لحزب التجمع في نفسي ذكريات منذ الصبا منذ كنا نمشي خلف مرشحه في شبرا الخيمة ( العمالية آنذاك ) لطفي الخولي وهو يتجول بسيارته الفارهة ( !) مرددين شعارات مثيرة عن الظلم والعيش واللحم والزيت والصابون والحرية أحيانا. ورغم ذلك فلا زلت أعتقد أن وجود يسار قوي هو خير ضمانة لعدم توغل الرأسمالية المتوحشة التي باتت تنهش في لحم وعظم شعب مصر وطبقته المتوسطة الشديدة التآكل . بيد أن حزب التجمع لم يبق منه سوى الذكريات وبعض الرموز المحترمين أمثال عبد الغفار شكر والمعتدلين أمثال حسين عبد الرازق والمناضلين العمال أمثال البدري فرغلي إلا أن التجمع ومنذ فترة وصلت إلى قمته زعامة لا ترى في الحياة السياسية إلا مقعدا وثيرا في مجلس الشورى ومقالا أسبوعيا في الأهرام وإطلالة شبه أسبوعية في حالة حوار وربما تشهد الأيام المقبلة ظهورا مكثفا للسيد رفعت السعيد بمناسبة موسم ( صيد الإخوان ) و ( اعتقال المعارضة ) و ( النيل من البرادعي ). السيد الزعيم الرفيق المناضل رفعت السعيد لا يعجبه أحدا فلا (البرادعي) يدخل دماغه ولا (الإخوان) يمكنهم نيل شرف القرب منه ، ولست أعرف على ماذا كل هذا الضجيج الإخواني والسعي للتقارب مع حزب لا وجود له في الشارع ولا أحد يكاد يشعر به وحتى صحيفته التي كانت في خوالي الأيام ( أيام السادات بالمناسبة ) شعلة نشاط أصبحت جريدة عائلية لا يقرأها أحد إلا ( فريق التحرير . هذا الحزب الذي يعتقد ( صاحبه ) أن موسم التفاوض قد بدأ وأن عليه أن يفاوض الحكومة عبر الإخوان والبرادعي هو حزب فشلت قيادته أيما فشل وإلا فليقل لي قادته عبر ثلاثين عاما من العمل الحزب الرسمي والمصرح به ( وليس المحظور ) كم لديهم من نواب منتخبين تحت قبة البرلمان وفي مجلس الشورى !! لا أعرف على وجه التحديد سر اندفاع الإخوان المسلمين نحو حزب يقوده رجل يكن لهم العداء ويستخدمهم كأداة للتفاوض مع السلطة ليظل متمتعا بمقعده في الشورى وبإطلالته في البرامج الحوارية وعبر الأهرام ( القومية )... هذا الحزب بهذه القيادة لا تستحق أن يعيرها أحد انتباهه - وأقولها وأنا كلي أسف -على ما سمعته من السيد رفعت السعيد تعليقا على واقعتين الأولى متعلقة بالتنسيق مع البرادعي والثانية متعلقة بزيارة وفد من الإخوان للحزب. الرجل يعتقد أن أدب البرادعي و كرم الإخوان وأدبهم يعني أنهم يتوسلون إليه ويطلبون منه السماح والعفو والمغفرة وقبولهم في جواره الكريم . صحيح أنه في عالم السياسة لا صداقة دائمة ولا عداوة مستمرة إلا أنه يبقى الود والاحترام وعدم الفجر في الخصومة خصوصا في وقت يتعرض فيه الوطن لمحنة كبيرة تستوجب التوحد والتضامن وليس السعي للحفاظ على مقعد هنا أو كرسي هناك . وعموما الانتخابات مقبلة وأتمنى على رفعت السعيد أن يخوضها في أي دائرة تعجبه في بر مصر ، وساعتها سينجلي الغبار لنعرف ماذا كان تحته فرس أم خيال مآته !! آخر السطر لما التجمع يصبح دكان يملكه السعيد يبقى قول على الحزب بره وبعيد ! وعجبي