قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن أخطاء قادة الجيش المميتة تزيد الوضع سوءًا في مصر، معتبرة أن مذبحة "النصب التذكاري" التي راح ضحيتها العشرات من مؤيدي مرسي ستجعل تحقيق المصالحة الوطنية والعودة للديمقراطية أصعب بكثير. وأضافت أن مخاطر تخلي أي بلد عن البحث عن حل سلمي عالية للغاية، وأن المصريين بالطبع يتحملون العبء الرئيسي، فنفوذ الولاياتالمتحدة أصبح محدودًا على الرغم من الدعم السنوي الذي تقدم للجيش المصري، كما أن سنوات من السياسات الأمريكية غير المتسقة تقوض نوايا الولاياتالأمريكية الحسنة. وأكدت الصحيفة في افتتاحيتها أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في أمس الحاجة لإعادة بناء الثقة في بلاده، مشيرة إلى أن أوباما لا يمكن أن يحقق هذا من خلال الحفاظ على الصمت الدبلوماسي الحذر في الوقت الذي ينهار فيه أكبر وأهم بلد عربي. وتابعت قائلة إنه أياً ما كان الحاكم العسكري الجديد في مصر، الفريق عبد الفتاح السيسي، يظن أنه فاعل بدعوة الناس للنزول إلى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي لمنحه "تفويضًا" لمحاربة الإرهاب، فإن النتيجة كانت المزيد من تقويض احتمالات تحقق الاستقرار في البلاد. وأياً ما كانت الجماعات التي تصف نفسها بأنها موالية للديمقراطية تظن أنها فاعلة بتأييد دعوة السيسي، فإن النتيجة كانت تعزيز سلطة الجيش وتأجيج الانقسامات بين الأحزاب المدنية، بحسب الصحيفة. وأيا ما كان قادة الإخوان يظنون أنهم فاعلون بحث أتباعهم على تحدي قوات الأمن، فإن النتيجة كانت المزيد من سفك الدماء ومنح الجيش أعذار جديدة للقمع. وحملت الصحيفة السيسي مسؤولية مقتل العشرات وإصابة المئات من أنصار الرئيس المعزول، مؤكدة أن الجيش وليس الحكومة الانتقالية الشكلية هو من يملك السلطة السياسية الحقيقية في هذه النقطة. وأشارت إلى أن الانتفاضة الشعبية الهائلة التي أدت لسحب دعم الجيش للرئيس المخلوع حسني مبارك أدت إلى انتخابات حرة وتحديات مدنية مستمرة للتجاوزات الطائفية لحكم الإخوان المسلمين، ولكن الآن فإن السياسة المدنية تعاني من عدم وجود قيادة فعالة، فالجيش ملأ هذا الفراغ وعرض كل المكاسب التي تحققت منذ 2011 لخطر جسيم. وتوقعت الصحيفة أن تزداد الأمور سوءًا لحين إقناع الجيش بتسليم السلطة والعودة إلى ثكناته، واستبعدت أن تتلقى مصر أي مساعدة من الدول العربية الأخرى خاصة السعودية وحليفتها الإمارات، مشيرة إلى أن أكثر ما يهم هاتين الدولتين هو القضاء على أي تهديد سياسي محتمل للحكم الاستبدادي على أرضهما وليس تشجيع الديمقراطية في مصر. أما إسرائيل، فترى الصحيفة أن لديها مخاوفها الأمنية المشروعة والتي تتركز في معظمها حول منع التهديدات القادمة من شبه جزيرة سيناء في مصر وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. وترى الصحيفة أنه لم يتبق سوى الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن زيارة كاثرين آشتون، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، للرئيس المعزول محمد مرسي كانت مفيدة في وقت تنتشر فيه شائعات لا أساس لها عن سوء معاملة الجيش لمرسي. غير أن الصحيفة انتقدت دور الولاياتالمتحدة قائلة إن الخوف المفرط والحرص المبالغ فيه للحفاظ على علاقات جيدة مع قادة مصر العسكريين والخوف من إضرار تراخي قبضة الجيش على سيناء والحدود مع قطاع غزة بمحادثات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية الوليدة كتم بشكل خاطئ الصوت الأمريكي، وأكدت أن ذلك الموقف لا يساعد مصر ولا يساعد الولاياتالمتحدة. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أنه لا ينبغي قطع الدعم العسكري الأمريكي لمصر، ولكن ينبغي ربطه بسلوك الجيش والتقدم في اتجاه عودة الحكم الديمقراطي، والأهم من ذلك كله أن الرئيس أوباما في حاجة لتوضيح الموقف الأمريكي من الصراع حول مستقبل مصر.