سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. "المصريون" في "مغامرة" البحث عن أنبوبة
مغامرة 9 ساعات للحصول على أنبوبة بوتاجاز بالسيدة عائشة سيدة حامل في الشهر التاسع تقف من الصباح الباكر.. وزميلاتها في الطابور: "احمدي ربنا إن ابنك لسه في بطنك".
الحصول على "أنبوبة" بوتاجاز.. بات حلمًا يراود كل ربة منزل خلال هذه الأيام يتطلب الوقوف لساعات والانتظار لأيام أملاً فى الحصول على أنبوبة الأحلام.. في ظل معاناة المواطن فى الحصول عليها بطريقة آدمية تحترم إنسانيته وتراعى ما تبقى من كرامته المهدرة فى كل الطوابير. البعض يستيقظ من الفجر ليحفظ مكانه وسط الحشود أمام مستودعات البوتاجاز، والبعض الآخر يدخل معركة بقاء يكون فيها الاستمرار للأقوى، مَن يصمد أطول فترة ممكنة وسط الركلات والإهانات يحصل على الأنبوبة. معاناة قد ترصدها وسائل الإعلام فى لقطة مصورة أو مقطع فيديو يشاهده أحد مسئولي الحكومة ليخرج معلقًا عليها فى تصريح يتضمن بعض الكلمات غير المجدية للمواطن الذى يظل فى الشارع لأكثر من 12 ساعة أملاً فى الحصول على أنبوبة, حيث يظل رب الأسرة الانتقال من مستودع إلى آخر يذوق المر من أجل الفوز بأنبوبة بوتاجاز بسعرها المدعم بعيدًا عن جشع تجار السوق السوداء الذين رفعوا سعرها إلى 50 جنيها كي تتمكن أم من إعداد الطعام لصغارهما أو يتمكن أب من تناول كوب شاي بعد عناء يوم كامل فى عمله. وقد خاضت محررتا "المصريون" رحلة المعاناة للحصول على أنبوبة بوتاجاز مع ربه منزل تدعى "الحاجة أم قدري"، وهي امرأة بسيطة زوجها متوفى منذ أكثر من 10 أعوام لديها بنتان وولد ولا تعمل تعيش من معاش زوجها الموظف الحكومي والذي لايتعدى 500 جنيه. بدأت الرحلة من أحد المنازل القريبة من مستودع أنابيب بالسيدة عائشة، وبالرغم من الوصول فى ساعة متقدمة من الصباح فإن نظرات الجميع تتساءل: لماذا هذا ألتأخير فبعضهم جاء فى الساعة الثانية صياحا وأقضى ليلته أمام المخزن من أجل الوقوف فى أول الطابور.. هنا مئات من البشر اختلفوا فى الأعمار والشكل والملبس والنوع لكن جمعهم شيء واحد هو الفقر الذى دفعهم للانتظار فى طابور لا يعلمون موعد انتهائه من أجل الحصول على أنبوبة مدعمة ب20 جنيهات بدلا من 50 جنيها. انتظار محررتي "المصريون" لساعات طويلة فى الطابور فتح الباب لحوار مع العديد من ربات البيوت اللاتي تركن منازلهن وأطفالهن بحثًا عن الأنبوبة, من بين هؤلاء سيدة فى نهاية العشرينات من عمرها جاءت إلى المخزن فى السابعة صباحًا تبحث عن مكان لها، بعد أن استقر بها الحال فى هذا المخزن بعد جولة أخرى بدأتها فى الخامسة من صباح نفس اليوم زارت خلالها ثلاثة مخازن أخرى، وفشلت فى الحصول على أسطوانة بسبب كثرة أعداد الناس فيه ونفاد الكمية المتاحة من الأنابيب. تقول وفاء على مدار أسبوع كامل "لم أقم بإعداد وجبة أو حتى كوب شاي في منزلي بسبب الأنبوبة الفارغة وأضافت كنت أنزل كل يوم خلال هذا الأسبوع إلى المخازن القريبة من بيتي لكن مع الأسف كنت أرجع فاضيه، عيشنا على علب الكشري طول الأسبوع بشكل أرهق زوجي ماديًا". حلم الحصول على أنبوبة بوتاجاز جعلها تغامر بحلمها الأكبر ألا وهو أن تكون أمًّا لأول مرة، إذ اضطرت وفاء الحامل فى شهرها التاسع إلى النزول بأنبوبة البوتاجاز من الطابق السادس فى بيتها الذى يبعد عن مستودع الأنابيب حوالي 300 متر، سارت على قدميها تحمل الأنبوبة فوق رأسها. والغريب أن مشهد وفاء الحامل والتي كانت تتألم بشدة من الوقوف تحت حرارة الشمس لم يدفع أحدًا للتعاطف معها.. السيدات اللاتي سبقنها فى المجيء إلى الطابور قلن لها "احمدي ربنا إن ابنك لسه فى بطنك.. إحنا سايبين عيالنا فى الشارع". ترد وفاء "كل شىء يهون من أجل الحصول على أنبوبة البوتاجاز". ارتفعت الشمس فوق رؤوس الواقفين، واضطر الجميع للانتقال بالأنابيب إلى اليمين تارة واليسار تارة أخرى، فى محاولات لاهثة لإيجاد مكان بعيد عن الشمس, لم يستسلم المنتظرون فى الطابور لساعات الملل بل حاولوا التغلب عليها بتناول بعض المشروبات كالشاي والقهوة والتمر، وشراء ساندويتشات الفول والطعمية كوجبة إفطار فى الشارع فوق أسطوانات الغاز. تمر الساعات ويخرج الأطفال من مدارسهم ويحضرون إلى طابور الأنابيب ليرافقوا أمهاتهم في رحلة المعاناة والبحث عن أنبوبة. الثالثة عصرًا.. وبعد طول انتظار أعلن صاحب المخزن عن بدء العملية بإلقاء كلمة السر الذى بعثت أمل يشبه انتصار أكتوبر قائلاً للواقفين: "اعدلوا الطابور العربية جاية فى السكة".. وقف الجميع وفتح باب المخزن ووقف أحد العاملين يوزع كوبونات على ألواقفين كلٌّ حسب دورة بينما دفع أصحاب الأنابيب 20 جنيهات، وسلموا الكوبون للمستودع وراحوا يقفون فى طابور آخر، لكن الحصول على الكوبون لم يكن هو نهاية ساعات الانتظار؛ حيث انتظروا ساعتين كاملتين بعد الحصول على الكوبون، حتى وصلت العربة. توقف كل ذلك مع فتح باب العربة وبدأ الجميع فى الاندفاع للحصول على الأنبوبة بينما يلقى أحد العاملين بالأنابيب من العربة إلى الأرض. ووقف شخص آخر ممتلئ الجسد، يفرق بالقوة طوابير السيدات والرجال، ويسمح بمرور السيدات من أسفل ذراعه بحيث تمر 5 سيدات ثم 5 رجال بالتناوب لمقدمة العربة، ليحصل كل واحد على أنبوبة مقابل تسليم الكوبون. وينطلق كل منهم حاملاً أنبوبته ليركب أول "توك توك" ويعود إلى بيته سعيدًا بالحصول على أنبوبة بعد رحلة امتدت إلى رحلة امتدت لأكثر من 9ساعات.