ساعات قليلة ويبدأ المونديال الافريقي في جنوب افريقيا ، ويتكلم العالم أجمع لغة الكرة ويتنفس إثارة ومفاجأت وتكتيك، وإعجاب مشترك بالمباريات المثيرة واللعبة الحلوة، واللاعب الفنان، والنجم الهداف مهما كانت جنسيته أو لونه او دينه . كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، أو منافسة ، او بطولة فيها فائز ومهزوم ، بل أصبحت ثقافة سائدة ، ولغة عالمية مفهومة للجميع،ومعاني انسانية مشتركة يحسها ويتفاعل بها سكان المعمورة ، بعيداً عن العولمة والقرية الكونية والعالم الافتراضي وغيرها من المفاهيم التي أثقلنا بها علماء وخبراء الاجتماع السياسي والإعلام وعلم النفس. حالة الكرة وخصوصية كأس العالم هي النموذج الامثل للعولمة وأخواتها من المصطلحات المنحوتة في" الميديا " العالمية ، والتي سنتابعها مع العالم أجمع خلال هذه الايام ، وهي دعوة للمتعة وإعادة فهم ما يحدث في عالم اللعبة المستديرة في منطقتنا ، وهل مانمارسه في بلادنا العربية هو كرة قدم أم لعبة أخري بنفس المسمي ، والمونديال سيكون فرصة لغسل همومنا الكروية - وربما إحباطاتنا العربية - ونحن في موقف المتفرج وليس لنا سوي سفير واحد هو المنتخب الجزائري الملقب بمحاربي الصحراء الذين أطمع أن يكونوا إسماً علي مسمي . وإذا جاءت سيرة الجزائر هذه الايام ، وفي سطور كاتب وإعلامي مصري ،فإن الجميع يتوقع همزاً ولمزاً وربما ضرباً تحت الحزام ، ولكني قد لا أفاجيء الكثيرون ممن يعرفونني وويثقون بكلماتي ويحسنون الظن بي ، عندما أقول بأنني مع منتخب الجزائر قلباً وقالباً في المونديال وربما ليس لوقفتي هذه قيمة كبيرة ،ولا معني أو تأثير ما ، غير أني أسجل موقفي العروبي المعتز والمحب لكل ماهو عربي أو إسلامي ، مهما كانت حجم الاخطاء المشتركة الفادحة في المشهد الكروي المصري الجزائري وما سبقه وما تبعه من تصريحات طائشة رعناء من هنا وهناك ، او كلمات غير مسؤولة من بعض الاعلاميين أو بعض المسؤولين الرسميين - بكل أسف - من الجانبين الجزائري والمصري . وبعد تأمل طويل لهذا المشهد المؤسف أسجل بكل براءة اندهاشي من موقف الرئيسين الكبيرين مبارك وبوتفليقة ربا العائلتين المصرية والجزائرية وصمتهما الطويل قبل أن يتصافحاً أخيراً في نيس بفرنسا ؟! ربما قد أكون دخلت في المحظور ، ولكن رجائي لكل الاخوة المجتهدين في مختلف وسائل الاعلام العربية إبان المونديال من اعلاميين ومحللين وضيوف من كافة الجنسيات العربية : "الفتنة نائمة .. لعن الله من أيقظها " رجاء ارفعوا أيديكم عن علاقات وخلافات مصر والجزائر ،ولا داعي لاستغلال المونديال للصيد في الماء العكر، أو المزايدة والمبالغة في إظهار افتنانكم بالمنتخب الجزائري وكأنكم تسعون لهدف آخر ، من حقكم ومن واجبكم - ونحن معكم - أن تساندوا وتؤازروا منتخبنا العربي الجزائري بإخلاص ومحبة من قلوبكم دون مآرب أخري أو معاني في بطن الشاعر ! لا أتكلم بإسم المصريين أو بالنيابة عنهم ، ولكني واثق من ان ملايين المصريين سيميلون معي إلي تشجيع المنتخب العربي الجزائري الشقيق ، ودعاؤنا بالتوفيق لإخوتنا في أن يحققوا التمثيل اللائق للأمة العربية، ومن وجهة نظري المتواضعة ، فإن أي فوز يحققه المنتخب الجزائري في المونديال هو فوز لكل العرب والمسلمين ، والمصريون لا ينتظرون الشماتة في إخوانهم الجزائريين.. ولكل من يتربصون لصب الزيت علي النار أقول : اتقوا الله . عزالدين الكلاوي