قرر الرئيس حسني مبارك زيادة مرتبات أئمة المساجد بما يعادل 250 جنيها شهريا اعتبارا من أول شهر يوليو القادم بداية السنة المالية الجديدة, وذلك لدورهم وما يقدمونه لخدمة الدعوة والدين الإسلامي، صرح بذلك الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف مساء السبت أثناء الاحتفال بمناسبة ذكرى الاحتفال بمولد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. يأتي ذلك فيما وافقت لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب في اجتماعها أمس برئاسة الدكتور أحمد عمر هاشم بالإجماع على منح الدعاة والأئمة "الحصانة" فوق منابرهم، وإنشاء عمل نقابة للحفاظ على حقوقهم والدفاع عنهم، وصرف معاش متميز لهم، كما ورد في لائحة مطالب تقدموا بها إلى الرئيس حسني مبارك والدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس خلال وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر. وطالبت اللجنة بإجماع الآراء بضرورة الإسراع بالموافقة على مشروع قانون كادر الدعاة الذي وافق عليه مجلس الشعب بالإجماع خلال الدورة البرلمانية الماضية إلا أنه أُرجئ في اللحظات الأخيرة من الدورة المنقضية، بناء على اقتراح للنائب أحمد عز أمين التنظيم بالحزب "الوطني" ورئيس لجنة الخطة والموازنة، كما طالبت بضرورة توفير الرعاية الصحية لهم وتوفير المكاتب السمعية وتوفير المساكن للأئمة مدعومة من الوزارة. وكان عدد من النواب ومن بينهم الدكتور فريد إسماعيل وعلاء حسانين وحسين الشورة ويحيى المسيري وسعد الحسيني وعلي لبن تقدموا بطلبات إحاطة عاجلة بضرورة الإسراع بالموافقة على مطالب الدعاة وأئمة المساجد. وقال علاء حسانين أمين سر اللجنة: نحن مع الحصانة التي يطالب بها الدعاة مع وضع الضوابط الخاصة بذلك، وإقامة نقابة للدعاة مثل جميع الفئات الأخرى، وتابع: من غير المقبول ونحن في بلد الأزهر الشريف أن نجد العديد من النقابات، ومنها نقابة السينمائيين التي تنشر الفساد داخل المجتمع وما تبثه من أفلام إباحية وغير إباحية ولا نجد نقابة للدعاة الذين ينشرون الخير ويعتلون المنبر الذي اعتلاه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وأيده النائب الدكتور فريد إسماعيل مطالبا بضرورة منع الدعاة حصانة حتى يتحدثوا بحرية دون خوف أو "إرهاب أمني"، وتساءل: كيف تصل المهانة لرجال الدعوة الإسلامية في بلد الأزهر الشريف إلى هذا المستوى، حيث هناك من يبحث منهم عن عمل بعد الظهر لسد احتياجاتهم المعيشية في ظل غلاء المعيشة، وهناك من يعمل سائقي ميكروباص و"توك توك" ومن يعمل سباكا ونجارا كما ورد في مذكرتهم. من ناحيته، دعا النائبان سيد عسكر وسعد الحسيني اللجنة الدينية إلى الإسراع بإعادة مناقشة مشروع قانون كادر الدعاة مرة أخرى حتى يتم وضعه على خريطة جدول أعمال المجلس و"حتى لا نتحرك في سراب"؟ وأبدى عسكر الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية سابقا تأييده لمطالب الدعاة بمنحهم حصانة لمواجهة "البطش الأمني" الذين يتعرضون له، وقال: للأسف نجد وزارة الداخلية تحكم وزارة الأوقاف، كما طالب بسرعة الإفراج عن 21 من الدعاة الذين تم اعتقالهم عقب الوقفة الاحتجاجية التي نظموها الأسبوع قبل الماضي. في الوقت الذي وجه فيه النائب يحيى المسيري انتقادات حادة إلى المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة، واتهمه بأنه هو الوحيد والمسئول عن عدم الموافقة على مشروع قانون كادر الدعاة خلال الدورة البرلمانية الماضية. وقال: من غير المقبول أن يتحكم شخص واحد وهو عز في الحكومة والبرلمان رغم إعلان البرلمان بالإجماع عن موافقته على هذا القانون، وشدد على ضرورة منح الحصانة للدعاة بعد أن "غلت يديهم من قبل الجهات الأمنية التي تقوم باستبعادهم وشطبهم من وظائفهم حتى أصبحت خطب الدعاة على مدار السنوات الماضية تنصب في عذاب القبر ونعيمه فقط". في الأثناء، شن النائب علي لبن، هجوما حادا على وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي، قائلا: إنه ينهب مال النبي وأموال المسلمين ويأكل مال الله والدعاة بعد ذهاب إيرادات الأوقاف الموجودة بالإصلاح الزراعي إلى وزارته رغم أن هذه الأموال من الأموال الخاصة التي تبرع أصحابها للإنفاق على الدعوة الإسلامية وليست من الأموال العامة، وأكد على ضرورة سرعة تنفيذ مطالب الدعاة حراس العقيدة. وحمل الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف، وزارة المسئولية عن تعطيل إقرار كادر الأئمة، مؤكدا أن الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف يجاهد من أجل صدور قانون كادر الدعاة إلا أن المشكلة تكمن في وزارة المالية التي تقف عقبة رغم تعاطف الحكومة ومجلس الشعب مع الدعاة، وقال: أدعو المالية أن تتخذ خطوات سريعة وجريئة لحسم كادر الدعاة. وأشار إلى أن وزارة الأوقاف لا تمانع في إنشاء نقابة خاصة بالدعاة وأئمة المساجد، نافيا في الوقت ذاته وجود تدخلات أمنية في عملهم في إطار تعليقه على المطالب بمنح الحصانة للدعاة، موضحا أن الدعاة وأئمة المساجد يتمتعون بالحصانة ولا يتدخل أحد في شئونهم وهم على المنبر في إطار "أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، وقال إنه لا يوجد أي تدخلات أمنية في عمل الدعاة وهناك إشارة كتابية وجهت إلى مديريات الأوقاف تؤكد ذلك وتمنع تدخل الأمن في أعمال الدعاة. وأضاف أنه تم إعادة 76 في المائة ممن تم استبعادهم من الدعاة خلال الفترات السابقة وبتعليمات من وزير الأوقاف، وقال إنه لا علم له باعتقال 21 من الدعاة الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الشعب، وتعهد ببحث الموضوع، وقال: إنني كفيل ومعي الوزير بالإفراج الفوري عن هؤلاء الدعاة في حال اعتقالهم. وأكد أنه يتم إنشاء مستشفيين في الغربية وسوهاج لمواجهة القصور الموجود في مستشفى الدعاة بالقاهرة، وقال إن حق الدعاة منحهم المساكن وتوفير المكتبات لهم، إلا أنه رفض قيام الدعاة بعمل مظاهرات واحتجاجات مثل باقي فئات المجتمع الأخرى وأن يتحدث معهم الأمن المركزي، خاصة وأن الدعاة أصحاب رسالة. في المقابل، قال محمد قطب ممثل وزارة المالية إنه لا يوجد داخل وزارته أي شيء خاص يتعلق بكادر الدعاة، واستدرك قائلا: نحن مع ذلك نكن كل تقدير لهؤلاء للدعاة لنشرهم للدعوة الإسلامية، إلا أنه عاد وأكد في تناقض واحد أن كادر الدعاة تقوم بدراسته وزارة الأوقاف للوصول إلى المبالغ المطلوبة. وكان اجتماع لجنة الشئون الدينية شهد أزمة حادة بين نواب الحزب الوطني والدعاة الذين حضروا الاجتماع، حيث رفض عدد من نواب "الوطني" على رأسهم وكيل اللجنة خالد زردق منح الدعاة الكلمة للتعبير عما يواجهونه من مشاكل، وقال بلهجة حادة إن اللائحة الداخلية تمنع الاستماع إلى هؤلاء. ورد الدعاة مهددين بالانسحاب من الاجتماع، وتساءلوا: "لماذا حضرنا إذن الاجتماع.. لابد من عرض مشاكلنا"، فما كان من نواب الأغلبية إلا أن خاطبوا الدعاة بقولهم: "امشوا انتم مستفزين ليه إيه الإرهاب ده"، وتدخل الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة لتهدئة الأوضاع، وقال: رغم أن اللائحة لا تسمح كما قال وكيل اللجنة إلا أننا سنستمع إلى أحد الدعاة.