علمت "المصريون" أن مصر تجهز حاليًا لعقد جولة ثالثة من المفاوضات بين شريكي الحكم في السودان: حزب "المؤتمر الوطني"، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"، لحسم عدد من الخلافات حول عديد من القضايا المقترحة، قبل إجراء الاستفتاء المقرر في التاسع من يناير على انفصال الجنوب عن السودان. وتسعى مصر بقوة لحسم الخلافات حول قضايا "أبيي" وترسيم الحدود، وحصة الجنوب في مياه النيل، في حال حسم خيار الانفصال، بعد أن فشلت جولة الحوار التي رعتها القاهرة مؤخرًا في التوصل لتسوية بشأنها، في ظل تمسك كلا الطرفين بموقفهما، لاسيما حول أبيي التي يتمسك كلاهما بالسيادة عليها. وأفادت مصادر دبلوماسية ل "المصريون"، أن خيار الوحدة الطوعية بين الفرقاء السودانيين تراجع على أجندة العمل المصرية، وأن القاهرة باتت تفضل تسوية الخلافات حول القضايا التي يمكن أن يؤدي عدم الاتفاق بشأنها إلى زعزعة الاستقرار في حال اختيار الجنوبيين الانفصال في نهاية المطاف. وتسعى القاهرة كذلك لحسم الخلافات حول نصيب الجنوب من مياه النيل، وحسم هذه القضية بشكل سريع حتى لا تستغل دول المصب هذا الأمر، لانتزاع تأييد الجنوبيين للاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها عدد من دول المنابع في مايو الماضي، بشكل يكثف الضغوط على القاهرة والخرطوم. وكشفت المصادر أن هناك قلقًا مصريًا من مستقبل التطورات في السودان، في ظل تزايد المخاوف من احتمالات تفجر الأوضاع في السودان بشكل يفضي إلى انفصال دموي يهدد مصالح مصر بشدة. من جهته، قلل السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق من جدوى التحركات المصرية الخاصة بمستقبل وحدة السودان، مشيرا إلى أن القاهرة استضافت الفرقاء السودانيين كنوع من ذر الرماد في العيون، للزعم بأنها بذلت جهودًا مكثفة لإنقاذ الوحدة إلا أنها اصطدمت بمواقف معقدة من كل الطرفين. وقال الأشعل ل "المصريون" إن القاهرة لا تمتلك إستراتيجية للحفاظ على وحدة السودان، بل تتحرك وفق اجتهادات من بعض الدوائر دون أن تملك أي قدرة على دعم هذه الوحدة أو المحافظة عليها. واستضافت القاهرة مؤخرًا مباحثات بين حزب "المؤتمر الوطني"، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بشأن القضايا العالقة بينهما انتهى فيها الطرفان إلى التأكيد علي ضرورة استمرار ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، والعمل على إجراء الاستفتاء في موعده المقرر في يناير القادم وتقبل نتائجه. وتعد مسألة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب من أبرز القضايا العالقة حاليا بين الطرفين، وقد أحالت اللجنة الخاصة بالترسيم الخلافات إلى رئاسة الجمهورية للبت فيها. وقال بيان صدر في ختام محادثات القاهرة، إن الجانبين اتفقا على مواصلة جهود معالجة الصعوبات التي تواجه تطبيق التفاهم الخاص بمنطقة أبيي الغنية بالنفط.