فيما أعلنت إثيوبيا، التي يأتي منها 86% من مياه النيل عن افتتاحها سدًّا جديدًا على النهر، هو الثاني خلال أقل من عام، ويعتقد مراقبون أن من شأن السدين أن يحدَّا من حصة مصر من مياه النيل على المدى الطويل، قال مصدر في الحكومة المصرية: إن القاهرة "تدعو دول حوض النيل للعودة لمائدة المفاوضات حول اتفاقية المياه" وأن الرئيس المصري حسني مبارك يتابع الملف عن كثب، مؤكدًا رغبة بلاده في التوصل لحلول ترضي جميع الأطراف، على أساس من التعاون لصالح شعوب حوض النيل، وذلك بعد يوم من توقيع أربع، من سبع دول تقع على منابع النيل، اتفاقية من شأنها التأثير على حصة مصر في مياه النيل مستقبلًا. وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن متابعة الرئيس المصري لهذا الملف المهم "لا يتضمن الاتصال برؤساء دول حوض النيل المعنية فقط، وإنما التشاور أيضًا مع الجهات (بما فيها الدول) التي قد تقوم بتمويل مشروعات كبيرة في منابع النيل دون رجوع دول المنبع لمصر بهذا الخصوص" بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية. وأشار إلى أن مثل هذا الإجراء (المنفرد) يخالف اتفاقيتي 1929 و1959 بشأن الرجوع للقاهرة قبل البدء في أية مشروعات هناك. وبحسب مصدر في وزارة الموارد المائية والري المصرية، تسعى مصر لعقد اجتماع لدول حوض النيل في "وقت عاجل، وتوجد اتصالاتٌ جارية الآن.. الاجتماع خلال أيام"، لإعادة التفاوض حول الاتفاقية الإطارية بما يحفظ حق مصر في مياه النيل، والاستمرار في التعاون مع دول الحوض دون الدخول في صدام بين هذه الدول. فيما أوضح وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور محمد نصر الدين علام، أن توجيه مصر، بصفتها الرئيس الحالي للمجلس الوزاري لدول حوض النيل، دعوة لجميع دول الحوض للعودة إلى مائدة المفاوضات لدورة جديدة، يهدف إلى التعرُّض بشكل جدي للبنود العالقة في الاتفاقية الإطارية، ومحاولة الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، وتؤكد على التعاون من أجل الاستغلال الأمثل لمياه النهر. وتقدم الدكتور علام بتقرير للرئيس مبارك أمس عن نتائج توقيع أربع دول من بين سبع من دول المنبع على الاتفاقية الإطارية الجديدة، وقال المصدر الحكومي: الرئاسة تولي اهتمامًا خاصًّا بهذا الملف.. الأمر لن يقتصر على ضرورة التنبيه على الجهات المانحة بعدم إقامة أية مشروعات في دول منابع النيل إلا بعد الرجوع إلى مصر، بل "سيتطلب الأمر التدخل لدى عدد من الدول التي ثبت لنا أنها تقوم بالفعل أو تسعى لإقامة مشروعات في دول المنبع من شأنها أن تؤثر على حصة مصر التاريخية من مياه النهر". ومن المقرَّر أن تستعرض الحكومة المصرية الإجراءات التي ستقوم بها في هذا الشأن في اجتماعها الدوري المقبل خلال أيام، بالتشاور مع الجانب السوداني، وكذا بالاتصال مع عدد من دول منابع النيل، حيث سيزور عدد من المسئولين في تلك الدول، إضافة للسودان، القاهرة خلال الأسبوع المقبل. وافتتح رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوي، أمس، سدًّا لتوليد الكهرباء على النيل بكلفة نحو 500 مليون دولار، ونسبت صحيفة "نيشن" الكينية على موقعها على الإنترنت لزيناوي قوله أمس: "إن الانتهاء من السد يتوج جهود إثيوبيا على مدار مئات السنين لاستغلال موارد نهر النيل". وتم افتتاح السد على مصدر من المصادر الرئيسية لمياه نهر النيل في تانابليز (أحد الأحواض الفرعية للنيل الأزرق، وتعتبر مصدرًا أساسيًّا لنهر النيل) على بعد نحو 500 كيلو متر من العاصمة أديس أبابا غرب إثيوبيا، ويمكنه توليد طاقة كهربائية تقدر ب 460 ميجاوات، وقال زيناوي: إن الحكومة الإثيوبية تعمل على تحقيق هدف توليد طاقة كهربائية تتراوح ما بين 5 آلاف إلى 8 آلاف ميجاوات، وقالت الصحيفة الكينية: إن إثيوبيا بَنَت السد على نفقتها الخاصة بعد رفض المانحين تمويل المشروع، بحسب موقع إسلام اليوم. ويشار إلى أن إثيوبيا افتتحت أواخر العام الماضي أعلى سد في القارة الإفريقية على منابع النيل، وهو سد تيكيزي بارتفاع 188 مترًا، وحذَّر خبراء مياه مصريون من أن تدفع المشاريع الإثيوبية الدول الأخرى الواقعة على منابع النيل لبناء سدود دون العودة لمصر (دولة المصب) كما تنصُّ الاتفاقيات المنظمة لحصص مياه النيل، والتي ترفضها دول المنبع وتتمسك بها كل من مصر والسودان.