تراجع التفاؤل الذي ساد الأجواء المصرية – السورية، لإنهاء القطيعة المستمرة بين قيادتي البلدين منذ عام 2006، والتي كان مقررًا أن تترجم بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى مصر، كما أكد في تصريحات على هامش القمة العربية في مدينة سرت الليبية في مارس الماضي. ويقول محللون إن استمرار التدهور في العلاقات بين القاهرة ودمشق يقف وراءه "فيتو أمريكي"، بسبب تحفظ واشنطن على تطوير هذه العلاقات، بسبب التحالف السوري – الإيراني الذي يقف عقبة أمام طي صفحة الخلافات وإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين المحوريين بالمنطقة. يأتي ذلك على الرغم من استعادة المملكة العربية السعودية علاقاتها مع سوريا، وتحقيق المصالحة بين قيادتي البلدين، بعد زيارة نادرة قام بها العاهل السعودي الملك عبد الله بين عبد العزيز والرئيس السوري إلى بيروت. وأفادت مصادر مطلعة، أن دولا عربية عديدة أبدت استغرابها من استمرار الفتور في العلاقات بين مصر وسوريا وانتقدت عدم توجيه القاهرة دعوة للرئيس الأسد لزيارة مصر، لتقديم التهنئة للرئيس مبارك على نجاح العملية الجراحية التي أجراها في ألمانيا في مارس الماضي. وتحدثت المصادر عن خلافات شخصية بين القيادتين تحول دون تطبيع العلاقات، منها انتقاد الرئيس الأسد لموقف من حرب لبنان في صيف 2006، وتأخر سوريا في تقديم واجب العزاء في حفيد الرئيس في العام الماضي، لكنها اعتبرت الأسباب الشخصية عاملا ثانويا في التوتر الذي يهيمن على العلاقات بين البلدين، باعتبارها علاقات إستراتيجية ويحكمها مصالح وشراكة. وكانت العلاقات المصرية – السورية شهدت قطيعة على مستوى قيادتي البلدين منذ صيف 2006، على خلفية انتقادات وجهها الرئيس السوري لبعض الحكام العرب لموقفهم من حرب لبنان آنذاك ووصفهم ب "أنصاف الرجال"، ومنذ ذلك الوقت مرت العلاقات بأجواء توتر لم يبددها التفاؤل الذي ساد خلال الشهور الماضية بإمكانية عقد لقاء تذويب الخلافات. وخلال القمة العربية التي عقدت في مدينة "سرت" الليبية في مارس الماضي، صرح الرئيس السوري إن لقاءً كان مرتقبًا كان مقررًا أن يجمعه والرئيس مبارك على هامش اجتماعات القمة، لكن غيابه بسبب ظروفه الصحية حال دون إجراء هذا اللقاء، وقال إنه يخطط لزيارة مصر قريبًا. ورغم تراجع التفاؤل في الوقت الراهن، إلا أن المصادر رجحت انتهاء حالة الجفوة قريبا مع اقتراب انعقاد القمة الاقتصادية العربية المقررة بالقاهرة في أوائل العام القادم، لاسيما أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين مستقرة، وشهدت قيام وزير الصناعة والتجارة رشيد محمد رشيد بزيارة لدمشق خلال الشهور الماضية اعتبرها مراقبون مؤشرًا قويًا على تطبيع العلاقات. من جانبه، اعتبر السفير سعد عزام مساعد وزير الخارجية السابق استمرار التوتر بين القاهرة ودمشق غير مبرر وغير مفهوم، مقللا مما يتردد عن "فيتو أمريكي" لإعادة الدفء إلى العلاقات بين الجانبين، لاسيما أن السعودية قامت بتوثيق صلاتها مع سوريا دون أن تثير هذه المصالحة حفيظة واشنطن. لكنه أرجع استمرار القطيعة بين قيادتي البلدين إلى أنه لا توجد لدى كل من القاهرة ودمشق رغبة في إنهائها وتطوير مسار العلاقات، وهو ما اعتبره يشكل خسارة كبيرة لما كان يطلق عليه في السابق العمل العربي المشترك.