ارتبط السعوديون بالرطب والتمر دينيا وتاريخيا وجغرافيا، فالنساء يؤمنّ بأن أفضل الطعام، طعام مريم بنت عمران عليهما السلام، ويراه الرجال غذاء متكاملا ودواء ويحنك به المولود اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويستهلك السعوديون معظم إنتاجهم من التمور الذي يعادل مليون طن سنويا، وفي شهر رمضان فقط يستهلكون 40% من الإنتاج المحلي، ويوفرون قوة شرائية كبيرة لسوق التمور، مما يدفع التجار لتفضيل بيعه بالسعودية منتجا خاما على عرضه بالأسواق الدولية. ولا تخلو معظم مناطق المملكة من أسواق التمور التي تعقد فيها صفقات بالملايين في مثل هذه الأيام وقت "صرام النخل" غير أن مهرجان التمور ببريدة، التابعة لمنطقة القصيم، والذي يمتد تاريخه إلى ستين عاما، يُعد الأضخم إنتاجا والأكبر في القوة الشرائية. وينطلق موسم التمور منتصف أغسطس من كل عام، في احتفالية للحصاد يقوم بها المزارعون ويستمر 75 يوما، يرد فيه أكثر من 45 منتجا من مختلف أنواع التمور. يستقبل مهرجان بريدة مائتي ألف طن نتيجة حصاد أكثر من ثمانية ملايين نخلة، ويسجل تصاعدا يوميا برقم المبيعات، التي تتجاوز في ذروتها 25 مليون ريال يوميا. ونقلت الجزيرة عن الرئيس التنفيذي للمهرجان خالد النقيدان قوله "يدخل السوق حاليا 1750 سيارة نقل متوسط حمولتها 350 كلغ" متوقعا أن تصل بذروة الموسم لألفي سيارة. وذكر أن صفقات العام الماضي بلغت ملياري ريال (533 مليون دولار). ويدير السوق ثمانمائة شاب سعودي، ووفق بعض الجهات الرسمية فإن السوق يوفر ثلاثة آلاف فرصة عمل ومشاريع صغيرة في بعض المهن المتعلقة بالتمور. ويُعد تمر السكري أشهر أنواع التمور في القصيم والذي يمثل 85% من إنتاجها وفق ما ذكر النقيدان. وتأتي مع السكري أنواع أخرى كالبرحي ونبتة علي ونبتة سيف والأخلاص والرشودي. وتنتج نخيل المملكة بشكل عام أربعمائة صنف، وتدخل فيها أصناف غير مقبولة لدى المستهلك وكميات فائضة تسبب هدرا بالمياه، وتؤثر على السعر العادل للمنتج وفق ما يراه مختصون. يقول خالد الرويس، مشرف كرسي الملك عبد الله للأمن الغذائي بجامعة الملك سعود، إن "الزيادة المستمرة في الإنتاج لأنواع لا يقبلها المستهلك تؤدي إلى عدم توازن العرض والطلب وتنتهي بسعر غير مجز". وأضاف أن قيمة الماء المستهلكة أغلى من قيمة المنتج في السوق. ودعا عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم عبد الله المسند إلى الاكتفاء بالنخيل ذات الأصناف الجيدة والتخلص من غيرها التي تستهلك المياه وإنتاجها قد يذهب علفا للماشية.