يظن كثير من العاملين فى الكيان أن صاحب الوظيفة الذى إذا غاب لم يستطع أحد أن يسد فراغه هو أكبر دليل على كفاءة هذا الموظف الكبير!! و الحقيقة التى غابت هى أن فى ذلك طعناً على كفاءة هذا المسئول لكونه لم يؤهل البدلاء الذين يقومون مقامه فالرئيس فى موقع العمل مسئول عن إعداد نوابه و مساعديه على نحو يسمح لهم بممارسة العمل عند تغيبه و بشكل لا يشعر فيه أحد بأى فارق ، و كلما تحقق ذلك على نحو أفضل فى البدلاء كلما شهدنا للأصلاء بالكفاءة و المقدرة و ليس العكس !! إن أعداء النجاح هم الذين يكرهون أن يظهر أحد المرؤوسين إلى جوارهم خوفاً من أن يخطف منهم الأضواء أو يستغنى المسؤل الأعلى عنهم ليحل محلهم من البدلاء الأكثر كفاءة و حيوية .... و لذلك تجد بعض المسؤلين يؤكدون على فقد النواب الأكفاء الذين يصلحون لسد الفراغ الذى يشغلونه !! بل و ربما إذا ظهرت إحدى الكفاءات أطلقوا عليها الإشاعات الكاذبه أو سلطوا عليها من ينال منها ليسقطها فى أعين الجماهير و كل هذا من الفساد الإدارى الذى يظهر فى الأنظمة المستبدة التى تود أن تبقى محتفظة بسلطانها مدى الحياة دون النظر إلى مصالح المؤسسة أو البلاد بشكل عام . إن الكيان الناجح هو الذى يخطط لتأهيل الموظفين و يعدهم قبل أن يتولوا الوظيفه من خلال دورات تعليمية يقوم عليها أصحاب الخبرات من الوظائف الأعلى درجة حتى يتحقق التواصل و نقل الخبرة المكتسبة إلى الأجيال التالية و هو أمر واجب على كل جيل نحو الجيل الذى يليه ، لأن التقصير فى هذا الجانب معناه هو إسناد الوظائف إلى غيرالمؤهلين و إعتماد كل موظف على قدرته الشخصية دون أن يكون للمؤسسة أو الكيان دور فى صياغة القادة و فى ذلك خطر يهدد مستقبل البلاد .... و انظر معى أيها القارئ الكريم فى المنهج التربوى لنبينا صلى الله عليه و سلم حين ربى أصحابه ليكونوا قادة مسئولين من بعده و أثنى على فضائلهم و أنزلهم أقدارهم و رتب البدلاء عند إسناده للمهام الخطرة فعين زيد بن حارثة أميراً على جيش مؤتة فإن قتل حلّ مكانه جعفر بن أبى طالب فإن قتل حلّ مكانه عبد الله بن رواحة رضى الله عن الجميع ثم أشار إلى طريقة إختيار البديل عند وجود الفراغ المفاجئ بقوله صلى الله عليه و سلم [ فإن قتل فاصطلحوا على رجل منكم ] و بالفعل إستشهد الثلاثة تباعاً فاختار القوم خالد بن الوليد رضى الله عنه قائداً لهم . بل و الناظر فى هدى النبى صلى الله عليه و سلم وهو يرتب للبدائل التى تسد فراغه كإمام إذا غاب يجد أنه عالجها حينما سأله أحد الأعراب إلى من يذهب إذا جاء فى العام المقبل و لم يجده ؟ قال صلى الله عليه وسلم إذهب إلى أبى بكرالصديق فتابع الأعرابى سؤاله فإن لم أجده؟ قال إذهب إلى عمر فأوضح النبى صلى الله عليه وسلم ترتيباته لسد الفراغ ولقد حدث بالفعل أن مات النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا العام .... و الناظر فى المدارس الفقهية يجد أن من أعد تلامذته على نحو جيد حملوا فكرهذه المدرسة و نشروها على نطاق واسع ، فهذا الامام أبو حنيفة رحمه الله أعد وجوهاً فى المذهب حتى علا مقام بعضهم إلى درجة الصاحبين ( أبو يوسف - أبو الحسن الشيبانى) و على هذا النحو أعد الشافعى و مالك و أحمد رحمهم الله تلامذة انطلقوا بإجتهاداتهم الفقهية فنشروها على مستوى الأمة الإسلامية بخلاف الإمام الليث و الثورى بالرغم من مكانتهما العلمية العالية لم تنتشر لهما ما قدموه فى مجال الفتيا لندرة التلاميذ. و هكذا نلاحظ فى كل داعية إلى الله تعالى لم تكن له جماعة تحمل دعوته و تكمل مسيرته بالرغم من قوة ما يدعو إليه من حق .... و فى نفس الوقت نلاحظ دعوات أخرى ضعيفة الفكر قليلة البضاعة فى العلم و لكن لها بعض الأنصار الذين يتبنون مناهج معينة يدعون إليها بنشاط و حيوية فعلى أصحاب الدعوات الصادقة أن يعدوا مناهجهم و كوادرهم القادرة على مواصلة المسيرة و حمل الأمانة و تكملة المشوار الذى بدأه المؤسسون و بذل الوسع فى إحتمال التبعات و عدم التخلى عن الحق الذى معهم فلن تبقى الدعوات من غير تضحيات و مادام القائمون على الكيان يراجعون أنفسهم بإستمرار و يضبطون حركتهم صوب الأهداف فلا يصح لذلك الكيان أن يتراخى و ينصرف إلى مشاغل الحياة تحت أى دعوى كانت فالبلاءات على طريق النجاح أمر وارد وغير مستبعد لذا كان من الواجب أن يثبت أصحاب تلك الدعوات المخلصة بمن معهم من الكوادر و إن كانت قليلة فنصر الله للمؤمنين لا يكون مع الكثرة دائماً بل قد يكون مع الأقلية حيث جاء فى كتاب الله [ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين ] بل و لم تنفع الكثرة يوم حنين حيث قال الله تعالى [ و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ....] فعلينا كأمة أن نعمل و نبذل مالدينا من جهد بعد تحرى الصواب و إخلاص النية لله أما النتائج فعلى الله تعالى و نسأل الله التوفيق لمن يقدم لدينه و يضحى من أجل عقيدته فى مواضع العطاء المختلفة فكل ذلك محمود بإذن الله مادام المرء ملترماً بكتاب الله و سنة رسوله و هدى سلفنا الصالح و فتاوى أهل العلم من المعاصرين الذين ينظرون فى القضايا و يقولون كلمتهم التى ينبغى أن نضعها نصب الأعين و تحت التنفيذ الفورى هذا و صلى الله و سلم على سيدنا محمد