استطعنا بالعزيمة وقوة الإيمان أن نسقط أكبر نظام استبدادي في الشرق الأوسط، ولكن سقط الرئيس، وبقي الجسد، وهو الدولة العميقة التي تدافع عن مصالحها في الفساد والإفساد، وهو ما يمثل اليوم الثورة المضادة التي تستخدم الإعلام كرأس حربة لها بعد سقوط آلة الاستبداد والقمع الأمني. تلك الآلة التي تزيف الحقائق، وتنشر الأكاذيب والأضاليل، وتُصدِّر الإحباط واليأس للجماهير؛ من أجل أن يكفر الناس بالثورة. وليس أدل على ما ذكرنا من تلك الأكاذيب والأضاليل التي روَّجها ذلك الإعلام ومعه بعض الكارهين للثورة وللتيار الإسلامي ضد محافظ الأقصر الجديد المنتمي للجماعة الإسلامية؛ فالرجل رغم أنه لم يُعتقل -مع أن الاعتقال في عهد الحكم الظالم الغاشم السابق ليس بسُبَّة ولا تُهمة- ولم يُتهم في قضية عنف، بل صاحب كفاءة وخبرة، وقد تدرج في المناصب الوظيفية حتى وصل إلى درجة وكيل وزارة الإسكان ونائب رئيس جهاز التعمير بالصعيد؛ إلا أن أباطيل الإعلام صنعت منه إرهابيًّا، ونشرت صورًا غير صوره زورًا وبهتانًا؛ لتفزيع وتخويف الرأي العام من الرجل ومن الجماعة الإسلامية. وكم أتعجب من هؤلاء الذين يمارسون الدجل لإقصاء فصيل إسلامي له حزب سياسي رسمي يثري العمل السياسي في مصر بشهادة الجميع، وله كتلة برلمانية في مجلس الشورى، وقد حاز على 19 مقعدًا في البرلمان السابق، وأداؤه محل تقدير واحترام من السياسيين والمحللين كافة. كيف ينادي البعض بإقصاء هؤلاء عن المشهد السياسي؛ وقد ملكوا الشجاعة يوم أن قدَّموا مراجعاتهم الفكرية التي تؤكد تخليهم عن العنف، وثبت صدق نواياهم للقاصي والداني؟! هل كل من يخطئ نقصيه عن العمل السياسي؟! لو كان الأمر كذلك لأقصينا السادات من الرئاسة لأنه قتل أمين عثمان، ولأقصينا عبد الناصر وقد اتُّهم بمقتل عبد الحكيم عامر. هل من العدل أن نقصي الناس ونحكم عليهم قبل أن يعملوا؟! وقد أوضح المهندس عادل الخياط من أول يوم أن لديه خطة لإنعاش وتطوير السياحة في الأقصر، فضلًا عن أن الجماعة الإسلامية تؤمن أن السياحة هي جزء أصيل من الدخل القومي المصري الذي يجب علينا أن نتكاتف لتنميته وزيادته. وقد أقامت الجماعة لذلك عدة مؤتمرات خلال الشهور الماضية في الأقصر وأسوان والغردقة للترويج للسياحة والدعاية لها وطمأنة السائحين. أما رؤيتها للآثار فإنها تؤكد أنها جزء من التراث والتاريخ الإنسانيين، وأنه يجب المحافظة عليها والافتخار بها. ولم يقل أحد من الأولين والآخِرين بأنه يجب تدميرها، بل كل ما جرى هو من قبيل التفزيعات والتخويفات التي لا أساس لها من الصحة. إن الذين يعرقلون السياحة ويدمرون الآثار هم دعاة المعارضة؛ الذين يشعلون المشهد السياسي، ويدعون للفوضى والعنف، هم من أحرقوا المجمع العلمي وقذفوا المتحف المصري بالمولوتوف والقنابل، ولازالوا يحرضون البلطجية على قطع الطرق ونشر الرعب؛ حتى لا يأتي سائح لمصر، ولا يزور بلادنا أحد؛ هؤلاء حقًّا هم أعداء السياحة اليوم. لقد أثبتت الأيام الأخيرة أن المعارضين الذين صدعوا رءوسنا بالديمقراطية هم الذين يكفرون بها اليوم، ويرفضون آلياتها السلمية، ويرسخون للعنف والفوضى خلال تظاهرات 30 يونيه. إن دعاة المعارضة اليوم هم الذين يدعون للإقصاء، ولا يؤمنون بالمشاركة.دعاة المعارضة اليوم هم الذين يكفرون بالثورة، وينقلبون عليها، ويضعون أيديهم في أيدي أذناب مبارك وأتباع النظام السابق من أجل إسقاط مرسي وهو الرئيس المنتخب. نحن أمام معارضة مريضة بالدكتاتورية، وتريد فرض نفسها على الشعب بالقوة؛ من خلال مجلس رئاسي مؤقت، فنستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير. ولكن الشعب صاحب الإرادة الحرة يرفض الوصاية من المستبدين، الذين يبحثون عن دور للحكم والسيطرة حتى وإن كان ذلك على جثث ودماء الشعوب. {واللهُ غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون}.