الاعتقالات والمطاردات الأمنية التي نراها هذه الأيام لقيادات الإخوان، ولعدد من الإعلاميين المؤيدين لهم، رسائل سيئة وربما تسيء أكثر إلى الرموز الوطنية التي ضمنت "خارطة المستقبل" التي أعلن عنها يوم 3/7/2013. التشفي في الجماعة، وتنامي نزعة التنكيل بها، باتت فجة بشكل أحال "الغضب" منها.. إلى "تعاطف" معها.. بل قد عززت من المخاوف والقلق من عودة الفاشية الأمنية بنسختها سيئة السمعة التي كانت عليها، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. ويبدو أن بعض المغيبين عن الواقع، يسلم نفسه إلى شهوة الانتقام بدون أن يدرك عواقب صنيعه.. وأن الانتهاكات "المنظمة" ضد حقوق الإنسان، أي إنسان، إخوانيًا أو إسلاميًا أو غير ذلك، قد تفضي إلى عودة الملايين إلى الشارع مجددًا.. ولنعيد إلى الذاكرة بأن الذي ضيع مبارك، وأنهى حياته في السجن، هي أجهزته الأمنية وانتهاكاتها الوحشية لحقوق الإنسان المصري، الإسلاميين بصفة خاصة. تراكم المرارات لا يتحمله الغاضبون.. واستمراء الانتهاكات، يعجل بنهاية مهينة للطغاة وللجلادين.. وهذا ما حدث فعلاً، حين سقطت أجهزة مبارك الأمنية، خلال سويعات قليلة من جمعة الغضب يوم 28 يناير 2013. لا نقبل بحال أن يستثمر، الجلادون، تنامي مشاعر الكراهية ضد فصيل سياسي معين، لانتهاك آدميته وحرماته وأعراضه.. ولن نقبل بعودة زوار الفجر، ولا بحفلات التعذيب داخل أقبية أمن الدولة، ولا بسياسات الترويع والتخويف والمشي داخل الحائط.. لن نقبل بأن يعاد التعامل مع المصريين بوصفهم خدمًا وعبيدًا عند باشاوات الأجهزة القمعية.. ولن نقبل بالعودة إلى مصادرة الحريات وقمع الرأي وتخويف الصحفيين والإعلاميين، واعتقالهم.. لن نسمح ب"تدليع" الإعلاميين المعارضين ل مرسي، و"حبس" الإعلاميين المؤيدين له.. لن نقبل بأن تتعامل مؤسسات الدولة، بمنطق "ثأري" مع أي تيار سياسي ديني أو مدني.. ولن نقبل أن يتولى النائب العام العائد عبد المجيد محمود التحقيق مع من أقالوه من منصبه.. إنها فضيحة أخلاقية، ولا يمكن بحال أن نرتاح إلى مثل هذا المنحى الذي يهدر حيدة العدالة ووقوفها عند مسافة واحدة من الخصوم. التباطؤ في تقديم عبد المجيد لاستقالته، لن يكون في مصلحة "المصالحة الوطنية" ولا في مصلحة "خارطة المستقبل" ولا في مصلحة كل المؤسسات الضامنة لها.. بل ربما تعيد الاعتبار للكلام الكثير الذي يشير إلى عودة دولة مبارك ورجاله ورموزه للاستيلاء على السلطة. معركتنا الراهنة، ينبغي أن تتركز على جبهة الحريات، ومكافحة الانتهاكات، وتوفير المظلة الإعلامية لحماية المواطن المصري، أيًا كانت هويته الدينية أو السياسية، من أية محاولة "مجنونة" لاستباحة حريته أو ماله أو عرضه أو حرماته.. وعلى زبانية التعذيب والانتهاكات أن يدركوا أنه لن تتردد القوى الوطنية المحبة للحرية والمناضلة من أجلها والتي قدمت آلاف التضحيات طلبًا للحرية وللعيش والكرامة والعدالة.. لن تسمح لأية سلطة وتحت أي مسمى أو مبرر، بدهس رقاب المصريين مرة أخرى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.