لا تختلف انتخابات العراق 2010 عن انتخابات أفغانستانوإيران الماضيتين في 2009. ثمة رابط يجمع بين الانتخابات الثلاثة. وهي أنها انتهت نحو فائز واحد مشكوك في فوزه، مهما قدم هذا الفائز من إثباتات تؤكد سقوط المنافس الآخر. لكن النهايات المطلوبة لفرض فائز معين دون غيره تختلف عن مكان دون آخر، مما يعطي هذه المسرحيات الكبرى نكهتها المميزة. ثمة بعد آخر واضح وهو أن هذه الانتخابات جميعها هي ساحات شرسة لمواجهة مكشوفة بين المشروعين الأمريكي والإيراني. فيما العرب آخر من يعلم، وآخر من يستفيد. في العراق فاز إياد علاوي بعملية قيصرية ب91 مقعداً مقابل 89 مقعداً لنوري المالكي. والفرق لتشكيل الحكومة ضئيل. وتم استخدام الميزان الحساس لتثقيل كفة علاوي. وجهُ المالكي الكئيب اُستهلك في جرائم الاحتلال المزدوج للعراق في فترة الخمس سنوات الماضية. صار عبئاً بطائفيته المقيتة على مسار الأحداث، بل وعلى استقرار العراق.وهو استقرار مطلوب حالياً لضمان انسحاب أمريكي هادئ السنة المقبلة، ولتهيئة أجواء ضربة محتملة لطهران. راح المالكي يجرى ل"ماما" طهران. يبكي انقلاب ميزان القوى الأمريكي ضده واستبداله في مرحلة فرز الأصوات بخصمه الآخر. انتخابات العراق كانت حلبة مصارعة بين المطلوب إيرانياً (المالكي) والمطلوب أمريكياً (علاوي). وفاز علاوي، لأن الرغبة الأمريكية كانت أقوى وأكثر حضوراً من إيران. أما أصوات الناخبين إلى الجحيم. وجه علاوي أكثر قبولاً لدى الأمريكان. إنه أهون الشرين بالنسبة للسُنة. علمانيته تجعله مقنعاً لدى السنة الذين ذاقوا من ويلات الإحتلال والحكومة الطائفية ما يفوق احتمال البشر. وإن كان ثأر الفلوجة في علاوي لم ينفذ بعد. وهي مدينة المقاومة التي ضربها الأمريكيون بالأسلحة المحرمة في عهد علاوي لما كان رئيساً للوزراء في 2004. ويبدو أن دور علاوي الآن أكبر بكثير من مجرد حاكم تحت حماية الإحتلال. دوره الآن مواجهةأي تحرك محتمل للميلشيات والمرجعيات الشيعية إذا ما بدأت المنازلة الكبرى بين طهران وواشنطن. وبطبيعة الحال لا يأمن الأمريكيون المالكي على مشروع ضخم كهذا. بوادر التخريب الإيراني بدأت مباشرة يوم إعلان فوز علاوي بسلسلة من التفجيرات الدامية في الخالص راح ضحيتها 57 قتيلا. وذلك للتأكيد على قوة الحضور وحضور القوة في المشهد العراقي. في انتخابات أفغانستان جرى الأمر كأنه نسخة مكررة. قاب انتصار المرشح الشمالي عبد الله عبد الله قوسين من الفوز بالرئاسة. أمريكا والغرب لا يريدون شخصاً له ميول لإيران. الإيرانيون ألقوا بثقلهم خلف عبد الله ليس حباً فيه وإنما نكاية بقرضاي المدعوم والمطلوب من أمريكا والغرب. تأخر إعلان النتائج كما تأخرت نتائج العراق. قالوا ما زلنا نعد الأوراق..! سقط قرضاي في الانتخابات، لكن رافعات الغرب نصبته رئيساً رغم أنف الناخبين البسطاء الذين شاركوا رغبة في التغيير. ومرة أخرى تم تثبيت قرضاي لإحكام السيطرة على الوضع الأفغاني في المنازلة الأمريكية ضد إيران. انتخابات إيران لم تخرج عن ذات النتيجة. ما زال الإيرانيون في شك من النتيجة النهائية. والدليل، التوتر الشديد والمستمر في الداخل الإيراني بعد إعلان فوز نجاد على مير موسوي. هنا الصورة جاءت مخالفة لمسار الأحداث. ففي أفغانستان والعراق نرى إيران هي اللاعب االمنافس للنفوذ الغربي في الرغبة في فوز مرشح على آخر. في إيران صار المنافس هو الشعب الإيراني، وليس أمريكا. أمريكا ظلت ترقب الموقف من بعيد لعدة أسباب استراتيجية خاصة بترتيب أوضاع المنطقة في العقد الثاني من هذا القرن. أكاديمي بحريني [email protected]