في الوقت الذي يجتهد فيه كل طرف في الصراع السياسي بمصر في تفسير بيان وزير الدفاع عبدالفتاح السياسي الذي لوح فيه بالتدخل في الأزمة الحالية إذا لم يتوافق الفرقاء على حل، ثمة اتفاق بين الخبراء على أن هذا البيان يؤكد أن الجيش مازال وصيا على المشهد في البلاد. ففي خطاب تحول فيما بعد لبيان من 11 نقطة، دعا السيسي في ندوة تثقيفية لضباط الجيش القوى السياسية إلى الوصول لتوافق ومصالحة حقيقية قبل مظاهرات شعبية حاشدة في 30 يونيو، ستطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، وإلا فإن الجيش سيتدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع. واستقبلت القوى السياسية البيان بما يتوافق مع موقفها من الأزمة السياسية، فالمعارضة رأته يقترب من استجابة لتدخل ضد حكم الإخوان المسلمين، أما الإخوان فرأوه تأكيدا لالتزام الجيش بالشرعية التي يمثلونها. لكن الكاتب الصحفي عبد الله كمال يقرأ المشهد من خلال ما لم يتضمنه البيان، على حد تعبيره، "فالبيان عطل أحد سيناريوهات جماعة الإخوان في اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية كإعلان حالة الطوارئ أو القبض على عدد من المعارضين". وأوضح كمال أن الجيش من خلال هذا البيان "يقدم نفسه باعتباره المؤسسة الراعية والوصية التي تحدد متى يمكن أن تكون الدولة معرضة للخطر ويقرر متى يمكن أن يتدخل في السياسة أو لا يتدخل". ورأى كمال أن الجيش "قادر على الاضطلاع بهذه المسؤولية بالتأكيد لأنه يحظى بشرعية اجتماعية ووطنية حقيقية، ليس لها علاقة بصندوق الانتخابات". وقال كمال إن البيان تلى "مجموعة من التحركات غير المعلنة منها تنبيه الرئيس محمد مرسي بخطورة الموقف والدعوة للاتصال بالمعارضة". واعتبر أن البيان "موجّه في الأساس إلى الرئيس لأنه هو من بيده القرار، وبالتالي فهو يحمل الرئيس مسؤولية الأزمة"، بحسب سكاي نيوز العربية. و"لم يدن بيان الجيش مظاهرات 30 يونيو بل تحدث عنها كسقف زمني للدعوة التي أطلقها من أجل الحوار"، وهو ما يظهر كيف ترى المؤسسة العسكرية الأمور، بحسب كمال. ويرى الخبير العسكري اللواء محمد علي بلال أن المؤسسة العسكرية أكدت من خلال بيان السيسي أنها "لم تكن بعيدة عن الحياة السياسية، وإنما كانت تحاول فقط النأي بنفسها عن حالة الاستقطاب السياسي". وأوضح أن الجيش كان "يحاول إبداء النصح بين الحين والآخر. وكانت عينه على الداخل مفتوحة دائما رغم أنه وجه كل تركيزه على مهامه الأساسية في تأمين البلاد". وتوقع بلال أنه لو اتخذت الأمور منحى تصادميا وفرضت على الجيش التدخل، "فلن تكون هناك حدود لهذا التدخل وسيكون رسميا مسؤولا عن البلاد". ويظل كثير من المصريين ينظرون للمؤسسة العسكرية باعتبارها الملاذ الأخير لحماية الدولة المصرية. وإذا كانت القوى الخارجية، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة الأميركية، اعتبرت قبل عامين الجيش "حامي الديمقراطية" في مصر، فمن غير المعروف ماذا سيكون موقف تلك القوى إذا تطلب الأمر في مصر تدخل الجيش. وانتقلت السلطة في مصر في فبراير 2011 من الرئيس السابق حسني مبارك إلى المجلس العسكري، حتى تم إجراء انتخابات رئاسية في يونيو 2012 أسفرت عن فوز مرسي.