نشرت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية تحت عنوان "التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية لن يكون أمراً يسيراً", استهلتها قائلة إن الاقتراح الروسي بأن تضع سورية مخزونها من الأسلحة الكيميائية تحت رقابة دولية يعد بمثابة انفراجة دبلوماسية محتملة. ففي أعقاب الهجوم الكيميائي المزعوم وقوعه يوم 21 أغسطس في العاصمة السورية دمشق والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص, قد يبدو من الملائم أن ترسل الأممالمتحدة قواتها إلى سورية لجمع ما تبقى من القنابل وقذائف المدفعية لوضعها في مكان آمن للتخلص منها بعد ذلك. ولكن الواقع أكثر صعوبة من هذا, حيث إن هذه المهمة تعد مضنية في وقت السلم وتكاد تكون مستحيلة في وقت الحرب. وتشير كافة تجارب العالم مع تدمير الأسلحة الكيميائية حتى الآن إلى أن العملية ستكون مكلفة وطويلة وواسعة النطاق. وحتى مع تصديق الافتراض المشكوك فيه بأن الرئيس السوري بشار الأسد سيوافق على إيصال القوات الدولية إلى منشأة الأسلحة الكيميائية, فلا يزال نظامه يخوض حرباً للحفاظ على بقائه وقد تتورط القوات التي سيتم إرسالها للاستيلاء على الأسلحة الكيميائية في النزاع من قبل الجانبين المتحاربين. وتشير الصحيفة إلى أنه على افتراض أنه سيكون من الممكن تأمين وحراسة الأسلحة, ستكون هناك تحديات هائلة أمام نزع السلاح. فعلى سبيل المثال, لجأت كل من روسيا والولايات المتحدة في أعقاب انتهاء الحرب الباردة إلى إنشاء مصنع لتدمير مخزون الاتحاد السوفيتي من الأسلحة الكيميائية. وتجاوزت تكلفة المصنع المليار دولار بينما استغرق الأمر سنوات لبنائه وتشغيله بحسب ما ذكرت وكالة "اونا". وعلى الرغم من أن الترسانة الكيميائية السورية قد تكون أصغر من ترسانة الاتحاد السوفيتي, فإن تدميرها لم يكون أقل صعوبة. وتتساءل الصحيفة ما إذا كان يمكن تنفيذ مثل هذه العملية الخطيرة والطويلة والدقيقة داخل الأراضي السورية حيث تحتدم الحرب؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك, هل من الواقعي تخيل إمكانية نقلها بأمان إلى مكان آخر؟ ومن سيتحمل التكلفة الباهظة لهذه العملية؟ وتوضح الصحيفة أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية, التي رفضت سوريا التوقيع عليها مسبقاً, تنطوي على قدر معين من المحاسبة. إذ سيتعين على سوريا الكشف في غضون 30 يوماً من التوقيع عن محتويات أسلحتها وكافة منشآت الإنتاج. ولكن هل يمكن الاعتماد على الأسد لتقديم معلومات صادقة, أم أنه سيحاول إخفاء بعض المنشآت أملاً في استئناف إنتاج الغاز السام إذا وضعه الثوار في مأزق؟ وترى الصحيفة أن أي مناقشة لنزع الأسلحة الكيميائية السورية لا ينبغي أن تنتهي مع الذخائر والعناصر المعروفة, بل يجب أن تشمل أيضاً وثائق حول المصدر والنطاق وعمليات البرنامج. ولايجب القضاء على الرؤوس الحربية فحسب, وإنما أيضاً على مصانعها. وتختتم الصحيفة الافتتاحية قائلة إن أهمية معاهدة الأسلحة الكيميائية تكمن في إجراءات التحقق الصارمة الموجودة بها, والتي ينبغي تنفيذها بشكل كامل حال نجاح المحاولة الدبلوماسية الجديدة في الكشف عن مواقع الترسانة السورية.