من أندر ما سمعت به آذان التاريخ أو حفلت به صفحاته أن ينتفض مسلم متفاخراً ب«الجهاد» لقتل شعب مسلم كل جريمته أنه يطالب بحقه فى اختيار حكَّامه! ومن أندر الغرائب فى هذا الصدد أن ينادى رجل يحمل اسم «الله» بأعلى صوته: «تلك معركة نصر أو شهادة».. هكذا صدح السيد «حسن نصر الله» خلال احتفال حزبه بذكرى انسحاب الصهاينة من جنوب لبنان (25 مايو 2000 م)، وهكذا يساوى الرجل بين كفاح حزبه ضد الصهاينة ومجازر حزبه ضد الشعب السورى فى مدينة «القصير» لصالح «بشار الأسد»، لا فرق عند الرجل بين قتالٍ ضد الصهاينة وغزو ديار شعب سوريا المسلم، ثم المشاركة فى إبادته. وفى خلط غريب لا يختلف عن خلطات «القذافي» المجنونة، وخلطات «صدام» المغامرة، اعتبر «حسن نصر الله» الانتصار على الشعب السورى لصالح «بشار» مساوياً للانتصار على الصهاينة، ويحقق الحفاظ على مدينة القدس، قائلاً: إذا سقطت سوريا ضاعت مدينة «القدس»! ربط غريب وعجيب بين مدينة «القدس»المحتلة من قبل الصهاينة احتلالاً واضحاً، وسوريا التى استبد بها نظام بعثى طائفى أشد بطشاً وإجراماً.. ويساوى «نصر الله» بين الشعب السورى البطل والمحتل الصهيوني، ويعتبر أن هزيمة الاثنين (الشعب السوري، والصهاينة) رأساً برأس هما الطريق لتحرير «القدس»، وأن التمكين ل«بشار الأسد» وعصابته من رقاب الشعب السورى مثل التمكين لشعب فلسطين من فلسطين.. أى دجل هذا؟! وأى ابتزاز لمشاعر الجماهير المسلمة المتعلقة بالقدس لدسّ حكم البعث الطائفى فى عروقها ضمن المشاعر المتأججة حباً فى القدس وشوقاً لتحريرها؟!.. لقد سبقه «صدام» فى تبرير غزوه الغادر للكويت بالقول أكثر من مرة: إن «تحرير القدس يمر عبر الكويت»، ثم جاءنا «حسن نصر الله» ليحاول إقناع الجماهير المسلمة بأن تحرير القدس يمر عبر احتلال حزبه لسوريا بعد إبادة شعبها.. لكِ الله يا قدس، فلكم يتاجر بك المتاجرون، ويستخدمونك قفازاً وستاراًً لتمرير مشاريعهم الشيطانية! وهكذا تتدفق جحافل «حزب الله» من لبنان إلى سوريا لإبادة شعبها تحت ستار مواجهة من سمّاهم «حسن نصر الله» «الجماعات التكفيرية المسلحة»، ووسط صيحاته فى احتفال النصر على الصهاينة، قائلاً: «كما قلت لكم فى أوائل أيام حرب يوليو 2006م (ضد «إسرائيل»)، أقول لكم اليوم: أعدكم بالنصر دائماً.. أعدكم بالنصر مجدداًًً.. هكذا إمعان فى المساواة بين العدو الصهيونى والشعب السورى العربى المسلم! وأخذ «نصر الله» متابعيه ومشاهديه وكل سامعيه فى جولة تحليلية للموقف، ألبس فيها الحق بالباطل، وحاول تجسيد الأخطار التى تحدق بقوات حزبه من غزو صهيونى جديد للبنان، إن تم خلع نظام «الأسد» فى سوريا، وامتلك الشعب السورى قراره بيده كبقية شعوب الأرض، وقال - لا فض فوه -: «الجميع أمام مرحلة جديدة بالكامل، اسمها تحصين المقاومة وحماية ظهرها، وتحصين لبنان وحمايته.. وسوف يخوض الحزب هذه المعركة وسينتصر فيها». ثم شكَّل من خياله محوراً للشر «أمريكى صهيوني»، وجعل الشعب السورى فى قلب ذلك المحور وفى مقدمته؛ حتى يكون هناك مبرر لغزو قواته لسوريا ومشاركتها فى إبادة الشعب؛ وذلك حتى يقضى على ذلك المحور المزعوم.. ولو كان الشعب السورى ومجاهدوه الذين يسميهم «نصر الله» تكفيريين فى محورٍ مع الصهاينة والأمريكيين؛ لكان «بشار» فى خبر كان منذ أول أسبوع للثورة، ولكن لأن الشعب السورى رفض أن يبيع ثورته وحريته لأى طرف، وأصرَّ – وما زال يصرُّ - على أن تكون ثورته سوريةً خالصةً؛ نأى الجميع فى العالم عنهم، وتركوهم نهباً لآلة «بشار» الجهنمية، بل اعتبروهم خطراًًً على الكيان الصهيوني؛ ولذلك تمارس القوى الكبرى فى العالم مع الشعب السورى لعبة التمويه بالإدانات والشجب والتهديد؛ حتى تتاح الفرصة كاملة ل«بشار» و«نصر الله» لإكمال المهمة.. مهمة إبادة الشعب! ورغم ذلك لم يتورع «نصر الله» وهو يخدع الجماهير العربية ظناً منه أنه أعطته عقولها وقلوبها دون تردد، قائلاً: إن «حزب الله لا يمكن أن يكون فى جبهة فيها أمريكا و«إسرائيل» وتكفيريون»! والحقيقة الناصعة أن «نصر الله» هرع إلى سوريا انتصاراً للطائفة على الدين والحق والعدل، وهرع لينصر ابن طائفته «بشاراً» ولو على حساب إبادة الشعب وتدمير الأرض، ويثبت «نصر الله» بذلك الموقف أن «الطائفة» لديه أهم من الدين ذاته، وأن تثبيت جبروت الطاغية مقابل قتل شعبه هو دين جديد! لقد ظن كثيرون فى العالم العربى خلال قتال «حزب الله» ضد الصهاينة أنهم أمام حزب وقائد مختلف ليس للطائفية البغيضة مكان فى عقله، وإنما أخوَّة الدين لكل المسلمين، وتحقيق الأهداف الكبرى للأمة، وفى مقدمتها قهر الصهاينة؛ ولذلك فقد امتلأت بيوت المصريين بصوره على الجدران يوم كان يقاتل الصهاينة، وها هى الصورة تنكشف على حقيقتها بلا رتوش؛ حيث «يتمرمغ» تاريخ «حزب الله» فى دماء أطفال سوريا، كما أن شعاراته تتساقط لتغوص فى وحل «القصير». لقد أسقطت مذابح «القصير» حسن نصر الله تماماً بعد أن بات قاتلاً للأطفال مثل «شارون»، وأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ولاء الحزب الطائفى فوق كل القيم الإنسانية، وأبقى من الانتماء للبنان، ولا عزاء لشعارات الأمة الواحدة. إنه حزبٌ يحمل اسم «الله» يُمعِن القتل فى الموحدين ب«الله»، وحساب ذلك عند المنتقم الجبار؛ {إنَّهم يرونه بعيدا (6) ونراه قريبا (7)} (المعارج). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter: @shabanpress