نستأنف ما بدأناه فى المقال السابق بالحديث عن يوم الاثنين الأول من يوليو 2013 . حيث حضر الرئيس مرسى في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحًا، واجتمع مع الدكتور عصام الحداد وباكينام الشرقاوي وأيمن علي وعبد المجيد مشالي ومحمد حافظ وخالد القزاز والسفير طهطاوي. وفى تمام الساعة الثالثة والنصف حضر الفريق أول عبد الفتاح السيسي، واجتمع مع الرئيس والدكتور هشام قنديل. الأغرب أنه بعد هذا الاجتماع مباشرة صدر إنذار القوات المسلحة في تمام الرابعة والنصف، بأنها تمهل جميع الأطراف لمدة 48 ساعة للحوار، والخروج بنتائج لتهدأة الميادين المحتشدة. حينها ساد التوتر أنحاء المكان، وبدأت الهمهمات والاحاديث بين الطرقات وعبر المكاتب، بأن ما يحدث إنما هو انقلاب علي الشرعية، ولابد أن يصدر بيان رئاسي في تمام الساعة التاسعة يستنكر هذه الأمر ويستهجنه. غير أن انسحاب إيهاب فهمي من المكان، جعل السفير عمر عامر يفكر جديًا هو أيضًا في الانسحاب قبل الساعة التاسعة، الأمر الذى وضع الحاضرين في مأزق. فتم الاقتراح بأن يلقي البيان الدكتور أيمن علي لكنه رفض، مما استدعى لالغاء فكرة عقد المؤتمر الصحفى من الأساس، خشية الاعتقاد بحدوث انقسام داخل الرئاسة. وفى اليوم قبل الأخير من حكم الرئيس مرسى، الثلاثاء 2 يوليو 2013، حضر الدكتور أيمن علي، للمكان المعد للفريق الرئاسي في تمام الساعة التاسعة والنصف. وأعطي الأوامر بأن العمل مستمر كما هو، انتظارًا لما يستجد من أحداث. ثم توافد علي المكان الدكتور عصام الحداد والدكتوره باكينام الشرقاوى والسفير محمد رفاعة طهطاوي والدكتور أحمد عبد العاطي والمهندس أسعد الشيخة. وفور وصول الرئيس مرسي لقاعة الاجتماعات ذهب الجميع للاجتماع معه. وبعدها اجتمع مع صلاح عبد المقصود وزير الاعلام. وانضم إليهم الدكتور هشام قنديل، وتلاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي في تمام الواحدة والنصف ظهرًا. حينها خرج الفريق الرئاسى من القاعة ليجتمع الرئيس بالفريق السيسي وهشام قنديل فقط، لقرابة ثلاثة ساعات ونصف. وحسب الروايات، كانت الطائرات تحلق فوق مكان الاجتماعات، وبمجرد خروج الفريق السيسي من القاعة، ظهرت عليه هو والدكتور هشام قنديل، علامات الارتياح والتفاؤل، وانصرفا معًا. بعدها انتهى تحليق الطائرات أعلى المكان، عقب مغادرة الفريق السيسي مباشرة. وخلال اجتماع الرئيس مع الفريق السيسي حضر أحد أبناءه، أسامة محمد مرسي، ودخل قاعة الاجتماعات وطلب رؤية والده، غير أن طلبه قوبل بالرفض، مما جعله يغادر المكان. وعقب مغادرة السيسى وقنديل مباشرة، بدأت الهمهمات في المكاتب، وتعالت الأصوات عبر الطرقات، وتوتر المكان بالكامل، وطلب الرئيس الاجتماع مع فريقة الرئاسى. غير أن إدارة العملية الاعلامية للرئاسة بعدها، لم تتم بشكل جيد ولم تسفر عن جديد. حيث اقتصر الأمر على مداخلات الدكتور محمد محسوب، والدكتور رمضان بطيخ وأحمد عبد العزيز وغيرهم. فى حين راح البعض يوجه التوبيخ لبعض قيادات ماسبيرو لاصرارهم على نقل الصورة عبر كافة الميادين، مع تجاهل ميدان رابعة العدوية تمامًا. ومن ضمن الشخصيات التى قابلت الرئيس فى أيامه الأخيرة الدكتور عاطف المطيعي، وهو رئيس قسم التصوير بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان، وكان قد انضم للفريق الاعلامي منذ فبراير 2013، وأيضًا هو مستشار الرئيس للتصوير الاعلامي، والمسئول عن الاستديو الرئاسي، ومقره قرب قيادة القوات الجوية. وأيضًا هناك الصحفى خالد بركات، والطبيب أسامة العرابي. وأيضا التقى الرئيس بالدكتور ياسر هدارة، عضو التنظيم الدولي والمقيم بكندا والمتخصص في الهندسة، ليقوم بمهمة الاتصال بوسائل الاعلام الخارجية. وأيضا التقى مع سندس عاصم، وهى من الناشطات الاخوانيات، ومدرس الاعلام بالجامعة الامريكية، وهى التى رتبت مع ياسر هدارة، باعتبارها مساعدته، عدة مكالمات مع مسئولين أوروبيين فى الأول من يوليو 2013 لتوجيه وسائل الاعلام الغربية، عن كيفية التعامل مع ما حدث من انقلاب. وبالطبع كانت هناك شخصيات حاضرة فى المكان لكنها غير معروفة كالدكتورة نيفين، وهى ضمن فريق ياسر هدارة . وهناك حمادة فتحي مسئول التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعى. ووائل الحديني، المسئول عن موقع الرئيس وادارة المواقع الخاصة بالمساعدين والمستشارين. وهناك مدير مكتب الرئيس، وكان يقوم بكتابة الخطابات الرسمية بنفسه، وارسال الفاكسات واستقبالها. وكان يوجد عناصر إخوانية أخرى عديدة فى غرفة عمليات مجهزة بالدور الارضي، وكانوا تحت إدارة خالد القزاز، سكرتير الرئيس للعلاقات الخارجية، ومحمد حافظ سكرتير الرئيس الخاص. وهناك الدكتور محمد مراد، مسئول تنمية الموارد البشرية داخل الرئاسة، ومحمد رزيق مستشار رئيس الديوان. وهناك من شباب الجماعة أحمد حسن، مسئول الانترنت ورفع بيانات المتحدثين الرسميين علي الفيس بوك. وخالد يسري، اليد اليمني لعبد المجيد مشالي. وهناك أشخاص أخرين مجهولى الاسماء والمهمات. غير أن الأمر الذى يثير الدهشة والاستغراب هو عدم وجود كبير الياوران، اللواء عبد المؤمن فودة، واللواء حاتم قناوي، كبير الامناء والمفروض أنه مسئول عن تنظيم المقابلات والاجتماعات. وبالقطع هناك تفاصيل أخرى ستظهر فى القريب عن كل تلك الأمور، ومع حديث هؤلاء عن أيامهم الأخيرة مع الرئيس السابق. ونأتى لليوم الأخير فى حياة الرئيس مرسى مع السلطة، وهو يوم الأربعاء 3 يوليو 2013. ففى تمام الساعة التاسعة والنصف صباحًا دخل الدكتور أحمد عبد العاطي، والمهندس أسعد الشيخة والسفير الطهطاوى لقاعة الاجتماعات، حينما حضر الرئيس. وبالطبع هذا اليوم لا يحتاج لتفصيل، فهو يوم يعرفه المصريون جميعًا، ويعرفون ما حدث فيه من تداعيات عقب بيان السيسى والاطاحة بمرسى. فحالة من الهياج والرفض والاستنكار قد حدثت وسادت بين الرئيس ورجاله داخل الحرس الجمهورى، انتهى الأمر بعدها بساعات بتهدأة الرجل واقناعه بالبقاء هناك حفاظًا على حياته. ربما تكون قصة الرئيس مع السطة قد انتهت عند هذا الحد يوم 3 يوليو 2013، لكن حتمًا قصة رجاله مازالت مستمرة حتى الاَن، ولن تنتهى بسهولة. فما يحدث فى ميدان رابعة وغيره من ميادين، هم الذين يتولون ترتيب أوضاعه، ورسم سياساته، ووضع استراتيجياته.
د. أحمد عبد الدايم محمد حسين- كاتب ومحلل سياسى Ahmedabdeldaim210@hotmail,com