" القلعة تقتحم- دائما- من الداخل " عبارة المؤرخ روتستين في كتابه الشهير [ خراب مصر ] دليل على أن المؤامرات التي تحاك من داخل الأحزاب والتحالفات والدول هي الأكثر خطورة على تماسكها. بدلا من يسيقظ الرأي العام صباح السبت الموافق 10 /7/2010 على حدث النجاح الباهر الذي حققته مؤتمرات الجمعية الوطنية للتغيير وبخاصة في مؤتمرها الذي أقيم يوم الجمعة 9/7/2010 بنقابة أطباء الدقهلية-رغم أنف قوات الأمن التي حاصرت النقابة بأكثر من 240 سيارة أمن مركزي ومدرعات وزوارق جمعتها من المحافظات المختلفة- استيقظ الرأي العام على حريق إعلامي ودخان فتنة تنبعث منه رائحة كريهة أشعلتها صحف تدعي الاستقلال بينما هي غارقة إلى أذنيها في التواطؤ والدسائس بين أبناء الوطن، فانبرت أقلام كثر للكتابة في موضوع منع المحامي المعروف عصام سلطان من الحديث في مؤتمر المنصورة بإيعاز وتحريض من ممثلي الإخوان المسلمين في الجمعية الوطنية دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة استجلاء الحقيقة من مصادرها الأصلية، وراحوا يكيلون الاتهامات من كل لون للإخوان المسلمين يمنة ويسرة. ولا يغيب عن فطنة السادة القراء ولا المراقبين أن نظام الفساد والاستبداد والتزوير لا تتمنى أكثر من انشغال الرأي العام بالخلافات بين مكونات ائتلاف جمعية التغيير تارة وبين القضاة والمحامين تارة أخرى وبين الكنيسة والقضاء تارة ثالثة.. وهكذا، فإشعال الفتن بين مكونات الجمعية الوطنية للتغيير صار هدفا لأجهزة الأمن بعد تنامي نجاحات الجمعية في جمع فرقاء الوطن على كلمة سواء على قاعدة التناقض الرئيس، مما زاد من مصداقيتها لدى الأوساط الشعبية وشجع على الالتفاف حول أفكارها العادلة والبسيطة والتي لاينكرها إلا فاسد أو مرتش أو منافق، وهل يتبنى الطواريء والتعذيب والتزوير والنهب غير هؤلاء ؟. وقبل أن أدلي بشهادتي في هذه القصة باعتباري شاهد ملك كنت مكلفا من المنسق العام للجمعية الوطنية بتنظيم فعاليات مؤتمر المنصورة بالتنسيق مع الدكتور / محمد البلتاجي من ناحية وقيادات الجمعية بالمنصورة من جهة أخرى، فإنني أود التأكيد على أن محبتي وصداقتي لطرفي القضية لايمكن أن ينال من الحقيقة الكاملة ذرة وواحدة حيث يعرف القريبون ومنهم الإخوة والزملاء في حزب الوسط قبل غيرهم وكذا الأستاذ عصام سلطان أنني لم أكن يوما عضوا في جماعة الإخوان المسلمون ولم أنتم إلى أي حزب من الأحزاب القائمة ولست معنيا بغير قضية التغيير باعتبارها ضرورة حياة تتوقف عليها نهضة شعب عظيم هو الشعب المصري، وبسبب كل ذلك لا أضع نصب عيني سوى الحقيقة والحقيقة وحدها دون تزيد أو انحياز لأي طرف من أطراف الخلاف الذي أراه في نهاية الأمر خلافا مصطنعا لايعبر عن التناقض الرئيس بين النظام وفريق النهب المنظم من جهة ومعظم الشعب المصري بأحزابه وجماعاته وأفراده على الشاطيء الآخر. كانت هذه المقدمة ضرورية تمهيدا لمناقشة موضوع الخلاف الذي ضخمته ونفخت فيه أقلام صحفية غير أمينة وتفتقد إلى أبسط قواعد المهنية والموضوعية في بناء وتشييد مشكلة جديدة بين جماعة الإخوان المسلمين وقيادات حزب الوسط بدون أساس موضوعي، وقد بدأت قصة الخلاف بما نشر على لسان الأستاذ عصام سلطان القيادي في حزب الوسط ( تحت التأسيس ) في صحيفتي المصري اليوم والدستور بضلوع جماعة الإخوان المسلمون في منع الأستاذ عصام سلطان من المشاركة في المؤتمر الذي عقدته الجمعية الوطنية للتغيير بمقر نقابة الأطباء بمدينة طلخابالدقهلية، وأضافت الصحيفة إلى ذلك أن هذا يبرز محاولات الجماعة للهيمنة والاستحواذ على الجمعية الوطنية للتغيير( آخرها- المصري اليوم الخميس 15/7/ 2010 )، وهذا الادعاء يفترض أن جميع القوى والشخصيات التي تتشكل منها الجمعية الوطنية للتغيير مجرد دمي بلا إرادة ولا فكر وتحركها الجماعات والأشخاص وفق أهوائهم، وأن الجمعية الوطنية مجرد غطاء سياسي لمطامع جماعة الإخوان وهذا التصور المرضي لايوجد إلا في عقول وأذهان مروجيه، إذ إن جميع رموز وقيادات الجمعية الوطنية من القامات الفكرية والمهنية والوطنية التي لا تقبل بدور الإمعة في محنة وطن تسلب ثرواته وتهدر كرامته وتشعل النيران بين جدرانه. وقصة منع عصام سلطان من إلقاء كلمة في مؤتمر المنصورة غير صحيحة ويعوزها معرفة الظروف المحيطة بعقد المؤتمر أولا وهي كالتالي: 1- الاتفاق على عقد أي مؤتمر للجمعية ومنها مؤتمر المنصورة يتم التنسيق فيه مقدما بين مكونات الجمعية الوطنية للتغير ويضطلع فيها الدكتور محمد البلتاجي بدور أحد المنسقين وتكلف لجنة العمل الجماهيري عددا من أعضائها للتنسيق والتأكيد على المكان والتوقيت والفترة التي يستغرقها المؤتمر وبناء على ذلك تحدد أسماء المتحدثين والمدة الزمنية التي يلقي فيها كل منهم كلمته. 2- وبما أن التنسيق يتم مقدما فقد تم الاتفاق بين الدكتور حسن نافعة والدكتور محمد غنيم والدكتور البلتاجي وكنت شاهدا على كل مادار بخصوص المكان وتوقيت انعقاد المؤتمر وعدد المتحدثين وشخصياتهم بالاسم في وجود ممثل حزب الوسط ( أ .عمرو فاروق ) مساء يوم الأربعاء بصفة نهائية. 3- اتفق على أن الحضور وفي مقدمتهم الدكتور عبد الجليل مصطفى والأستاذ جورج إسحاق وكاتب المقال وغيرهم ممن سيحضرون المؤتمر لن يكونوا من المتحدثين رغم حرصهم على حضور كل المؤتمرات الخاصة بالجمعية وقبل الجميع ذلك بروح غلبة وحدة الهدف. 4- لم يطرح اسم الأستاذ عصام سلطان على أي من منظمي المؤتمر حتى يوم الخميس 8/7/2010 ، ولم أعلم إلا صباح يوم الجمعة من الدكتور حسن نافعة عندما سألني عن وجود اسم الأستاذ عصام سلطان ضمن الحضور أو المتحدثين فنفيت له نفيا قاطعا عدم طرح اسمه حتى اللحظة في لجنة العمل الجماهيري سواء للحضور أو التحدث. 5- لم يسبق للأستاذ عصام سلطان حضور أي فعالية أو مؤتمر للجمعية في المحافظات، ولو طُرح ذلك لرحب به الجميع لأن الجمعية ملك لمن يشارك في فعالياتها، وكل أبناء الشعب المصري مدعوون للانخراط في نشاطها. 6- عندما سئل السيد عمرو فاروق ممثل حزب الوط في لجنة العمل الجماهيري والمحافظات مساء يوم الأربعاء عن رغبة الأستاذين أبو العلا ماضي وعصام سلطان للمشاركة في حضور مؤتمر أسيوط في نفس الأسبوع لكونها مسقط رأسيهما لم يبد أي رغبة وتعلل بانشغالهما، وعدم توفر حجز في قطار الصعيد للمشاركة في مؤتمر يوم الجمعة، ولم يتطرق بالمرة لا لزيارة المنصورة ولا لحضور الأستاذ عصام سلطان وبالتالي لم يكن هناك أي فكرة عن رغبته في إلقاء كلمة. بعد ذلك علمت بقصة أخرى لم أكن أعلم تفاصيلها إلا من الصحف ولا يعلمها الدكتور حسن نافعة ولا الدكتور عبد الجليل مصطفي ولا الأستاذ صلاح عدلي منسق لجنة المحافظات وغيرهم من أعضاء اللجنة، فهؤلاء هم المنوط بهم تحديد فعاليات المؤتمر من الألف إلى الياء، فأين كان خطاب الأستاذ عصام سلطان ورغبته في المشاركة بكلمة كما جاء في المصري اليوم ؟. إن ما حدث من خلاف كان من المفترض أن يرجع فيه الأستاذ عصام سلطان إلى المنسق العام للجمعية أو المنسق المساعد أو لجنة التنظيم في القاهرة لأن الأستاذ عصام عضو فيها وتسعد الجمعية بمشاركته وفق النظام والاتفاق، وليس وفقا للفوضى غير الخلاقة التي يحرص الأمن على بثها وسط أعضاء الجمعية الوطنية وأي تجمع يحرص على وحدة الصف، فأعضاء الجمعية حريصون بالتأكيد على ألا تقتحم الجمعية من داخلها . وأخيرا أقول " اللهم احمني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم ". [email protected]