إن البطالة لمرض خبيث يفتت الأوطان ويقتل أحلام وآمال الشباب ويهدم رؤيتهم للمستقبل المشرق الذي طالما يحلمون به، ولعل هذه المشكلة من أبرز المشاكل التى تتسم بالعالمية وتوجد فى الدول المتقدمة والنامية. إن مشكلة البطالة واحدة من أهم القضايا الاجتماعية التى تؤثر بشكل مباشر على الرأى العام ورضا المواطنين وحالة المواطن النفسية والمعيشية، وبالتالى تؤثر على الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى. إن الاهتمام بهذه المشكلة ومحاولة الحد منها يعد هو الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات وتقدم الدول، والنظر لتلك المشكلة بشكل إيجابى وفعال يجب أن يكون من خلال إعادة النظر لثلاثة محاور، الأول هو التعليم، فيجب النظر إلى منظومة التعليم وتحديد أعداد المتعلمين بالجامعات حسب حاجة المجتمع لهم والنظر إلى توزيع طلاب العلم على الجامعات بالتساوى مع احتياجات المجتمع ومدى إمكانية توفير فرص عمل لهم، فمثلاً يقبل عدد طلاب كليات الحقوق حسب حاجة المجتمع وفرص العمل المتوفرة لهذا المجال، وعلى غرار ذلك جميع التخصصات. المحور الثانى: يجب أن تعمل الحكومات على زيادة حجم الاستثمارات وتنشيط حركة الاقتصاد الوطنى، وبالتالى خلق فرص حقيقية ومنتجة. المحور الثالث: يتمثل فى كيفية قراءة حاجات العمل الدولية لطاقات الشباب المصريين وتنميتهم ورفع مستوى معرفتهم لما تحتاج أسواق العمل الدولية خارج مصر، مثلاً إذا كانت السوق الآسيوية فى حاجة لشباب يتقنون لغة معينة، ويجب أن يكون لديهم معرفة كافية بإحدى الوسائل التكنولوجية أو برامج الحاسب الآلى، فتقوم الدولة بتدريب الشباب على المواصفات المطلوبة وتأهيلهم للمنافسة فى سوق العمل بالدول التى تحتاج لشغل الوظائف لديها وفقًا للمؤهلات التى تم التدريب عليها، مع العلم أن التقصير فى حل مشكلة البطالة وتحقيق هذا الهدف تعكس سلبًا على سلوكيات المجتمع وعلى درجة تقدمه، كما يترتب على ذلك زيادة فى حجم الجرائم والانحرافات التى تخلقها تداعيات هذه المشكلة والقصور فى التعامل معها، والتى تبدو واضحة جلية من قراءة صفحات الحوادث فى الصحف اليومية، فيجب على جميع أفراد المجتمع السعى لحل هذه المشكلة من مسئولين منفذين والقائمين على وضع الخطط والتدريب بوزارة الشباب، وكذا يجب على المستثمرين ورجال الأعمال فى مصر المساهمة فى حل تلك المشكلة من خلال تقديم الدعم للشباب غير القادر على العمل من خلال تدريبهم وتعليمهم وتنمية معرفتهم للمنافسة فى أسواق العمل الدولية وتجهيزهم للمنافسة فى كل المجالات المطلوبة فى الخارج، وجعلهم الأقدر والأفضل على إثبات ذاتهم وإمكانياتهم فى مجال العمل، ولعل جميعنا يدرك أن هذا حل لهذه المشكلة، فضلاً عن كونه يخلق فرص عمل للشباب ويرتقى بالنظام الاقتصادى المصرى، وما تصبو إليه من حل المشكلات الاجتماعية، إلا أنه يحافظ على أن تظل مصرنا الحبيبة بلد الأمن والأمان.