منذ انهار الاتحاد السوفياتي وروسيا تعتبر محلا للتساؤل عن مدى وراثتها لندّية الاتحاد السوفياتي سابقا للولايات المتحدة، خصوصا وان روسيا هي التي ورثت الكم الاكبر من السلاح النووي السوفياتي، وفي كل مرة يراهن فيها البعض على روسيا منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي لتكون هي المعادل للنفوذ الأميركي او تكون هي الدولة التي ستحول دون تغول الولاياتالمتحدة وانفرادها في هذا العالم، تخذل روسيا من يراهن عليها وتفضل السير في الركب الاميركي وقبض الثمن من الغرب على هذه المواقف. ولعل روسيا هي التي تمارس عملية الظهور في المنافسة والمواجهة في السياسات ويخيل للغير انها عادت لتحمل رسالة الاتحاد السوفياتي في اقتسام النفوذ مع الولاياتالمتحدة الا انها عادة ما تخذل من يراهن عليها وتظهر بانها عبارة عن دولة من دول العالم الثالث لا تزال بحاجة الى المساعدات الغربية وبحاجة الى التقدم التكنولوجي الغربي والاهم الدولارات الاميركية، هذه ايران التي تعتبر في مجال السياسة الخارجية والحسابات الدولية من ادق الدول ومن اكثرها احترافا في السياسة تنخدع بالموقف الروسي وتراهن على الموقف الروسي ثم تفضل روسيا الثمن الذي يدفعه الغرب على أي حسابات نفوذ او منافسة للولايات المتحدة. ربما تكون روسيا محقة فيما تفعله فهي ستؤيد الموقف الاميركي في النهاية بالنسبة للسياسات خصوصا في العالم الاسلامي فلماذا لا تلعب اللعبة لتقبض الثمن لمواقفها من الولاياتالمتحدة، هل فعلا كانت ايران البراجماتية لا تعلم ان روسيا في النهاية ستكون في الصف الاميركي، مع ان روسيا تمارس نفس اللعبة منذ بدأ الاعداد لحرب الخليج الاولى في زمن غورباتشوف، ورغم ان الدولة التي كانت لا تزال معلنة في عهد غورباتشوف هي الاتحاد السوفياتي وليس روسيا، الرئيس الايراني احمدي نجاد خرج عن الصمت عقب الموقف الروسي الاخير وقال في حق الروس ما دفعهم الى رفض التصريحات الايرانية. روسيا حقيقة لا ينتظر منها تأييد قضايا لدول اسلامية سواء كانت هذه الدول عربية او كانت ايران او غيرها، فالامور حقيقة لا تقاس في سياسات الدول بالموقف السياسي المصلحي الآني فقط فالتاريخ والجغرافيا والمعتقدات لا يمكن إقصاؤها والاعتقاد بانها ليست من مكونات المواقف السياسية او العوامل المساعدة على صنع المواقف السياسية وانه لا يمكن التوصل الى موقف سياسي في دولة ما بعيدا عن ثوابتها وديانة اهلها والتاريخ الذي يترك بصماته دائما على قرارات الحاضر، الروس هم من الشعوب السلافية البروتستانتية مثل الصرب وهي الشعوب التي ما زالت تتصرف حيال العالم الاسلامي بعقلية الصراع الذي خاضته هذه الشعوب ضد دولة الخلافة العثمانية، الم تكن المذابح التي ارتكبها الصرب ضد المسلمين في البوسنة هي المذابح الأبشع في التاريخ الحديث وهل كانت مواقف الروس حيال الشعوب الإسلامية التي ضمت الى الاتحاد السوفياتي سابقا مواقف نبيلة أم إنها كانت تقوم على التمييز والاذلال والقتل احيانا. يراهن البعض من اصحاب المحاور في المنطقة الشرق اوسطية العربية الآن على روسيا ورغبتها في العودة الى المنطقة، نقول لهؤلاء نعم يشهد العالم الآن مرحلة تحول مفادها تراجع الدور الاميركي الذي قام على الحروب منذ عقدين تقريبا مما ادى الى مضاعفة حجم العداء للولايات المتحدة وحيث ان الولاياتالمتحدة لاسباب اقتصادية واسباب عسكرية لم تعد قادرة على الدخول في مستنقعات حروب اخرى، وان هنالك قوى الآن تتهيأ للمنافسة وتقاسم النفوذ مع اميركا لكننا في العالم العربي علينا ان نعي الدرس ولا نراهن على روسيا كثيرا. المصدر: "البلاد" البحرينية.