المفروض أن تكون مباراة القمة اليوم قمة حقيقية تعبر عن مستوى الكرة المصرية لأن الفريقين هما في حقيقة الأمر منتخب مصر. ليس هناك ضغط عصبي على أي منهما، فنتيجة المباراة لن تفقد الأهلي بطولة الدوري العام إذا انهزم فيها، ولن تعطي للزمالك البطولة إذا حقق الفوز! لكن المباراة على أي حال بطولة اعتبارية يظل مشجعو الفريقين يتذكرونها طويلا، فلن ينسى الاهلوية الهزيمة ومرارتها حتى وهم يحتفلون بدرع الدوري، بل سيكون احتفالا لا طعم له ولا رائحة، مكسوا بالانكسار إذا انهزم من الزمالك! أما الزملكاوية فقد ذاقوا الهزائم المريرة هذا الموسم على يد الأهلي. وعندما جاءت لهم الفرصة ليفوزوا في الدور الأول في ظل غيبة بعض نجوم الأهلي المؤثرين، لعبوا أيضا تحت تأثير الخوف من الهزيمة، مفضلين أن يخرجوا بالتعادل، فكادوا أن يخسروا المباراة! الجمهور الزملكاوي يريد أن يصدق اليوم أن فريقه قادر على العودة إلى ساحة البطولات، وأن هذه العودة ينبغي ان تكون من خلال البطولة الاعتبارية التي تساوي مباراة واحدة ضد غريمه التقليدي التاريخي، فلو فاز اليوم أفسد عليه فرحة الدرع، وحولها إلى فرحة حزينة خجولة، مثل حفل زفاف يتم في صمت لأن هناك مأتما عند الجيران! يريد مانويل كاجودا أن يثبت للمصريين أنه أفضل من جوزيه، ويجيد اللعب بالبيضة والحجر، وأنهما بلديات.. نعم.. ولكنها في الجد.. منافسان وغريمان، كل منهما يقود تاريخا ضاربا في جذور الكرة المصرية! سيحاول كاجودا ان يقول إن هذا هو زمنه الذي سيبدأ ساعته الأولى في الساحة الكروية المصرية مساء اليوم. وستكون هذه ليلته، ليلة بألف ليلة، يتقمص فيها شخصية شهر يار، وربما تتلبسه روحه وحوله عشرات الآلاف تتقمصهم روح شهر زاد وهي تقول له "مولاي"" وكل الكلام المباح وغير المباح! لكن كاجودا سيخسر اللقاء والتاريخ والجماهير ومجلس ادارة ناديه لو لعب للتعادل ثم خسر!.. سينقلب من شهر يار إلى ضحية مسكينة تنتظر رصاصة الرحمة لتعود إلى بلادها. لن يتسامح معه الزملكاوية الذين لا يريدون هذه المرة سوى الفوز، لا يهمهم اللعب النظيف أو السيطرة على المباراة أو الفن والهندسة أو مجموعة المهارات!.. كل هذه امور فات زمنها ولم تعد تقدم ولا تؤخر. يريدون فوزا ينسيهم مرارة الانكسارات السابقة من الاهلي، بالستة والأربعة والثلاثة! أما مانويل جوزيه فهو اليوم على موعد مع التاريخ. إنه مغامر.. هذه حقيقة. قادر على مفاجأة خصمه اللدود، ذلك لا يمكن انكاره. اليوم سيناور بكل أوراقه التي عادت إلى مائدة اللعب والتي غاب أفضلها في لقاء الدور الأول! لقد كان دوما قادرا على تجاوز الزمالك والحاق الهزائم التاريخية به، فعندما فاز عليه بالستة لم يكن يملك هذا الفريق الجبار، لم يكن عنده هذا الموهوب أبو تريكة، أو تلك الفراشة التي تجيد لدغات النحلة "بركات" أو هؤلاء القادمين من الخلف الذين لا تعرف أين يتمركزون ولا متى ينطلقون! اليوم عنده قاعدة متحركة من الصواريخ من الصعب ابطالها وايقافها، وسيعمل من خلالها على دك حصون بلدياته واثبات أنه شهريار الوحيد ولا شهر يار غيره! سيحاول اليوم أن يحتفل بزفافه إلى حبيبته شهر زاد فهو لا يطيق أن يؤجل الفرح من أجل نقطة أو نقطتين، إنها تسامره منذ بدأ الموسم وتقص عليه حكايات الليالي الطويلة لتؤجل ضربة منصور السياف حتى تظل للدوري نكهة المنافسة، لكنه اليوم يريد أن يختم الليلة الأولى بعد الألف. لن ينتظر حتى لو كان ضحية السياف هو بلدياته كاجودا، فهو بالطبع لن يضحي بمحبوبته شهر زاد! فمن سيكون قادرا الليلة على تقمص روح شهر يار.. هل هو كاجودا ام جوزيه.. ومن سيملك فرحة شهر زاد بعد أن ضحكت الليالي الطويلة على شهر يار.. هل هم الزملكاوية أم الاهلوية؟! [email protected]