حسنا فعلت الجمعية العمومية لنادى قضاة الإسكندرية عندما تجاهلت المبرر" الكارثى " الذي ساقه كبير قضاة النادي لاستثناء أبناء القضاة من شرط التقدير للالتحاق بالسلك القضائي والذي عبر عنه بالمعادلة : مقبول + بيئة قضائية = جيد ، ربما يخطر ببالك وأنت على حق طبعا أن اجتماعا لنادى القضاة لابد أن يكون مهموما ومشغولا بالعدالة وما يتصل بها ، كأن يضع على جدول أعماله حلولا لمشكلات تهم الناس وتشغل بالهم مثل : كيف يمكن القضاء على مشكلة بطء التقاضي التي تتضمن لونا من الظلم لأصحاب الحقوق ؟ وما السبيل إلى إعادة الهيبة لأحكام القضاء التي تصبح فى أحيان كثيرة حبرا على ورق لا تنفذ خاصة إذا كانت الدولة نفسها هى الطرف الآخر فى الخصومة ؟ لماذا يفلت الكبار وأباطرة الفساد دائما من الحساب والعقاب ؟ هل نستطيع أن نستعيد ثقة الناس التي اهتزت فى آليات العدالة ؟ وقبل كل ذلك وبعده ألم يأن أوان تنقية قوانينا مما يتعارض مع الشريعة الإسلامية ؟ قد يكون ، لكن القاضى الكبير صاحب المعادلة أعلاه كان مهموما بشىء آخر ، فهو عما قريب سوف يترك منصبه طبقا للنواميس الربانية التى تجعل دوام الحال من المحال ، وسوف يترك معه الأبهة والهيلمان والنفوذ والجاه والمكاسب المادية والمعنوية وهى مكاسب مبالغ فيها يسيل لها لعاب الكثيرين ، حبذا لو اطمأن على مستقبل الابن وضمن له وظيفة فى السلك القضائى الذى ينتمى إليه ، لكن ماذا يفعل و الابن محدود الذكاء وضعيف التحصيل وقليل الموهبة ، ولم تفلح البيئة القضائية التى تعتبر عاملا مساعدا وميزة إضافية لا تتوفر لكثيرين أن تجعل " المحروس " يتجاوز حاجز ال " مقبول " ، إن شرط حصول المتقدم على تقدير " جيد على الأقل " هو الشرط الوحيد الذى يقف حجر عثرة أمام الرغبة العارمة لسعادة المستشار ، الظرف مناسب وهو اجتماع الجمعية العمومية لرموز العدالة وحراس القانون، عصف صاحبنا ذهنه واستغرق فى تفكير عميق و لاحت له المعادلة : مقبول + بيئة قضائية = جيد ، لم يجد الرجل حرجا أو يخالجه أدنى إحساس بالمسئولية وهو يعلن على الملأ إكتشافه العظيم ويطرح نظريته الجديدة المبتكرة التى ترغب فى تقنين الوساطة والمحسوبية ، وتضرب تكافؤ الفرص فى مقتل ، وتدهس بأقدام غليظة أبسط قواعد العدالة ، وتطعن فى نزاهة مؤسسة نحتاج جميعا إلى بقاء صفحتها سليمة من الأذى ، وتجعل الناس يكفرون بالوطن ، ويلعنون اليوم الذى حملوا فيه جنسيته ، وقديما قال خامس الراشدين لأحد ولاته عندما طلب دعما ماديا لإقامة أسوار حول عاصمة ولايته " حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم " -- مقبول + بيئة قضائية = جيد !! حيلة مكشوفة للسطو بالقانون الأعوج على حقوق المجتهدين ومكافأة الفاشلين ، يا سعادة القاضى المستشار المؤتمن دعنى أستخدم بعض ألفاظ " بيئتكم القضائية " لأقول لكم حيثياتك متهافتة وإستدلالك فاسد وإستنتاجك خاطىء لأن البيئة القضائية التى تتحدث عنها وتريد أن تجعلها عوضا عن المذاكرة والإجتهاد فى طلب العلم لو كان لها قيمة تذكر لآتت أكلها وظهرت آثارها ، إلا إذا كنت ترى أن مجرد رؤية نجلكم لأصدقاء وزملاء سعادتك يترددون على بيتكم لزيارتكم فى العطلات والمناسبات وسماعه لسمركم ومشاركته أحيانا فى جلساتكم يعتبر مسوغا مهما من مسوغات التعيين ، عموما الحمد لله وقدر ولطف ، أن باء مسعاكم بالفشل ، وأن قيض الله رجالا يقفون لكم بالمرصاد ، لأنه لو حدث ما تدعون إليه يوما ما فقل على الدنيا السلام وسوف يفتح الباب ع البحرى ل"البيئات المختلفة" ، فهذه بيئة بنكية وتلك بيئة إعلامية وثالثة بترولية ورابعة جامعية --- الخ يكفى لإلتحاق الأنجال بها الحصول على درجات الرأفة والصعود لمربع " المقبول المحترم " الذى أصبح فى هذه الأيام النحسات عند بعض الفاشلين يتفوق على كثير من الإمتيازات وكله ببركات البيئة وأصدقاء وزملاء " بابى " ،--- هل هناك وسيلة للعبث بمصر وأمنها القومى ومستقبلها وإضعافها أمام أعدائها أفضل من حمى التوريث بالباطل التى تجتاح البلاد منذ سنوات .