عندما تتصفح كتابا أو تقرأ مقالا تصادفك أحيانا كلمات غير مشكولة ،لكنها مُشكِلة ؛ذلك أنها قد تدل على أكثر من مبنى فمن ثم أكثر من معنى ،فتحتار أيما حيرة و تقول يا ليتني أستطيع أن أصل إلى الكاتب فأسأله ماذا قصدت بكلمة كذا. و يدخل في هذا النطاق بكثرة أسماء البلدان و الأشخاص ،و لكن قد يُعذر الكاتب فيها لأنها يدخلها الاجتهاد، كالخلاف في نطق سوريا و في مبناها؛ هل هو منتهي بالألف أم بالتاء المربوطة، و هل تُنطق بتشديد الياء أم بالتخفيف ، و يدخل في هذا الإشكال أيضا المبني للمعلوم و المبني للمجهول ،و ما هي إلا وضع حركة الضمة فينحل الإشكال !. و يدخل في هذا الإشكال أيضا تشكيل آخر الكلمة خاصة إذا احتملت الكلمة إعراب الفاعل أو المفعول به لجواز التقديم و التأخير فيهما ،و اسم كان و أخواتها و خبرها ، و اسم إن و اخواتها و خبرها ،لجواز التقديم و التأخير أيضا فيهم ،و يدخل فيها أيضا الأفعال المنتهية بالضمائر و التي قد تحتمل ضمير المخاطب او ضمير المتكلم ف "أكلت" تحتمل أني أنا الذي أكلتُ أو أن الذي أخاطبه هو الذي أكل فيكون التشكيل "أكلتَ"، و غير ذلك كثير. إن وضع الحركات على الكلمات التي تحتمل أكثر من معنى من الاهمية بمكان ، و هو من تمام العلم فيتم الأجر إن شاء الله تعالى، و كذلك لدفع الإيهام عن معنى غير مطلوب و فهم غير مرغوب. و من العلماء المعاصرين الذين يهتمون بتشكيل كتبهم كلمةً كلمةً شيخنا فضيلة الدكتور أحمد حطيبة -حفظه الله- و لا شك أنها تحتاج إلى مجهود كبير ،فجزاه الله خيرا. قصة تشكيل القرآن الكريم: "كان أبو الأسود الدؤلي - وهو تابعي - أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأً، قوله تعالى} إن الله بريء من المشركين ورسولَه }(التوبة:3) فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسولِه) فغيَّر بذلك المعنى تغييراً كلياً، فأفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات، فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتاباً في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من العلامات الضابطة، ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادماً وضابطاً لقراءة القرآن على الوجه السليم" انتهى نقلا عن موقع إسلام ويب إن تشكيل الكتابة دلالة على احترامها و احترام القاريء و تعظيم العلم و السعي إلى حفظه بسياج من الحركات المانعة عن تحريفه و الانحراف به عن مقصده. و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.