هيمنت أجواء من التوتر على جريدة "الدستور" أمس مع دخول مجموعة من الصحفيين في اعتصام مفتوح احتجاجًا على القرار الذي صدر في وقت متأخر مساء الاثنين بإقالة رئيس تحريرها إبراهيم عيسى، في خطوة أثارت تكهنات حول أسبابها، وتعددت الروايات حولها من أطرافها المختلفة. وتقول مصادر، إن القرار يبدو متعلقًا بعملية "تدوير" لمنصب رئيس التحرير بعد أن انتقلت ملكية الجريدة من الناشر عصام إسماعيل فهمي إلى الدكتور سيد البدوي شحاتة رئيس حزب "الوفد" ورجل الأعمال رضا إدوارد، وإن الانقلاب المفاجئ مرتبط بصراعات سياسية بين الجناحين المتصارعين بالحزب الحاكم، لكونه من المعروف أن عيسى محسوب على صفوت الشريف الأمين العام للحزب. وكان الشريف قد لعب دورا رئيسيا في عودة "الدستور" في مارس 2004، بعد أن أسس ناشرها شركة لإصدارها، بعد توقف استمر ست سنوات إثر إلغاء طبعها في مصر، حيث كانت تصدر منذ نهاية 1995 برخصة قبرصية إلى أن توقفت عن الصدور في عام 1998 بعد رفض السماح لها بالنشر. وكانت هناك قنوات للتواصل بين الشريف وعيسى حتى في أكثر الأوقات التي بدا فيها الأخير شرسًا في هجومه على النظام، حيث يعتقد مراقبون أن كتاباته التي كانت تنتقد بشدة "سيناريو التوريث" في مصر لصالح جمال مبارك، قد تفسر خلفيات ودوافع القرار، خاصة في ضوء ما يتردد عن صفقة محتملة بين البدوي ومجموعة "السياسات" في الانتخابات البرلمانية المقبلة لكن عيسى عزا إقالته إلى رفضه منع نشر مقال للدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن حرب أكتوبر 1973، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن مالكي الجريدة أبلغاه الاثنين بأنهما قررا إقالته بعد أن رفضا نشر مقال البرادعي يتناول حرب السادس من أكتوبر بمناسبة حلول ذكراها ال 37. وأضاف أن السيد البدوي ورضا إدوارد، "أبلغاني في ساعة متأخرة مساء الاثنين بقرار إقالتي وأوضحا أن القرار أبلغ رسميًا للمجلس الأعلى للصحافة"، وأوضح أنه أبلغ "بقرار الإقالة بعد ساعات من اتصال بيني وبين مالكي الجريدة طلبا مني فيه منع نشر مقال للبرادعي عن حرب أكتوبر"، وتابع: "اعترضت على عدم نشر المقال فطلبوا مني تأجيل النشر ليومين وبعد ساعات فوجئت بقرار الإقالة". وقال صحفيون معتصمون إن رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للصحيفة رضا إدوارد توجه إلى مقر الجريدة في الواحدة صباحا وطلب منهم فض الاعتصام وعندما رفضوا طلب من أشخاص اصطحبهم معه تفكيك كل أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم في إعداد الجريدة للطبع ونقلها من مقر الصحيفة إلى مكان لا يعلمونه. يأتي ذلك في الوقت الذي فجر فيه البدوي مفاجأة من العيار الثقيل بإعلان تنحيه عن رئاسة مجلس إدارة الصحيفة باعتبارها كانت رغبته الشخصية منذ البداية قبل أن يضطر الى تولى المنصب بعد نصيحة من المحيطين لأن إسمه سيمثل إضافة للصحيفة، على حد قوله. إلى ذلك، دافع السيد البدوي في مؤتمر صحفي ظهر الثلاثاء عن قرار إقالة إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير الصحيفة، مشيرا إلى أنه رفع راتبه ليصل إلى 75 ألف جنيه شهريا ولن يخضع لابتزاز أحد من الصحفيين في الأزمة المثارة حاليا. وأكد البدوي، أن إجمالي رواتب العاملين في "الدستور" ارتفعت من 280 ألف جنيه إلى ما يقرب من 800 ألف جنيه، وأن المساهمين في الجريدة انزعجوا من قرارات رفع رواتب العاملين، لاسيما مع ندرة الإعلانات ووصول إجمالي نفقات الجريدة في الشهر إلى مليون جنيه. ونفى البدوي أن يكون مقال الدكتور محمد البرادعي حول حرب أكتوبر سببًا في إقالة عيسى، وأضاف: فوجئت قبل أيام بأحد المساهمين يبلعنى بأن هناك مقالاً للدكتور محمد البرادعي سينشر في "الدستور" ضد القوات المسلحة، وطلبت من عيسى أن أطلع على المقال ووجدته لا يحمل أي إساءة للقوات المسلحة ووافقت على نشره.