"إننا نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود" كانت تلك كلمات المجلس العسكري عبر بيانه الشهير في 25 مارس 2012، وقبل أن يتقدم الإخوان بمرشح في الانتخابات الرئاسية، وهذه الكلمات فضلًا على أنها تثبت أن نية الانقلاب على الشرعية راسخة لدى العسكر من بداية الثورة إلا أنها أيضًا تبين لنا ما هو السيناريو الذي يسيطر عليهم في تنفيذ ذلك الانقلاب، إنه سيناريو 54. وقد يظن البعض أن انقلاب العسكر في يوليو 2013 كان بسبب خطأ الإخوان بالدفع بمرشح لرئاسة الجمهورية، والحق أن ذلك غير صحيح فقد أحجم الإخوان عن خوض المعركة الانتخابية عام 52، ورفضوا الاشتراك في الوزارة حتى يتسنى لهم تنظيم صفوفهم ومع ذلك تم الانقلاب العسكري على الشرعية بعد ثورة يوليو بعامين كما تم بعد ثورة يناير بعامين أيضًا. لقد فتح العسكر كتاب التاريخ على هذه الصفحة وأخذ ينفذ ما يقرأه بالحرف الواحد دون النظر لتغير الظروف والأحول، تعالوا بنا نقرأ معهم في ذات الصفحة: السطر الأول محاولة إقالة محمد نجيب في فبراير 54 وخروج مظاهرات ضخمة تطالب بعودة نجيب، يضطر عبد الناصر لإعادته بسبب تلك المظاهرات، ويتم تنظيم مليونية كبيرة بلغة العصر عند قصر عابدين في 28 فبراير للاحتفال والمطالبة بتكوين جمهورية برلمانية لم يستطع أحد أن يصرف الجموع حتى جاءت إشارة واحدة من الشهيد عبد القادر عودة، يتشابه هذا السطر مع محاولة سيطرة العسكر على الحكم من خلال وثيقة السلمي التي تم إحباطها بمليونية كبيرة. السطر الثاني البوليس الحربي يعتقل 118 شخصًا على رأسهم عبد القادر عودة بعد المظاهرة بثلاثة أيام فقط مع تلفيق تهمة التدبير لإحداث فتنة، والآن يتم اعتقال قيادات الإخوان ثم يتم البحث عن تهم تناسب الاعتقال والحبس. السطر الثالث 26 مارس إضراب شامل في وسائل النقل للمطالبة بعدم عودة الحياة البرلمانية والإبقاء على مجلس الثورة (العسكر)، مظاهرات بإدارة من البوليس الحربي تطالب بالبقاء على العسكر، وفي عصرنا يتم إدارة مجموعات البلاك بلوك لإثارة الفوضى وحرق الممتلكات ثم الدعوة لمظاهرات 30 يونيه 2013، ولكن الفرق أن الإخوان في 54 لم يخرجوا في مظاهرات مضادة بل ناشدوا الشعب العودة للهدوء ودفعت البلد كما دفعوا هم ثمن ذلك باهظُا لذا فقد وعى الإخوان الدرس ودعوا الشعب للخروج قبل 30 يونيه للمحافظة على الشرعية. السطر الرابع وسائل الإعلام (الأهرام والأخبار) تدفع في بقاء العسكر وتشيطن الإخوان المسلمين، وفي عام 2013 أصبح الإعلام أشد فتكُا إذ أصبح التلفيق مصحوبًا بخطاب إعلامي بالصوت والصورة، ولكن أصبح العالم قرية صغيرة فلن يتمكن أحد أن يحتكر الصوت والصورة ويخدع الناس ومثال ذلك الفيديو الفضيحة للفريق السيسي وكيف تم اكتشاف تلفيقه بعد ساعات من بثه تلفزيونيًا. السطر الأخير تدبير محاولة اغتيال عبد الناصر في حادثة المنشية الشهيرة في 26 أكتوبر 1954 وعزل محمد نجيب ووضعه تحت الإقامة الجبرية واعتقال وتعذيب الآلاف من الإخوان وسيطرة العسكر على الحكم وسط مباركة شعبية، وبالفعل قام وزير الدفاع بعزل رئيس الجمهورية ثم أعلن المتحدث الرسمي للمجلس العسكري بعدها بأيام عن محاولة اغتيال السيسي وكيف تم إحباطها، ولكن السيسي لم يكن عبد الناصر فلم يهتم أحد بالخبر، كما أن خطف الرئيس قوبل برفض شعبي عارم. وما يفعله العسكر اليوم من طلب نزول الشعب للشوارع لتأييده هو استدعاء ساذج لنفس النموذج القديم حتى يستكمل صورة الاعتقالات والتعذيب بدعوى السند الشعبي، وهو بذلك يدفع إلى حرب أهلية ومزيد من الدماء، ولكنها ستفشل بإذن الله تعالى ويعود الوئام لعموم الشعب المصري.