شهدت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب جدلا شديدا في اجتماعها صباح أمس خلال مناقشات حول استمرار تفويض رئيس الجمهورية لعقد صفقات أسلحة سرية لمدة ثلاث سنوات جديدة تبدأ من مطلع يونيو القادمة وحتى يونيو 2013، وذلك قبل طرح الموضوع للتصويت في المجلس الأسبوع القادم. وينص التفويض المستمر منذ عام 1974 على منح رئيس الجمهورية سلطة إصدار قرارات لها قوة القانون بالتصديق على الاتفاقيات المتعلقة بالإنتاج الحربي اللازمة لإقامة صناعة حربية متطورة وقادرة على تغطية احتياجات القوات المسلحة ولا تخضع هذه المشروعات لأحكام القوانين المنظمة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، ومنذ ذلك التاريخ صدر 15 قانونًا بهذا التفويض لضمان استمرار الحصول على معدات ومعونات عسكرية دون الرجوع إلى البرلمان. لكن التفويض أثار هذه المرة جدلاً، ففي حين احتشد نواب الحزب "الوطني" لتأييد استمراره، قائلين إن للأمر مبرراته وإن الهدف منه دعم القوة القتالية للقوات المسلحة وإقامة صناعات حربية متطورة، إضافة إلى أن هناك ظروفا عالمية وإقليمية استثنائية قوية تبرر هذا التفويض، اعترض نواب كتلة "الإخوان المسلمين" بشدة على استمراره، استنادا إلى أن الانتخابات الرئاسية سوف تجرى العام القادم، وهو ما معناه منح الرئيس القادم أيا كان تفويضا على بياض في إبرام عقود تسليح سرية. غير أن اللواء عبد الفتاح عمر، وكيل لجنة الأمن القومي تصدى للمعترضين على تمديد التفويض، قائلا: "لابد أن نلجأ إلى الرئيس مبارك في كل شيء ليس في التسليح فقط"، ووصف مبارك بأنه صمام الأمان الذي سينقذ الشعب من براثن البعض!!. وأضاف اللواء السابق بمباحث أمن الدولة: "نحن نقدم للرئيس مبارك رقابنا وأعناقنا ورقاب شعبنا، ونحن مطمئنون، لأنه ليس شخصا عاديا حتى نتوجس منه، ونعطيه أيضا كل شيء في مصر حتى لو أراد الديكتاتورية، لأنه ديكتاتور عادل، (...) كما أنه الديمقراطي الأول في مصر ويجب أن نعطيه تفويضا مطلقا وليس لعدد محدود من السنوات". وتساءل: هل هذا التفويض مقدم لرئيس جديد إذا كان هناك رئيس جديدا، وتوجه للنائب الإخواني صبري عامر، قائلا: "احترام الرئيس مبارك واجب من الناحيتين الدينية والسياسية لأنه ذلك يؤدي إلى الاستقرار ونحن نثق ليس فقط في القيادة السياسية للرئيس مبارك ولكن أيضا نثق فيه من الناحية الشخصية". وعقب اللواء صلاح شاهين مستشار وزير الدفاع، قائلا إن التفويض ليس مربوطا بمدة الرئاسة، وإن رئيس الجمهورية سينتخب من الشعب وأن وظيفة الرئيس مستمرة بخلاف النظر عن الشخص، وأوضح أن مشروع القرار بقانون المطروح على اللجنة هو تجديد لمشروعات سابقة منذ عام 1974، وتابع قائلا: "مبررات هذا التفويض أقوى وأكثر مما سبق نظرا للظروف الاستثنائية الدولية والعالمية". وأيد عبد الرحمن راضي النائب عن الحزب "الوطني" استمرار التفويض، لكونه في يد أمينة على الوطن ويشهد الجميع أن المؤسسة العسكرية منضبطة وهي الدرع الواقي وصمام الأمان لمصر وجميع شعب مصر يثق في الرئيس مبارك، بينما اعتبر أمين راضي وكيل لجنة الدفاع أن استمرار التفويض ضرورة هامة لدعم القوات المسلحة. وعقب النائب الإخواني عصام مختار، قائلا "نحن نقدر الرئيس مبارك، لكننا لسنا مع تأليه الحكام، وإن مبررات هذا التفويض لم تعد موجودة بالمرة، خصوصا أن الرئيس مبارك نفسه أعلن أن مصر اختارت طريق السلام وعدم المواجهة مع إسرائيل". أما زميله النائب صبري عامر فاستند في اعتراضه إلى إجراء الانتخابات الرئاسية العام القادم، وأضاف: عندنا انتخابات رئاسية العام القادم فهل نعطي رئيس الجمهورية الجديد تفويضا على بياض وهل نمد التفويض في علم الغيب. وقال: نحن نرفض ربط هذا القرار بشخص الرئيس مبارك وكأننا لو عارضنا التفويض فإننا نعارض شخص الرئيس مبارك كما أوحى بذلك نواب الحزب "الوطني"، واعتبر أن هناك آليات وانتخابات رئاسية، وتساءل: هل نفوض الرئيس الجديد إذا كان هناك رئيس جديد من أول مرة بدون مبرر. وتم التصويت على مشروع القرار بقانون بموافقة 4 نواب من أعضاء الحزب "الوطني" مقابل رفض نائبين من "الإخوان"، ومن المقرر أن يناقش مجلس الشعب التفويض عند اجتماعه يوم الاثنين القادم.