أعرب الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس "الدعوة السلفية" عن تمسكه بنص المادة 219 من دستور 2012، الخاصة بتفسير المادة الثانية من الدستور، والتي تنص على أن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، ردًا على الدعوات لإلغائها عند وضع التعديلات على الدستور المعطل، قائلاً إن الأصل في نصوص الدساتير أن تكون نصوصاً واضحة جامعة مانعة معبرة عن عقيدة الأمَّة وهويتها، دون أن تكون معبرة عن مصلحة طائفة محدودة. وذكّر برهامى فى مقال بعنوان "لماذا نصر على المادة 219؟" على موقع "صوت السلف"، أن أول دستور مصري سنة 1923 نص على أن (دين الدولة المصرية هو دين الإسلام ولغة رسمية هي اللغة العربية)، مشيرا إلى اختلاف الإسلام عن غيره من الملل أنه شامل لكل حياة البشر أفراداً وجماعات وشعوباً ودولاً. وأضاف أن هذه القضية قطعية الثبوت والدلالة، معلومة بالضرورة من دين الإسلام من المسلمين، وإنما حاول العدو المحتل المسمى: "بالاستعمار" فصل الدين عن حياة الأمة، وخاصة في شأن السياسة والتشريع والقضاء؛ تمهيدًا لفصله عن حياتها في الأخلاق والعقائد والعادات! وتابع: لم ينجح -بحمد الله- في ذلك "إلا في طائفة محدودة من المجتمع" حاولتْ أن تفرض إرادتها على الأمة بقوة المستعمر تارة، وبالخديعة واللين تارة، وب"سحر الإعلام" تارة، وبسلطان القهر والتعذيب والسجن والقتل تارة؛ إلا أن الأمة ثبتت على عقيدتها الراسخة في شأن شمول هذا الدين لحياتها، لا تجد فرصة حقيقية للتعبير عن عقيدتها وهويتها إلا أظهرتها؛ ظهر ذلك في دستور مصر سنة "1971م"، حيث شهد المجتمع حوارًا طويلاً حول النص على مرجعية الشريعة الإسلامية في التشريع. واستدرك: "كان الضغط الشعبي مع بدايات الصحوة الإسلامية المعاصرة هائلاً، ولكن قابلته مقاومة عنيفة من القوى العلمانية وغيرها؛ مما جعل الصياغة تنص على أن: "مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، والمفترض أن وجود مصدر رئيسي دون النص على غيره أنه رئيسي يقتضي أن كل المصادر غيره فرعية مما لا يجوز أن تعارضه، وعلى المجلس التشريعي مراجعة كل التشريعات التي تخالفه". وقال إنه "كان النص في الأصل مقترحًا أن يكون: "الشريعة الإسلامية"، لكن ضغط القوى العلمانية أدى إلى إضافة كلمة "مبادئ" التي لا توجد في القرآن ولا في السنة، ولا في كلام الفقهاء ولا الأصوليين، ولا غيرهم... ولا نعلم أحدًا استعملها قبل هذا العصر!، فصار تفسيرها بالتأكيد متباينًا مختلفًا، فالبعض يفسِّرها بأنها قطعي الثبوت والدلالة، وهذا تفسير المحكمة الدستورية العليا في سنة "1996م"، ومنهم من فسرها بما هو أعم من ذلك: كالحرية، والمساواة والعدل، والكرامة الإنسانية؛ فهي عندهم مجرد "مادة ديكورية تزيينية" كما صرح به بعضهم!. وأردف: "عند البعض أنها مماثلة تمامًا للأحكام، وهذا ما يحاول البعض أن يقنعنا به وهو أن المادة الثانية خاصة بعد تعديل سنة "1981م"، والتي صارت هي "المصدر الرئيسي للتشريع" كافية، ولكن -كما هو واضح- هذا التعبير عندهم وحدهم، وليس عند المحكمة الدستورية التي تختص بالنظر في دستورية القوانين وعدمها، وكذلك ليس عند الطوائف الليبرالية المتطرفة التي تريد أن تعبِّر عن هوية أخرى غير هوية هذا الشعب المنتمي لهذا الدين كأقوى ما يكون! وهم -ونحن- جازمون بأنه لو عرض الأمر على الشعب لاستعلامه عما يعتقده لاختار قطعًا "الشريعة" دون لفظ: "مبادئ"؛ ولذا أبوا ذلك تمامًا مع أنه عين الديمقراطية التي يريدونها، ويدعون تطبيقها"! وتابع:" من هنا كانت هناك حاجة إلى مادة مفسرة لكلمة مبادئ المختلف فيها، فكان دستور سنة 2012 متضمناً للمادة (219) المفسرة لكلمة مبادئ، لتلزم الجميع بهذا الفهم الذي وافق عليه الشعب المصري، ووقع عليه قبل ذلك كل الطوائف من قوى ليبرالية ومدنية وممثلي الكنائس المصرية والأزهر والإخوان والسلفيين، وأقره ممثلو القوات المسلحة والشرطة". وأضاف، أن البعض حاول حذف كلمة مصادر من نص المادة 219، لكن إصرار من أحد الأعضاء على إضافة كلمة "الكلية" إلى "الأدلة" أدى إلى تحجيم هذه الأدلة وحصرها، فليست كل أدلة الشريعة تكون مصدراً للتشريع، إنما الأدلة الكلية دون الجزئية. وحذر من أن "هذا يعود بنا إلى الدائرة المفرغة من وجود تفسيرات متعددة لمعنى "الكليّة": أهي فقط النصوص التي تدل على القواعد الفقهية والأصولية ؟ أم هي النصوص والأدلة التي تتناول الكليات دون الجزئيات؟ ثم نعود إلى الاختلاف حول ما هي الكليات؟ فيا قومنا، لماذا الإصرار على الغموض في هذه المادة؟". وتساءل برهامى، "لماذا محاولة الهروب من شرع الله إلى شرع وضعه البشر بآرائهم؟ ولماذا التقديس للقوانين الوضعية المأخوذة عن أوروبا في عصور احتلال بلادنا وضعفها؟". وأكد أن الإصرار على إضافة كلمة "مصادرها" لأجل أن تشمل المصادر المجمع عليها: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والمصادر المختلف فيها التي قد يأخذ بها المجلس النيابي في سن القوانين التي تلبى الحاجة وتحقق المصلحة. وطالب برهامى، بإجراء استفتاء على بقاء المادة 219 فى التعديلات الدستورية الجديدة، فى استفتاء منفصل، لكي يحدد الشعب موقفه من الشرعية ومواد الهوية، مشددا على أن الطوائف غير المسلمة أخذت حقها كاملاً في المادة الثالثة التي لم نعترض عليها رغم أنها كانت منصوصًا عليها في القانون، لكن أرادوا تأكيدها في الدستور.