كانت فرصة لا تقدر بثمن لإعلامنا الوطني في البحرين ( التلفزيوني والفضائي تحديداً) أن يثبت نظرية الانفتاح والشفافية فيما يخص موضوع وزير الدولة منصور بن رجب. وابتداءً هنا، لانتكلم عن الشخصية نفسها مدار حديث الناس بقدر ما نتكلم عن الأداء الإعلامي الذي يجب أن يُشبع حاجة الناس للمعلومة الصحيحة، بدلاً من ترك حبال الأقاويل والتحليلات على غارب الصحف المحلية فقط، وكذلك على المنتديات غير المنضبظة بأي ضابط أخلاقي أو مهني. القضية المتهم بها الوزير تهمُّ الرأي العام المحلي والإقليمي. وهو وزير مقرّب. والتهمة خطيرة "غسيل أموال مع جهة خارجية لها مواقف عدائية مع بلد الوزير". والمبالغ التي تتحرك عبر القارات تصل إلى 12 مليون دينار بحريني (40 مليون دولار تقريباً). وكل هذه الأركان تجعل من الخبر الإعلامي مادة شهية لضخامتها على أكثر من صعيد. والسؤال، أين الإعلام الرسمي التلفزيوني عن ملاحقة توابع الزلزال الذي يقع مركزه تحت أقدامنا؟ ثمة امتعاض عام، يعرفه المسؤولون في وزارة الإعلام والثقافة، حول أداء تلفزيوننا الوطني والتزامه الصارم بتقاليد ما قبل المشروع الإصلاحي. فالنص الخبري الرسمي جامد لا روح فيه، بحسب ما عبر عنه طالب في الإعلام أمام وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي آل خليفة الأسبوع الماضي خلال لقائها بطلاب جامعة البحرين، ووافقته الوزيرة على ذلك.. هناك رتابة في تغطية الخبر المحلي والسياسي منه خصوصاً. وهذا، مع غيره من الأسباب الموضوعية الأخرى، ما جعلت نسبة المشاهدة لجهاز التلفزيون متدنية مقارنة بالفضائيات الضخمة التي تملأ سماء المنطقة. أهل المهنة يلاحظون سواء في البحرين أو الخليج أن الناس انفضت ومنذ زمن عن الإعلام الرسمي، لأنه لا يقدم الخبر مكتملاً طازجاً كما تقدمه الفضائيات الإخبارية الخاصة. تلفزيوناتنا لا تُشاهد إلا لأخبار الوفيات، أو للتأكد من خبر رحيل مسؤول كبير عبر بث تلاوات متتابعة لآي الذكر الحكيم. قليل من الفضائيات الحكومية الرسمية من تجاوز الصورة النمطية للإعلام الرسمي من خلال رفع سقف الحرية وإبراز التنوع السياسي والاجتماعي والعرقي في البلد الواحد. بعد عقود من سماع النغمة إياها والصوت الواحد إياه. وفي حالة الوزير البحريني كان يمكن أن يكون تلفزيون البحرين هو المصدر الوحيد والموثوق لهذا الخبر الذي يحدث عندنا في الخليج لأول مرة. كان يمكن تقديم معالجة محايدة لصاحب الشأن، وهو هنا الوزير بن رجب. كان الأمر سيكون اختراقاً لتابو المحرمات التي صنعناها كالأصنام بأيدينا، وأصبحت تُخيفنا، ونُخوف الآخرين منها. ماذا كان يمنع من نقل تصريح مصور للوزير؟ أو نقل كلام لأحد مساعديه أو لمتحدثين باسمه؟ لماذا لم يتم استقدام متحدث باسم النيابة العامة ينقل لنا بالصوت والصورة أبعاد التهمة ومسار القضية؟ بكل انصاف نقول أن الوزير كان أذكي في استخدام الإعلام وكسب الجولة الأولى حينما استدعى رجال الصحافة في مجلسه وأدلى بالتصريح الواثق بالبراءة عمّا نسب إليه. نجح أيضا في الوصول للفضائيات الإخبارية وسبق الأخرين لسماع صوته. ونحن هنا ونؤكد وللمرة الثانية تحليلنا للأداء الإعلامي أكثر من وقوفنا مع طرف ضد طرف في قضية هي في يد القضاء الآن؟ دبي وخلال شهر واحد حبست أنفاس العالم حول قضية اغتيال محمود المبحوح. وأصبح الفريق ضاحي بن خلفان وبكل جدارة نجماً إعلامياً ومصدراً أوحد للقضية. والبحرين قادرة على أن تسير في ذات الاتجاه في رفع القدرة الذاتية في التعامل مع هذه "الأزمة الوطنية" وأن تكون هي وإعلامها المصدر الوحيد لقضية ستظل أسابيع قادمة ملئ بالمفاجآت. ‘نها والله فرصة لإبراز تقدمنا القضائي والسياسي والإصلاحي والإعلامي للعالم. ولا تنسوا أن للقضية صلة بموضوع "إيران"!!. • أكاديمي بحريني [email protected]