كنت أحسب أن الرئيس مبارك ، هو وحده الذي على قمة السلطة ، الذي يحتاج كل حديث يدلي به للصحف أو للوكالات أو للفضائيات ، إلى من يخرج ليفسر كلامه ويصححه ويبرره ويدعي أن الناس لم تكن على مستوى تصريحات الرئيس من الفهم والذكاء والحكمة والعقلانية ، ولذلك فهي فهمته خطأ ! سيما كلما أدلى الرئيس بحديث عفوي غير محسوب وغير مدرك لحساسية الأوضاع الدولية الإقليمة . حتى تواترت أحاديث مستشاره السياسي أسامة الباز ، التي تثير "الضحك" أحيانا ، وتثير الغضب في كثير من الاحيان ، لاستخفافها بعقول المصريين ، وبإحساسنا بأنه يتكلم وكأنه يعتقد أننا شعب أمي جاهل لايفرق بين الألف وكوز الذرة . الباز صرح في جامعة حلوان منذ ثلاث أيام ، "أنه لا يوجد شيء اسمه التوريث، لأن هذا الأمر نفاه جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني بنفسه في برنامج تليفزيوني علي الملأ"! يا دكتور أسامة عيب أن يصدر هذا الكلام من واحد مثلك ! كلنا نعرف أن الرئيس مبارك نفى ونجله جمال أيضا نفي حكاية "التوريث" ، لأن ترزية القوانين التابعين للرئاسة ومجلس الشعب المفصل على مقاسها أيضا ، شاركوا جميعا في إعداد كل شئ يُخرج سيناريو التوريث باعتباره "انتخابا" وليس "توريثا" ، وهذا ما يقصده الرئيس وكذلك نجله . وتساءل الباز:" هوه فيه حد عايز يتولي الحكم؟ الحاكم زي القابض علي جمرة من نار، خاصة في ظل الأحداث التي تتعرض لها مصر، وهل يستطيع أحد أن يتحمل ما حدث في الإسكندرية علي سبيل المثال" يا سلام يا سي أسامة !، أنا يا سيدي واحد من المصريين "أريد الحكم" .. ألم تشعر يا سعادة المستشار بما يُخجل ، وأنت تدعي أن مصر كلها لايوجد فيها أحد يريد الحكم ، ولذا تطوع الرئيس مبارك ليضطلع بهذه المهمة التي تركها المصريون جميعا ، وزهدوا فيها وأن الرئيس قبلها على مضض وهو متضرر منها وكأنه "قابض على الجمر"؟! يا دكتور أسامة عيب .! المادة 76 من الدستور بكامل اكسسواراتها ، فُصّلت على مقاس الرئيس وعلى مقاس نجله من بعده ، ليظل الحكم حكرا على عائلة الرئيس من الأب إلى الأنجال وربما الأحفاد أيضا . ثم إن جزءا أصيلا مما حدث بالأسكندرية وغيرها من حوادث طائفية تُسئل عنها سياسات القيادة السياسية التي رأت أن تشتري سكوت وانتقادات القوى الغربية على انتهاكاتها للديمقرطية في مصر ، بإرضاء الأقباط ببعض المكاسب الطائفية غير المبررة ، في لعبة خطرة وغير مسؤولة أوغرت صدور الغالبية المسلمة على أشقائهم الأقباط . حتى في حادث الأسكندرية الأخير ارتكبت السلطة حماقة طائفية بالغة الخطر ، عندما ألقت القبض على المسلم الذي قتل القبطي بإحدى الكنائس فيما تجاهلت عن عمد وقصد البحث عن القبطي قاتل المسلم ، الذي أوسوعوه الأقباط ضربا ، حتى قتلوه وهو يدافع عن سيدة مسلمة محجبة استهدفها الأقباط الغاضبون أثناء تشييعهم جثمان فقيدهم ، رغم أن واجب الدولة أن تقدم "المجرم" للعدالة أيا كانت ديانته باعتباره مواطنا مصريا تجري عليه أحكام القانون المصري . د. أسامة قال أيضا :" أن مد العمل بقانون الطوارئ لحين الانتهاء من قانون الإرهاب، جاء بسبب رغبة الرئيس حسني مبارك في جعل المواطن يشعر بالأمان الشخصي والوظيفي والسياسي والمالي والاجتماعي." يبدو لي أن مستشار الرئيس ، يعيش في بلد آخر غير مصر ، إذ إن المواطن المصري في ظل قانون الطوارئ ، انتهك أمانه الشخصي والوظيفي والسياسي والمالي والاجتماعي بصورة لم يشهد لها التاريخ المصري مثيلا لها منذ عشرة قرون ، بلغت حد سحل القضاة في الشوارع ، وأمام كاميرات وفضائيات العالم . يا سعادة المستشار أنا لا أدري سببا واحدا يدفعكم كل فترة للخروج على الرأي العام لتدافعوا عن "عائلة الرئيس" وبهذا الشكل الكاريكاتوري وكأنكم بتم مستشارا عائليا وليس سياسيا للرئيس !. وصدق رسول الله صلى عليه وسلم حين قال "من كان يؤمن بالله واليوم الأخر ، فليقل خيرا أو ليصمت " [email protected]