انتقدت مجلة "التايمز" الأمريكية، صمت الإدارة الأمريكية على الممارسات "القمعية" للنظام المصري ضد جماعة "الإخوان المسلمين"، مقارنة بين موقفها من الاعتقالات التي يتعرض لها قادة وأعضاء الجماعة والانتقادات التي وجهتها للنظام الإيراني بسبب الاعتقالات في صفوف المعارضة. وأضافت في تقرير نشرته أمس الأربعاء من القاهرة، أن واشنطن لم تخجل عندما وجهت انتقاداتها لإيران بشان انتهاك طهران لحقوق الإنسان، وقمع الأصوات المعارضة في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت الصيف الماضي، لكن موقفها لا يزال إلى حد كبير أكثر هدوءا عندما يتعلق الأمر بمصر أكبر حلفائها بالمنطقة العربية، وأن الأشهر المقبلة ستكون اختبارا للإدارة الأمريكية فيما تنوي فعله". ورجح التقرير شن حملة اعتقالات واسعة في أوساط المعارضين في مصر، وقال إنه بالنسبة لمصر التي تتلقى نحو 1.3 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية الأمريكية، فإن دراما الانتخابات المصرية القادمة والمشابهة للانتخابات الإيرانية لم تتكشف بعد، فالانتخابات النيابية ستكون بعد عدة أشهر، والرئاسية ستكون العام القادم، لكن هناك دلائل على حملة قمعية وشيكة على جماعات المعارضة في مصر ويعزو الصمت الأمريكي بشأن هذه القضية إلى أنه سيكون بفرض أن القاهرة ستكون قادرة على تجنب تسليط الأضواء الدولية عليها على عكس ما لم تستطعه طهران. وكانت السلطات المصرية اعتقلت في الثامن من فبراير الجاري 16 من أعضاء جماعة "الإخوان" من بينهم ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد ونائب المرشد العام للجماعة، كما تم لاحقا اعتقال أكثر من 30 من أعضاء وقيادات الجماعة، وأصدرت الجماعة بيانا أكد أن هؤلاء لم يفعلوا أي شيء سوى الدعوة إلى الإصلاح والحرية . وعلقت "التايمز" قائلة، إنه "بالرغم أن الجماعة محظورة منذ عام 1954 إلا أن شعبيتها مستمدة أساسا من العمل الخيري الإسلامي، كما أنها تدعو إلى الإصلاح السياسي ومناشدة المسلمين للتدين، وهذا ما يراه نظام الرئيس مبارك تهديدا له". ونقل التقرير عن طه على المحلل في مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الذي يرأسه الدكتور سعد الدين إبراهيم أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون لحظة تاريخية بالنسبة للنظام الحاكم، وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمون، وإننا سننتظر لنرى. ويرى لأنه بالرغم أن الدولة سبق لها أن اعتقلت المئات من أعضاء الجماعة قبل الانتخابات الماضية، إلا أن الاعتقالات أو المحاكمات التي ستسبق الانتخابات القادمة سواء في أبريل القادم "مجلس الشورى"، ونوفمبر القادم "مجلس الشعب" ستكون سابقة تاريخية جديدة. وحدد التقرير نقلا عن الباحث سببين لذلك، الأول هو أن جماعة "الإخوان" ليس من المرجح أن تشهد نجاحا في تلك الانتخابات مماثلا لانتخابات 2005، حيث ترشح أعضاؤها كمستقلين وحصلوا على نحو 20% من المقاعد مما جعلها اكبر كتلة برلمانية في مواجهة الحزب "الوطني"، ثانيا أن النظام مستعد الآن على عدم تكرار ما حدث في الانتخابات الماضية. أما جوشوا ستاتشر الخبير في العلوم السياسية، والمصرية بجامعة كينت ستيت الأمريكية فيرجع حملة الاعتقالات التي يشنها النظام ضد قيادات الجماعة بأنها تتعلق باختيار "أكثر قيادتها المحافظين- الدكتور محمد بديع- مرشدا عاما لها رغم ما طالب به أعضاء الجماعة أن يكونوا أكثر تصالحية تجاه النظام". واستدرك قائلا: "بغض النظر عمن سيقود الجماعة فإن الحكومة ستواصل هزيمته، وبشكل عام لا تريد الحكومة لجماعة الإخوان لا المشاركة في الانتخابات التشريعية، ولا في الانتخابات النقابية، وأنها ترى أن انسحاب الأخوان من الحياة السياسية هو الشيء المثالي". في حين أشار ميتشل دن محررة نشرة الإصلاح العربي في معهد كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن إلى اختلاف الظروف بين الانتخابات القادمة عن انتخابات 2005، مشيرا إلى أن نجاحات "الإخوان" في الانتخابات التشريعية 2005 كانت مرتبطة ببعض الإصلاحات الانتخابية التي اضطرت مصر لإجرائها تحت ضغوط إدارة الرئيس بوش وأوروبا، بالإضافة إلى الضغوط المصرية الداخلية عام 2005. في المقابل، ترى أن اهتمام إدارة الرئيس باراك أوباما بقضايا الديمقراطية في مصر قليل جدا، وان مصر ليست على أولويات أجندة إدارته، حيث تحتل الحرب في العراق، وعملية السلام بين العرب وإسرائيل، وقوة القاعدة المتنامية في اليمن الأولوية على قمة أجندة أولوياته. وتعتقد أن الإدارة الأمريكية تسعى للنأي بنفسها عن أي سياسات عدوانية انتهجتها الإدارة السابقة وأضرت العلاقات الثنائية بحلفائها كمصر، وأنها تدرك حقيقة واقعة وهى أن قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر تتراجع للوراء، وإن إدارة الرئيس أوباما سوف تلام عن سكوتها على ذلك.