هذا العنوان أو هذه العبارة جاءت على لسان السيد زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية وعضو مجلس الشعب ولم تأت على لسان أحد رموز اليسار الرافض لفكرة اقتصاد السوق أو على لسان أحد أعضاء الجماعة المحظورة التي تكن للحزب والحكومة ولجنة السياسات مشاعر الكراهية والرفض !. ومعنى العبارة أن الخصخصة سياسة ملعونة استفاد منها الحرامية دون غيرهم وقائل العبارة هو نفسه وأركان حزبه وحكومته هم أنفسهم الذين بشروا الشعب المصري بالمن والسلوى كثمار للخصخصة التي بدأت أولى حلقاتها في العام 1991م رغم اعتراض وتحذير أهل الخبرة في عديد من المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من النتائج الكارثية التي أصبحت واقعا معاشا ً في مظاهرات العمال . وقد بشروا الشعب وخاصة محدودي الدخل العاملين في القطاع العام بأنهم سيبيعون الشركات الخاسرة فقط دون الرابحة للقادرين على إدارتها بطريقة علمية تحولها إلى شركات رابحة ينعم فيها العمال برواتب أعلى ومشاركة في الأرباح ، وبعد أن أنجز الإعلام الحكومي دوره في تزين الفكرة شمرت الحكومة عن ساعديها وقدرت أوساط حكومية قيمة أصول القطاع العام المستهدفة بالبيع بنحو 500 مليار جنيه واعتمدت الحكومة سياسة البيع لمستثمر استراتيجي تحديداً بدلا ً من طرح الشركات للاكتتاب العام الداخلي لأبناء الشعب والتي تتيح للعمال والادارة الوطنية إقالتها الشركات المخصصة من عثرتها . وقامت الحكومة ببيع نصفها ب 25 مليار جنيه !! حيث تم بيع 194 شركة منها بحوالي 17 مليار جنيه، أعقبها القرار الحكومي بتعويم الجنيه المصري لتنخفض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى النصف لتصبح قيمة البيع 9 مليار جنيه وليقوم أهل الحظوة الذين اشتروا تلك الشركات أو أهديت لهم بإعادة بيع بعض أصولها بمئات المليارات بعد تسريح العمال . ولم نسمع للسيد النائب طوال سنوات الخصخصة العجاف على الشعب صوت ينكر الفساد الفج الذي صاحب عمليات نقل الأصول العامة أو بالأحرى الاستيلاء عليها إلى القطاع الخاص رغم الصخب الهائل الذي صاحب بعض الصفقات التي فاحت منها رائحة التربح والفساد والإضرار العمدي بالمال العام وتسهيل الاستيلاء عليه وهي كلها أفعال مؤثمة بموجب قانون العقوبات . ولعل من أبرز تلك الصفقات التي استماتت الحكومة في تمريرها هي بيع شركة المراجل البخارية لمستثمر أمريكي (محظوظ) حيث بيعت الشركة المصرية بمبلغ 7 ملايين دولار على أن يقوم الجانب المصري بسداد ديون الشركة والضرائب المستحقة عليها وبعد خصم هذه المستحقات وصل الثمن الصافي إلى 750 ألف دولار، بينما أرض الشركة فقط، والتي تبلغ 31 فدانًا على النيل تصل قيمتها وقت البيع كما قدرها الخبراء في حينه بنحو 115 مليار دولار. وعقبها بيعت شركة بيبسي كولا المصرية لمستثمر مصري وآخر سعودي بمبلغ 158 مليون جنيه وهو مبلغ زهيد جدا مقارنة بسعر الأرض الذي بيعت حصة من الشركة تبلغ 77% بمبلغ 400 مليون دولار. ثم جاءت الطامة الكبرى ببيع شركة عمر أفندي لمستثمر سعودي، وهي فضيحة اقتصادية بكل المعايير ، حيث بيع هذا الصرح الكبير الذي يشمل أكثر من 80 فرعًا شاملاً الأراضي والمخازن وأسطول السيارات بنحو 580 مليون جنيه ، بينما التقييم المتحفظ لأصول هذا الصرح العريق يصل إلى ما يقرب من ثلاثة أمثال هذا المبلغ ولم تفلح كل المحاولات في وقف طوفان البيع . وغير صفقة عمر أفندي صفقة بيع شركة غزل شبين الكوم وبنك الإسكندرية وشركة طنطا للكتان وشركات الاسمنت وحديد الدخيلة وشركتي المعدات التليفونية والزيوت والكتان وغيرها كثير أٌعيد تأهيلها وسداد ديونها وبيعت سائغة للمستثمر الاستراتيجي الاجنبي المحظوظ . الأدهى من ذلك أن تسعى الحكومة إلى استرداد بعض الشركات التي سبق لها بيعها بأضعاف ما بيعت به في مشهد مأساوي ينقصه القضاء العادل الذي يحكم بصلب هؤلاء الخونة لصوص المال العام ليكونوا عبرة لغيرهم . أمام هذه الجرائم المنظمة التي كانت تدار تحت حراب لجنة السياسات والإعلام الحكومي والغطاء التشريعي لم نسمع للسيد النائب ولا لغيره صوت عاقل يقول كفواعن نهب أموال الشعب . تحرك السيد النائب والذي سبق له من سنوات وصف الفساد في المحليات بأنه وصل للركب دون وضع آلية لاجتثاثه من قبل حكومات حزبه المتتالية ، تحرك سيادته لامتصاص غضب المشردين من جنة الخصخصة والذين يفترشون أرصفة مجلس الشعب الذي شرع لتجويعهم ولم يحمهم من عسف وجشع رجال الخصخصة الذين أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب . لم يقف كرم الحكومة مع رجال الخصخصة أصحاب مصانع الحديد والاسمنت والأسمدة وغيرهم عند هذا الحد بل تمدهم بالطاقة المدعمة على حساب الشعب بمبلغ يربو على 20 مليار جنيه في الوقت الذي يبشر فيه وزير المالية بعجز متوقع في ميزانية العام القادم يصل إلى 106 مليار جنية بعد عجز محقق في الميزانية الحالية بلغ 90 مليار بعد ما تم ضمه من أموال التأمينات لسد ذلك العجز في الوقت الذي يرفض فيه بعناد الأخذ بنظام الضرائب التصاعدية الأكثر عدلا ً من النظام الحالي الذي يجبي من الفقير لتوفير الطاقة لدعم الاحتكار. بقلم: محمد عبد العال أبو إسماعيل محام [email protected]