قبل يومين تلقت أسماء محفوظ الناشطة السياسية المعروفة طلبا من سلطات دولة عربية بأن تغادر البلاد ، حيث كانت تقيم مع زوجها الذي يعمل هناك بحثا عن "أكل العيش" ، لم يكن قد مضى على سفرها هناك أكثر من ثلاثة أشهر ، وقد أصبحت أما لطفل لم يبلغ الأربعين يوما بعد ، وبدون مقدمات شن إعلام الفلول حملة عاتية للتشهير بأسماء وأيضا التحريض المسف والمتدني والرخيص عليها لدى سلطات الكويت من أجل طردها وإيذائها حتى في حياتها الخاصة ، بعيدا عن السياسة وعن الشأن العام ، وخصص أحدهم مساحة زمنية طويلة في قناة انتهت الحصة الأكبر من ملكيتها مؤخرا لأقباط المهجر ، خصصها لمثل هذا الإسفاف الإعلامي ، وقدم سلسلة من الاتهامات المرسلة والكاذبة عن تورطها في كذا وفي كذا وأنها مطلوبة هنا في مصر ، وكل ذلك أكاذيب والهدف منه التشهير والتنكيل أيضا ، والحقيقة أن حملة التشهير بأسماء محفوظ لم يقصد بها أسماء بذاتها ، وإنما هي رسالة إلى كل شباب ثورة يناير ، حيث يشعر الفلول والإعلام المعبر عنهم بثأر تاريخي معهم ، لأنهم الذين أسقطوا نظام مبارك في الحقيقة وأذلوه وأدخلوا رموزه السجون وكشفوا فسادهم أمام المحاكم والجهات الرقابية وهددوا امبراطوريتهم المالية المتورمة من المال الحرام ، اليوم يحاول الفلول رد القلم والصاع ، ومنذ انتهاء موجة 30 يونيو ، وأكثر من صوت يحاول سرقتها ، كما حاول البعض سرقة ثورة يناير أيضا ، حتى أن توفيق عكاشة كان يضع جملة تحت صورته على قناته يقول نصها : توفيق عكاشة مفجر ثورة 30 يونيو ، وهي نكتة أكثر منها حقيقة بطبيعة الحال . حملة التشهير التي يتعرض لها بعض رموز ثورة يناير لا ينبغي أن تمر بدون حساب ، فالمقصود ليس فلانة ولا فلان ، وإنما كل القوى والكيانات والشخصيات التي شاركت في ثورة يناير ، وبطبيعة الحال هناك أسماء بعينها من شباب الحراك الثوري الجديد الذي تجاوز الأحزاب والتيارات القديمة كان لهم حضور قوي في الإعلام المحلي والدولي ، ولهم رمزية تجاه ثورة يناير ، بل هم مفجرو تلك الثورة في الحقيقة ، وتلك شهادة للتاريخ ينبغي أن لا تغيب ، مهما كان الخلاف الفكري أو الأيديولوجي ، منهم أسماء محفوظ ، التي تعرضت لحملة تشهير بأنها تمولت من الخارج بالملايين وأنها تركب سيارة بي إم دبليو ووصل الهزل والتهريج إلى اتهامها بالجاسوسية ، ثم لما سافرت إلى بلد عربي لتبحث عن قوتها وتكافح كما الملايين هناك مع زوجها من أجل لقمة عيش شريفة مغموسة بآلام الغربة ، وهو موقف يكفي وحده لمحو كل الأكاذيب التي أطلقت تجاهها ، حتى مع هذا الموقف الإنساني المحض أبى الفلول إلا أن يطاردوها في رزقها ويضيقوا عليها وعلى أسرتها ويحرضوا عليها الآخرين ، وقد أثمرت الحملة الإجرامية فيما يبدو وتم إبعاد أسماء من الكويت على خلفية هذه الهجمة الإعلامية المضللة . هناك ثورة مضادة في مصر الآن ، ينبغي أن يدرك الجميع ذلك ، وهذه الثورة المضادة تحاول سرقة موجة 30 يونيو واعتبارها ثورة "الفلول" ، وبعضهم صرح بذلك أكثر من مرة ، ووصف "ثورة يونيو" بأنها هي الثورة الحقيقية ، وأن يناير لم تكن ثورة ، وبالتالي هناك خطط لتصفية ثورة يناير ، فكرا وحلما وأشواقا وأهدافا ورموزا وكيانات ، وهناك تهميش مقصود للبعض وإقصاء إعلامي صريح للبعض الآخر وحملة تشهير وتدمير سمعة لآخرين ، وهناك في الطريق قريبا اتهامات من العيار الثقيل لمن انتقدوا بعض معالم "الثورة المضادة" من الإعلاميين الراحلين عن المشهد مؤخرا ، وما يحدث يحتاج من كل أبناء ثورة يناير التسامي على الخلافات ، والاصطفاف من جديد ، واستلهام الروح الوطنية الجامعة التي عرفها ميدان التحرير ، لإنقاذ مسار الثورة ، والتأكيد على أن 30 يناير كان هدفها إسقاط حكم الإخوان وليس إحياء حكم فلول نظام مبارك ، التصدي للثورة المضادة وحراكها الآن ضرورة ، وهو حراك ضعيف يعتمد على قدرات مالية وإعلامية كبيرة واختراقات في بعض الأجهزة والمؤسسات .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter: @GamalSultan1