فيما يكتفي العرب بإصدار البيانات وإطلاق التصريحات الإعلامية التي لم تدرّ على الفلسطينيين أي فائدة تذكر.. تداعت مجموعات فاعلة من يهود أوروبا لتشكيل حركة ضغط على إسرائيل للانخراط جديًا في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين أطلقوا عليها اسم "جي كول"، أي (النداء اليهودي الأوروبي للتعقل) لتكون النسخة الأوروبية عن لوبي الضغط اليهودي الأمريكي الذي يطلق عليه اسم "جي ستريت" . وأطلق "جي كول" بالمناسبة "نداءً إلى التعقل" مرفقًا بتوقيع نحو أربعة آلاف شخصية أوروبية، بينهم النائب الأوروبي دانيال كوهن بنديت والمؤرخ زئيف شتيرنيل ورئيسة المركز العلماني اليهودي في بلجيكا ميشيل شواركبورت والنائب الأوروبي فنسون بييون والكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي والسفير الإسرائيلي السابق في ألمانيا أفي بريمور ورئيس حركة السلام الآن – فرنسا دافيد شملا . وتضمن النداء الذي تم إطلاقه من مقر البرلمان الأوروبي يوم الاثنين في 3/5/2010 دعوة إلى الحكومة الإسرائيلية للعمل جديًا على إقرار سلام دائم في المنطقة قبل فوات الأوان . ومن الأسباب التي دعت هذه الشخصيات إلى تشكيل اللوبي اليهودي الأوروبي إدراكها أن إسرائيل باتت مهددة بسبب تصاعد موجات المعاداة للسامية في الشرق الأوسط وفي أوروبا بسبب ممارسات العنف التي يقوم بها جنود إسرائيليون، ومهددة أيضًا على المدى البعيد بالازدياد الديموغرافي الفلسطيني، وتمدد نفوذ الحركات الأصولية الإسلامية، ومواقف إيران واستعداداتها العسكرية، الأمر الذي يحتم برأي أعضاء هذا اللوبي الجديد ضرورة إقرار سلام دائم في المنطقة والانفتاح على دول الجوار والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لأن من شأن كافة هذه الأمور مجتمعة ضمان استمرارية دولة إسرائيل داخل حدود آمنة . وتلتقي هذه الطروحات مع ما سبق وأعلنه اللوبي اليهودي الأمريكي "جي ستريت"، ومع ما سبق وناقشه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتياهو من أن السلام هو الضمانة الوحيدة لبقاء إسرائيل وأن الظروف برأي الرئيس الأمريكي مواتية جدًا اليوم، فيما لن تكون على هذه الحال بعد سنوات مقبلة، من منطلق أن شعور العداء لإسرائيل يزداد في المنطقة رغم معاهدات السلام التي تم توقيعها مع مصر والأردن . ولوحظ أن ولادة "جي كول" جاءت قبل يومين من بدء المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية التي يرعاها المبعوث الأمريكي جورج ميتشل، والتي وافق عليها وزراء الخارجية العرب في أكثر من مناسبة، شرط أن لا تستمر أكثر من أربعة أشهر . ولم يتم الإفصاح عن طبيعة الضمانات التي قدمتها الإدارة الأمريكية إلى الرئيس محمود عباس حتى وافق على بدء المفاوضات غير المباشرة، حيث كان يشترط تجميد الاستيطان ووقف تهويد القدس، كما لم يتم الكشف عن الإغراءات التي قدمها الرئيس الأمريكي إلى رئيس حكومة إسرائيل لقاء قبوله بالتفاوض غير المباشر، خاصة وأن هذا الأخير يتخوف من انقلاب حلفائه عليه وتحديدًا وزير خارجيته افيغدور ليبرمان الذي يتزعم الحركة اليمينية المتشددة "إسرائيل بيتنا" . وحول هذه النقطة الأخيرة يتردد أن نتنياهو قد أعدّ سيناريو بمساعدة أمريكية يقضي باستبدال وزراء اليمين المتشدد في حكومته بوزراء من اليسار والوسط مثل "كاديما" في حال تعارُض مواقفه مع مواقفهم . كما يتردد أن الرئيس الأمريكي هدد باللجوء إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في حال وصول المفاوضات غير المباشرة إلى طريق مسدود . ولكن تبقى كل هذه المسائل من باب التوقعات والتكهنات، لأن مقياس النجاح مرتبط بمدى استعداد نتنياهو للالتزام بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وفق القاعدة المجمع عليها عربيًا القائلة بأن "الأرض مقابل السلام"، وليس وفق القاعدة الإسرائيلية القائلة بأن "السلام مقابل السلام" . المصدر: الإسلام اليوم