الاستثمارية والخيرية هي بمثابة رشوة اجتماعية أو نفسية تستغل معاناة الناس ، وتغريهم بالرفاهية الاقتصادية على طريقة مايحدث بالضفة الغربية مقابل التنكر لتاريخنا والتغاضي عن حضارتنا أو عن ديننا ..!! ليس من المعقول أو المقبول أو المستساغ : لأنه « ملياردير » ولد لأم مصرية وأب مصري وعلى أرض مصرية ، ليس من المقبول تحت زريعة : أنه مصرى، ومواطن مصرى، ويخدم الاقتصاد المصرى، وناجح داخليا وخارجيا أن يقول لا للمادة الثانية في الدستور أولا أو أن ينصب نفسه متحدثا باسم الإسلام، أو أن يسمح لنفسه أن يعلمنا ديننا!!؛ فيبين لنا ما هو حد الاعتدال وما هو حد التطرف،ومن هو الدكتور والمفكر ومن هو صاحب الروح الجميلة أو الكريهة ، ومتى نتوقف، ومتى نسير، وما هى حدود الجرعة المطلوبة من الالتزام، وما هو مدى المد الدينى المسموح به أو غير المسموح، فهذا ليس من شأنه من قريب أو من بعيد ، لأنه ببساطة فاقد الشيء لا يعطيه ، خاصة إذا كان هذا «الملياردير» تفضحه نزعته الطائفية و يحمل الجنسية الأمريكية وصديقا حميما لدحلان الذي هو بدوره صديقا لدايتون وماأدراك مادحلان ؟ وما أدراك ما دايتون ؟ثم ماأدراك بمن يصادقهم ؟ أوليس المرء على دين صديقه !!؟ . إن المليارات إذا ما تلبست أربابها حالة من مجافاة الرشادة فأنزلو أنفسهم منزلة قدرتهم على شراء الأشياء والناس ؛ لاشك أنها تكون خطرا على الاجتماع والسياسية والاقتصاد ، أماإذا ما تلبست أربابها مع ما سبق االروح الطائفية والنزعة الاستقطابية والمقاصد السياسية المشبوهة ، فانطلقوا يتداولون على هدي من مشروع ثقافي تغريبي علماني وبرنامج معد سلفا ؛يهدف إلى تجريف الهوية وبعثرة الثقافة ، وإضاعة الدين فإن «المليارات» مع هكذا «مليارديرات» تكون أشد خطرا وأعظم أثرا ..... ونحن وإذاكنا الآن نبكى هواننا الثقافي والحضاري ، وغربتنا عن مقاصد ديننا ، وحال مصرنا، فى ظل تبعية، وطغيان، وتخلف، وفساد غير مسبوق فى رحاب مصر التي كانت ، فمن المتوقع أن نبكى على هذا الحال الذي نبكيه اليوم ، فى حال تمكنت تلك المليارات الطائفية ذات النزعة التجريفية ، من هويتنا وحضارتنا وثقافتنا ومصيرنا ؛ ساعتها قد نسلي أنفسنا ،في نهار رمضان! إذا بقي لنا رمضان وغير رمضان ، بحكايات عن : «الهنود الحمر»!!. الحرية هي الحل . [email protected]