وقعت أربعة من دول حوض نهر النيل اليوم الجمعة في مدينة عنتيبي الأوغندية على اتفاقية إطارية مثيرة للجدل في غياب دولتي المصب مصر والسودان، ووقع ممثلو إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله منذ حوالي عشر سنين بين الدول التسع التي يمر عبرها النهر من اجل تقاسم أفضل لمياه النهر. وأعلنت وزيرة المياه الأوغندية جنيفر نامويانجو أن الاتفاقية الجديدة ستضمن "تقاسما أكثر عدالة" لمياه اكبر نهر في أفريقيا, بحسب ما ترى هذه الدول. وأوضحت أن الدول التي على استعداد للانضمام إلى الاتفاقية ستمنح مهلة سنة. وأكدت الوزيرة الأوغندية أن بنود الاتفاقية "لن تتغير", معربة عن الأسف لرغبة مصر والسودان في الإبقاء على الوضع القائم. وقالت إن البلدين "سيتأكدان من صدقنا وجديتنا وأننا نبقي في أذهاننا أنه ينبغي ألا نواجه" هاتين الدولتين. ومن جانبه، حذر جون نياورو المسؤول بوزارة المياه والري الكينية والذي كان مشاركا في المفاوضات حول هذا الموضوع خلال السنوات العشر الماضية، من خطر الفوضى إذا لم يتم التوصل لاتفاق، لكن السودان ومصر اللتين تعتمدان بشكل كلي على النيل في التزود بالمياه ترفضان هذه التحركات. وأكد مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية في مصر أن الاتفاقية التي وقعت لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التي لم توقع عليها . وكان الاتفاق الحالي لتقاسم مياه النيل قد وقع عام 1929 بين مصر وبريطانيا وتمت مراجعته عام 1959. ويمنح هذا الاتفاق مصر حصة قدرها 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا بينما يبلغ نصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل البالغة 84 مليار متر مكعب سنويا، أي أن البلدين يحصلان على حوالي 87 % من مياه النهر. وتمتلك القاهرة بموجب هذه الاتفاقية كذلك حق النقض في ما يتعلق بأي أعمال أو إنشاءات يمكن أن تؤثر على حصتها من مياه النهر مثل السدود والمنشآت الصناعية اللازمة للري. ووفق الإحصاءات الرسمية فان احتياجات مصر المائية ستزيد عن مواردها في عام 2017. وجرت مفاوضات صعبة طيلة عشر سنوات, بين الدول التسع المطلة على حوض النيل, انتهت أخيرا في منتصف ابريل الماضي إلى مشروع اتفاق خلال محادثات جرت في شرم الشيخ سارعت مصر إلى رفضه. وتخشى القاهرة والخرطوم من تراجع كبير في إمداداتهما بالمياه مع الاتفاق-الإطار الجديد الذي ينص على عدد من مشاريع الري والسدود لتوليد الكهرباء في الدول التي يمر فيها النهر. وأكد أحد الخبراء أن "منسوب النهر لن يتأثر" بفعل مشروعات الري المستقبلية، وفي المقابل "فان بناء سدود يشكل نقطة خلاف واضحة, وقد يقلص ذلك بصورة كبيرة حجم" النهر, كما اقر هذا الاختصاصي الذي رفض الكشف عن هويته. وتمسكت مصر بحصتها التقليدية من مياه نهر النيل وحذرت دول حوض النيل من توقيع اتفاق لتقاسم مياه النهر لا تكون طرفا فيه، واعتبرت القاهرة القضية مسألة أمن قومي مؤكدة أنها ستدافع عما وصفته بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل. وتعتبر مصر الذي يصل عدد سكانها إلى زهاء 80 مليونا أن دول وسط أفريقيا تستفيد من أمطار غزيرة, يذهب قسم كبير منها هدرا, ويمكن استغلاله بطريقة أفضل. ولا تزال مصر تؤيد المفاوضات للتوصل إلى اتفاق كما أكد وزير خارجيتها احمد ابو الغيط مؤخرا الذي قال أيضا "في حال وقعت بعض الدول اتفاقا لا يحظى باجماع, فاننا سنشدد على احترام القانون الدولي".