قبل ثورة 25 يناير 2011، كان جدل البديل لمبارك، يشغل الرأي العام، داخل مجتمع النخبة المصرية. الجدل كان يرجع إلى التوقعات باختفاء الرئيس الأسبق فجأة، بسبب الشيخوخة والمرض، لم تكن حتى ذلك الحين أية تكهنات تتوقع اندلاع ثورة على أكثر الأنظمة التي حكمت مصر قمعا ووحشية. كانت ثورة يناير تختمر في رحم الغيب، ولم يتوقعها أحد، لا في مصر ولا في غيرها.. ولذا ظل جدل البدائل ، مراوحا بين أشخاص وأسماء معينة. عيون المراقبين لم تبتعد عن ثكنات الجيش، حتى وهي تضع قائمة بأسماء الأشخاص المرشحين لتولي الحكم حال غاب مبارك فجأة عن المشهد السياسي. السبب ربما كان يرجع في الأساس إلى أنه ليس ثمة قوة منظمة قادرة على ملء الفراغ السياسي الذي سيخلفه مبارك، إلا الجيش، بل إن البعض طالب القوى السياسية المصرية، بوضع مدونة وطنية تشمل مطالبها، لتقدمها إلى "الجنرال" الجديد القادم من داخل المؤسسة العسكرية. كان هذا الكلام يتردد بشكل صريح حتى قبل يناير بعامين على الأقل، خاصة بعد سفر مبارك المتكرر إلى ألمانيا للعلاج، بالتزامن مع اتساع جبهة المعارضة لمشروع التوريث والتسريبات التي تحدثت عن "غضب مكتوم" داخل الجيش، من الدور السياسي المتزايد لنجل الرئيس الأسبق، فيما تحدثت تقارير أخرى عن الانقسام الحاد داخل عائلة مبارك، بشأن إسناد منصب الرئاسة لنجله من بعده. دخل آنذاك المنافقون على خط بورصة الترشيحات، خاصة النخبة الإعلامية وعدد من المثقفين الذين أجادوا رياضة امتطاء كل الموجات .. والأكل على كل الموائد، حيث نظمت حملات دعاية لجنرالات الجيش والمخابرات الكبار، لتولي منصب الرئاسة بعد مبارك، حيث تحدث الإعلاميون والمثقفون وبتبتل شديد عن كفاءة ونزاهة ووطنية وديمقراطية أحمد شفيق، وأنه الأنسب لخلافة مبارك.. ولما ضاع منه المنصب، بتولي رئاسة الوزراء .. انتقلوا إلى حمل المباخر والدعاية لرئيس المخابرات الأسبق الراحل عمر سليمان وهاجموا الثوار ونعتوا ميدان التحرير بكل النعوت القبيحة والمسفة والمبتذلة ودافعوا عن قتل الشاب في الميادين أو في مقار الشرطة.. وبعد نجاح الثورة ، انتقل نفس الإعلاميين والمثقفين، إلى مدحها وتكلموا عنها بإعجاب حتى باتوا بتراكم المديح والإطراء عليها، وكأنهم قادتها الحقيقيون.. وكالوا الاتهامات والشتائم لشفيق وسليمان.. واعتبروهما "فلولا" من أعداء الثورة! بعد تنحي مبارك، وتولي المجلس العسكري الحكم، يوم 11 فبراير 2012، تصدت نفس النخبة الإعلامية والمثقفين مشهد الدعاية للمشير طنطاوي رئيسا للجمهورية، وإن تعفف هو عن تولي المنصب، فليتقدم إليه الرجل الثاني بالجيش الفريق سامي عنان.. ونظمت قصائد المديح في الرجلين وخاصة في عنان، باعتبار أن الأخير يملك كل المؤهلات التي تجعله الرئيس الأنسب وطالبوه بإلحاح للترشح لأول انتخابات رئاسية بعد الثورة.. قائلين أن المنصب " في جيبه" ومضمون! هذه الأيام.. نشر الفريق سامي عنان، مذكراته والتي تحدث في جزء منها، عن ثورة يناير.. فتصدت له ذات النخبة التي كانت تعتبره مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مصر.. وكالوا له الاتهامات وتهكموا عليه وسخروا منه.. وقالوا له صراحة: يا أخي أمشي جنب الحيط!ويوم أمس 29 سبتمبر،كشف الدكتور مصطفي النجار - البرلماني السابق - عن أن قطاع كبير ممن يهاجمون الفريق سامي عنان الآن كانوا يطالبونه في الاجتماعات المغلقة بالترشح . وقال النجار في تغريدة علي تويتر : عدد غير قليل من الرموز السياسية التي تهاجم الفريق سامي عنان الآن كانت تطلب منه في الاجتماعات الترشح للرئاسة ويقولون له مصر تحتاجك لا تتردد. وطالب بأن تخرج فيديوهات هذه الاجتماعات المغلقة مع الفريق عنان ليعرف الناس قدر النفاق والتدني والرخص الذي يتمتع به هؤلاء الآكلون على كل الموائد.وهذه المقالة أهديها للفريق عبد الفتاح السيسي وأقول له :"هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ".
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.