د عبد المنعم أبو الفتوح لديه حس سياسي بالغريزة وعقل استراتيجي بالطبيعة وشخصيه زعامية بالفطرة..وليس فى ذلك مجامله أوحرج ..أتذكر أن جوته الشاعر الألماني الكبيرقال لإيكرمان فى أحاديثهما الرائعة أنه لا يخجل من الإقراربمواهبه وأردف قائلا (فهكذا خلقنى الله)..غير أن الظروف التاريخية التى يتحرك فيها أصحاب المواهب لها دوركبير فى سطوع هذه المواهب والإفادة منها ..ولنا ان نتذكر الظروف التاريخية التى سطعت فيها مواهب جمال الدين الافغانى ومحمد عبده ورشيد رضا والأستاذ البنا و سعد زغلول ومصطفى كامل ومصطفى النحاس وعبد الناصر..هذه الظروف كان لها بلا شك دور كبير فى بروزهذه المواهب وتحركها فى مجالها.ولكن للأسف الشديد كما قال د .عمرو الشوبكى أن الظرف التاريخى لا يسمح بالحركة الطبيعية لمثل د.عبد المنعم أبو الفتوح..وهو قول فى محله تماما..ومما يذكر فى ذلك ما قاله ا/عبد الله السناوى فى العربى الناصرى 14/2 (لم يسبق لقيادة أخرى داخل الإخوان منذ رحيل مؤسسها _حسن البنا_ أن حظت بما يحظى به أبو الفتوح من احترام جماعات المعارضة وهو ما لا ترتاح إليه سلطات الأمن)..ومما يروى عن شخصيه من أهم شخصيات تاريخنا المعاصرسياسيا وصحفيا أنه قال( لن يسمح أحد على الإطلاق بتولى أبوالفتوح مسؤولية كبيرة فى الإخوان! )..أقول ذلك بعد أن رأيت أنا وغيرى الحجرالكبيرالذى ألقاه د.عبد المنعم فى بحيرة حياتنا الأسنة..بدعوته التى أطلقها عبر ملتقى شباب الإخوان بامتناع الإخوان عن خوض الانتخابات لمده عشرين سنة..وهو القول الذى تلقته شخصيات إخوانية بدهشة لا تخلومن حيرة..ذلك أن د عبد المنعم وجيله كانوا هم أصحاب فكرة(دخول كل الانتخابات)ومن سنه 84 لم يكف الإخوان عن دخول أى انتخابات..من اتحادات طلابية إلى مجالس التشريعية مرورا بالنقابات ونوادي هيئات التدريس والمجالس المحلية..تجربه حميمة زادت على العقدين وها هى تدخل عقدها الثالث دونما أى تقييم شامل من أى أحد على خلفيه النفع الوطني والدعوى لها .. فإن كانت نافعة وخصبة وتعد بمزيد من الثمارتستمر..وإن كانت غيرذلك تتوقف..ولا عيب فى ذلك فالمسلم الناصح النصوح دائم المراجعة..دائم التقديرلخطوه قبل الخطوموضعها..وهاكم الوصية العظيمة التى قالها عمربن الخطاب لأبى موسى الاشعرى(لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديث فيه لرشدك أن ترجع عنه فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل)..وكنت قد سألت د عبد المنعم ذات مرة عما إذا كانت هناك ثمة دراسة مستقبلية أجريت بالمستهدف من قراردخول الانتخابات بعد عشر سنوات؟..بمعنى هل قمتم بتوقع ماذا سيكون عليه الحال سنه 94 مثلاعلى المستوى الاجتماعى والسياسى والدعوى؟؟ فقال لى للأسف لم يحدث ذلك..فقلت له لكن للأسف حدثت المحاكم العسكرية سنه 95 ودخلت العلاقة بين الإخوان والدولة فى(رحاية)المواجهة العاتية..ولك أن تتأمل ذلك وفى الذاكرة القريبة مشهد جنازة المرشدالثالث ا/عمر التلمسانى سنه 86 والذى سار فيها كل رجال الدولة بإستثناء السيد الرئيس..!!وأذاعتها أخبارالسادسة والتاسعة فى القناة الأولى وقتها..ما الذى حدث بعد ذلك ؟ ومن أى قرارخرج هذا العفريت فصاح وطاح فى العلاقة بين الدولة والإخوان على هذا النحو المرعب للغاية؟..يقولون أن التاريخ يعيد نفسه فقط عند من لا يقرؤونه ويعتبرونه..أما من يقرأ ويعتبرفلا يمكن أن يقع فى نفس الحفرة مرتين.. إنه السلطان ..إنه السلطان ..إنه السلطان..!!فما من صاحب سلطة فى تاريخ بنى أدم يرى ما يتهدد سلطانه ولوعلى سبيل(الفشرالإعلامى) ويقف ساكنا..(أذكروا ما فعل الرشيد فى البرامكه بعد ان كانوا قرة عينه ودعامة دولته من اثر الوشايات الكذوبة)وقد التقط الغرب وغلاة العلمانيين الإشارة مبكرا..وأفاضوا وأجادوا وروعوا وفزعوا وبالغوا فى الخطرالإخوانى ..وانتهى الدرس يا آخى..وأظلمت الليلة ولم يظهر لها فجر حتى الآن..لم تكن دعوة د.أبو الفتوح إذن مفاجأة فهى تتسق مع طبيعته المتبصرة ..لكن المفاجأة كانت من شخصيات إخوانية معتبره ولها حضورها واحترامها ..هم يريدون أن يطرقوا الدرب المطروق حتى أخرنفس(نسير نسير ولا يبدوا أمامنا غيرالطريق)..فهل يعقل ذلك ..؟ أليس فى التجارب معتبر للمعتبرين؟(أيها الواقفون على حافة المذبحة..سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة)..المجتمع يناديكم ويستصرخ فيكم اخلاصكم والتزامكم. ألم تنشدوا فى أحلامكم صورة المجتمع القوى..؟ إنه التعليم الذى كانت تفاخر به مصرالشرق كله..لماذا تركتم جهال الأرض تعبث به..؟هل تعلموا أن ماكينة رجب أردوغان تشتغل بتروس فتح الله جولن؟؟وهاهو احمد زويل يحلم لمصر بما فعله اردوغان فى عشر سنوات.! ألم تنشدوا فى أحلامكم صورة المجتمع القوى..؟إنها الأخلاق..متممه المكارم..وعضد الدين..لماذا تركتم فساق الأرض تنهش وتهلهل فيها؟ ألم تنشدوا فى أحلامكم صورة المجتمع القوى.؟إنها الثقافة والفكر..لماذا تركتم الراقصين تتلاعب بهما..؟ وكل ما تستطيعه وتقدرعليه أصبح فرضا عليك إذا مست الحاجة إليه.. وفى نهاية الأمر..ما ذا ينتظرمن مجتمع قوى إلا أن يُخرج رجالا أقوياء ونساء أقوياء ينهضون به ويقومون بأمانته.ووقتها تكون السياسة سياسة..والانتخابات انتخابات..والبرلمانات برلمانات..ووقتها سيكون للمجتمع مناعته وحصانته التى تحميه من فساد المفسدين وتزويرالمزورين.. لماذا الإصرارعلى الطريق الوعر؟..أوليس السهل أهون مسلكا ؟أفلم يكفى ما قد جرى؟..أولم يقل المؤسس الأول(أنكم روح جديدة تسرى فى المجتمع فتحييه بالقرآن)؟ لماذا تحولت هذه الروح الوهاجة إلى كيان صلب لايعرف إلاالمثابرة على تلقى الضربات والصفعات؟ مصرالآن والمنطقة كلها فى أخطرمنعطف تاريخي من عهد محمد على ( 1805م_1849م)وليس فى ذلك مبالغة ..ومن أسف أن درة الشرق الآن فى أسوأ حالاتها..تعليم منهار..اقتصاد متداعي ..خدمات رديئة..وفكرفى الحضيض..والأهم من كل ذلك ضياع أخلاقي مفزع ومرعب.. فهل تجد دعوه د.عبد المنعم أبو الفتوح أذانا صاغية تبكربالإنصات..أم (لم يسمعوا نصحي إلا ضحى الغد)؟. وقتها لن يكون هناك غد ولايوم ..سيكون هناك(أمس)دائم. وليعاذ بالله . د/هشام الحمامى [email protected]