ما يجري اليوم للإخوان المسلمين هو أمر مرفوض تماما ، فالإخوان قوة اجتماعية وسياسية لا يمكن تجاهلها ، واستخدام أجهزة الدولة لتصفية حسابات سياسية مع الخصوم أو المنافسين هو نوع من سوء استخدام السلطة ، وفقد الدولة لحيادها ونزاهتها واستقامتها ، ودعنا نقول إن الظلم عاقبته وخيمة ، والعدل هو أساس العمران ، وكم من أنظمة زلزل قواعدها الطغيان والظلم . كتبت منتقدا الإخوان مرات عديدة ، واليوم من الواجب الأخلاقي والمهني والإسلامي علي أن أدافع عنهم ، فالهجمة ا لأخيرة علي الإخوان هي هجمة ظالمة ولا بد وأن ننحاز إلي حرية الإنسان ونقف ضد القمع والعنف مهما كان مصدره ، وحين تكون الدولة مصدره فإننا بإزاء كارثة وجريمة . أعتقد أن الهجمة الأخيرة علي ا لإخوان وعلي مجلس شوري الجماعة الجديد ستؤثر علي قوة الجماعة وقدرتها علي التواجد في الشارع المصري وعلي التواجد كقوة اجتماعية وسياسية خاصة وأن الأشهر القادمة تنتظر استحقاقات للعديد من الانتخابات . الاتهام الذي وجهته النيابة وأجهزة التحقيق إلي معتقلي الإخوان هو اتهام متهافت ، فما معني أن تكون هناك تهمة أن الأعضاء المقبوض عليهم يتبنون أفكار سيد قطب وأنهم بذلك خارجون عن القانون وأنهم بذلك يقودون تيارات قطبيا داخل الجماعة . كتب سيد قطب موجودة ومنتشرة في العالم كله وهناك قراءات متعددة لها ، وأنا شخصيا كتبت مقالا لموقع الجزيرة علي الإنترنت بعنوان " قراءة جديدة في فكر سيد قطب " ، وقد قابلت أصدقاء من الإسلاميين في تركيا يقرأون سيد قطب بطريقتهم التي لا تعني المفاصلة أو المقاطعة أو التكفير أو العنف أو ما شابه مما يروج له أعداء الرجل الذي يكفيه أنه لم يهتز أمام سطوة وجبروت الدولة الناصرية وقال : إن السبابة التي تشير بالوحدانية لله في الصلاة لا يمكنها أن تقر باعتراف بشرعية الطاغوت . وللحق والحقيقة والتاريخ فإن جيل الستينيات من الإخوان والذين تمت محاكمتهم في عام 1965 علي ذمة تنظيم القطبيين في ذلك العام انقسموا قسمين قسم منهم التزم بكتاب " دعاة لا قضاة " والذي صدر إبان محنة الستينيات ، ومنهم الدكتور محمود عزت وصبري عرفه وغيرهم ، هؤلاء التزموا موقف الإخوان بعدم اتخاذ موقف تجاه المجتمع والناس والحكم عليهم ، ولم يلتزموا المصطلحات الجديدة التي جاء بها سيد قطب والتي تأثر فيها بأبو الأعلي المودودي في الباكستان . إذن فحين نقول إن هناك تيار قطبي داخل الإخوان فهم أولئك الذين حوكموا في قضية تنظيمه ، وهم من لم يريدوا أن يعلنوا أنهم ضد فكر سيد قطب ، فالظلال كتاب كبير ومهم في التفسير ، وهذا الدين ، والمستقبل لهذا الدين ، ومقومات التصور الإسلامي وخصائص التصور الإسلامي ، وهي الكتب التي مثلت تحولا في أفكاره هي ميراث فكري مهم وتعبر عن جزء من الفكر الإسلامي ، ولا يمكن أن نتنكر لها ، كذلك كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام ، والتصوير الفني ودراسات إسلامية وغيرها من الكتب هي تعبير عن جزء من الفكر الإسلامي ، ثم إن شخصية سيد قطب كأحد كبار مفكري الحركة الإسلامية هي موضوع للدرس من الباحثين والمتخصصين في الحركات ا لإسلامية وهو تخصص مهم اليوم . بالطبع هناك تيار داخل الإخوان ومنهم عصام العريان نفسه يقول إن قطب خالف البنا وسار بأفكاره في ا تجاه مختلف وهناك تيار كبير من الشباب الجدد والمدونين من الجيل الثالث من الإخوان منهم إبراهيم الهضيبي وعبد المنعم محمود وغيرهم يرون أن التقاليد الإخوانية يجب أن تعبر عن الميرات الذي تركه حسن البنا مؤسس ا لجماعة الأول . لكنه لا يمكن أن تكون كتب سيد قطب وهي مطبوعة متداولة بما في ذلك المعالم ، بل إنها طبعت من داخل السجن في عهد عبد الناصر لالتزامات المؤلف تجاه الناشر ، لا يمكن أن تكون تهمة توجهها النيابة لأي مواطن كان ، فنحن في عالم السموات المفتوحة ، كان منطقيا الحديث عن جماعة محظورة وهي تهمة لا جديد فيها أما موضوع سيد قطب هذا فسقطة تعبر عن تهافت لا يعكس منطقا أو حصافة . الحركة الإسلامية اليوم بلغت قدرا من النضج يمكنها من قراءة سيد قطب بطريقة مختلفة والأجيال الجديدة لديها قراءتها ورؤيتها ، والمزاج العام للحركة الإسلامية يأخذ أفكار سيد قطب إلي حيث مشروعه السياسي والاجتماعي بعيدا عن عصبية لحظات العنف ومزاجه . نحن ضد قمع الإخوان المسلمين وضد استخدام الدولة لأجهزة أمنهاضد أي فصيل أو تيار سياسي أو اجتماعي ، وأعتقد أن التهم المتهافتة التي تم توجيهها للمجموعة المعتقلة تعكس مأزق الأجهزة الأمنية والقضائية ولذا أتوقع أن تغلف ملفات تلك القضية بدون توجيه تهم لأحد .