قرر الأنبا مكسيموس رئيس المجمع المقدس لكنائس القديس أثناسيوس الرسولي، تأجيل عقد مؤتمر حوار الأديان الذي كان قد أعلن عن عزمه تنظيمه، في إطار مبادرته الرامية للتخفيف من أجواء تهدئة الاحتقان الطائفي في مصر، بحضور علماء دين مسلمين يمثلون الأزهر وممثلي الطوائف المسيحية المختلفة في مصر. جاء قرار التأجيل إلى ما بعد عودته من رحلته الرعوية للولايات المتحدة، التي سيطير إليها نهاية مايو الجاري لحضور اجتماعات مجمع "نبراسكا" – الذي ينتمي له – علي أن يعود مطلع سبتمبر المقبل، لتنظيم "يوم القريب" في رمضان الذي اعتاد على إقامته حيث يدعو المسلمين إلى حفل إفطار في يوم الجمعة الأخيرة من شهر الصوم. وكان مكسيموس استضاف في صالونه مساء يوم الاثنين الماضي، كلاً من الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور إكرام لمعي مقرر لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية، والدكتور كمال مغيث الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية. وتناول اللقاء إشكالية الحرية والإيمان في الإسلام والمسيحية من خلال محورين أساسيين، الأول دار حول: هل يقوم الإيمان بدون حرية الاختيار وهل يكون الإيمان في هذه الحالة إيمانًا وإن كان الاختيار الحر شرطا أساسيًا لتكوين الإيمان والعقيدة فهل يجوز أن يجبر الإنسان على عقيدة بعينها أو عدم تغيير إيمانه، أما المحور الثاني فكان حول موقف الإرادة الإلهية من الحرية البشرية، وإذا كان الله يجبر الإنسان على أفعاله- كما في رأى البعض- فكيف سيحاسب الله البشر على أعمال أجبر عليها. وكان الأنبا مكسيموس أعلن الشهر الماضي عن عزمه عقد مؤتمر موسع لحوار الأديان بحضور قيادات الأزهر والطوائف المسيحية المختلفة إلا أن هذا المؤتمر لم يجد طريقه إلي النور، نظرًا لبعض التضييق الذي يواجهه بعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية من قبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وبحسب ما انفردت "المصريون" نقلاً عن مصدر بارز بمجمع القديس أثناسيوس فإن الدكتور أحمد الطيب منذ تعيينه شيخًا للأزهر أوقف النشاطات الخاصة بمجمع البحوث الإسلامية ومنها الحوار مع الأنبا مكسيموس، مهددًا بعقاب المشاركين، وذلك بعد اتصالات مع البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ونتيجة ذلك لم يحضر سوى عبد المعطي بيومي بمفرده يوم الاثنين الماضي. يشار إلى أن "المصريون" كانت قد انفردت في ديسمبر الماضي بالكشف عن مبادرة الأنبا مكسيموس للحوار مع التيارات الإسلامية عن طريق تنظيم لقاءات فردية بدأها بلقاء الشيخ علاء أبو العزائم واستضافه على قناة "الراعي الصالح" ليتحدث عن تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن الإسلام. بعدها نظم صالوناً للحوار علي جلستين حضره قرابة 20 شخصاً يمثلون معظم التيارات الفكرية حيث مثل الأزهر الشريف الدكتور عبد المعطي بيومي والكنيسة الإنجيلية القس إكرام لمعي ورفعت فكري، فضلاً عن بعض الشخصيات العامة. وخلال الجلستين، أكد مكسيموس أن إساءات الأقباط لدين الإسلام تجافي إنجيل المسيح، وقال "اعتذر لأقربائي وأهلنا المسلمين" عن هؤلاء المسيئين للإسلام والمسلمين المتسمين بالمسيحية، وأشار إلى أن دعوته للحوار تنطلق من مبادرته التي تدعو إلى الاعتراف المتبادل لأصحاب الأديان كل بالأخر مع الاحتفاظ بخصوصية الإيمان و إقرار حق الآخر في أن يكون له إيمانه المختلف، مميزا بين قوة الاعتراف بالآخر و مفهوم الإيمان.