يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يريد أن يتفادي هزيمة محققة في أفغانستان.. يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تعلم أن إخضاع إرادة الشعب الأفغاني أو كسر شوكته من الأمور المستحيلة لأنه شعب يرتبط بمنظومة لها خصوصية من القيم والثقافة والمفاهيم تجعله رافضاً لفكرة بقاء الاحتلال الأجنبي علي أرضه وحريصاً علي طرد الغزاة وإن استمرت الحرب لعشرات السنوات. شهر يونيو الماضي شهد هجمات ضارية مثل قوات حركة طالبان ضد قوات حلف الناتو الذي تقوده الولاياتالمتحدة. الناتو اعترف بأن هذا الشهر كان الأسوأ بالنسبة له منذ الإطاحة لحركة طالبان في نهاية عام 2001 بعد مقتل مائة جندي ناهيك عن المصابين والخسائر المادية الأخري. شهدت الأيام الماضية هجوماً شرساً شنته حركة طالبان علي قاعدة جلال أباد العسكرية التابعة لقوات حلف الناتو في أفغانستان وتعد تلك القاعدة هي الثالثة من حيث الأهمية التي يهاجمها مقاتلو حركة طالبان بعد قندهار وباجرات والهجوم الأخير الذي استخدمت فيه سيارة مفخخة وقذائف صاروخية وأسلحة خفيفة أسفر عن مقتل وإصابة العديد من قوات حلف الناتو. اعتقد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعلم تماماً أنه في ورطة حقيقية فقواته تتعرض يومياً لهجمات ضارية من قوات حركة طالبان رغم استراتيجيته الأخيرة المتمثلة في إرسال مزيد من القوات إلي أفغانستان. ويمكن القول إن الرئيس أوباما يسلك حالياً نفس النهج الذي سلكه سابقه بوش فيما يتعلق بما يطلق عليه "الحرب علي الإرهاب" رغم الخسائر الباهظة التي لحقت بالولاياتالمتحدةالأمريكية منذ حربها علي أفغانستان في أكتوبر عام 2001 وفشلها في الوصول إلي أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة حتي الآن. أعتقد أن الجميع يعلم تماماً أن قوات حلف الناتو في أفغانستان ترتكب يومياً جرائم إنسانية بشعة في حق المواطنين المدنيين واستخدام طائرات بدون طيار لقصف مناطق تعتقد أن فيها ملاذاً لقيادات تنظيم القاعدة أو حركة طالبان ولكن القصف يقتل مواطنين أبرياء منهم أطفال ونساء وشيوخ. قوات حلف الناتو في أفغانستان واصلت استفزازاتها للمواطنين في الأيام الماضية حيث قام بعض الجنود باعتقال إمام مسجد وعدد من المدرسين الدينيين وتدنيس المصحف الشريف داخل أحد المساجد وهذا الأمر الخطير لمشاعر المواطنين المسلمين أدي بالطبع إلي مظاهرات حاشدة في مناطق متفرقة بأفغانستان واشتباكات شديدة بين قوات الناتو والمواطنين. أعتقد أن الجميع يتفق معي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تحقق أية أهداف لها منذ حربها علي أفغانستان في نهاية عام 2001 فأسامة بن لادن التي ذهبت قواتها للقبض عليه لايزال حراً طليقاً وقوات حركة طالبان يسيطرون علي مناطق كثيرة في أفغانستان. أنا شخصياً أعتقد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية رغم احتلالها للأراضي الأفغانية إلا أنها خسرت الكثير والكثير فقواتها تتعرض يومياً لهجمات شرسة من قوات حركة طالبان علاوة علي أن سمعتها العسكرية تدهورت بشكل كبير يجعلها تفكر ألف مرة قبل تكرار هذا الاحتلال علي بلدان أخري. أنا شخصياً أثق أن حركة طالبان لم تهزم في الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية علي أراضيها عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.. الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان وضع خطة في بداية الاحتلال الأمريكي نجحت بنسبة كبيرة.. اعتمدت تلك الخطة علي انسحاب قوات طالبان من المدن الأفغانية لنقل ميدان المعركة إلي الجبال والتحضير لحرب عصابات طويلة بعيداً عن المدن السكنية لتجنيب تلك المدن ويلات الحروب والقصف الأمريكي.. القوات الأمريكية لم تجد مقاومة تذكر من قوات طالبان التي انسحبت من المدن بتعليمات من الملا عمر.. فعندما وصلت قوات التحالف الشمالي تدعمها الطائرات الأمريكية إلي العاصمة كابول في 12 نوفمبر 2001 فوجئت أن العاصمة مفتوحة أمامها وخالية من أية قوات لطالبان فدخلتها من جهة الشمال علي متن شاحنات وسيارات ولم يتوقع وزير الدفاع في التحالف الشمالي أن تسقط تلك المدينة بهذه السرعة وبهذه الطريقةالدراماتيكية التي تبدو وكأن المدينة هي التي كانت تناديهم ليتسلموا مفاتيحها. ونهاية أتوقع أن الأيام المقبلة ستكون الأسوأ لقوات الناتو في أفغانستان بعد تدنيس تلك القوات للمصحف الشريف داخل أحد المساجد.