تعتبر محافظة المنوفية من المحافظات التى لها تاريخ كبير فى العمل السياسى فى التاريخ المصرى فقد أنجبت المحافظة رئيسين لمصر هما الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس المخلوع حسنى مبارك واستحوذت محافظة المنوفية على نصيب الأسد من المناصب فى عهد النظام السابق فخرج من المحافظة أباطرة النظام السابق منهم الراحل كمال الشاذلى وأحمد عز ومثلت المحافظة لعقود طويلة أهم وأكبر معاقل الحزب الوطنى المنحل على مدار 30 عامًا. وبعد قيام ثورة يناير والإطاحة بمبارك ونظامه وصعود التيار الإسلامى للحكم استمرت المحافظة فى دعمها أيضًا لموز النظام السابق ولم تدخل تحت مظلة العباءة الإسلامية بصفة عامة والإخوانية بصفة خاصة، حيث صوتت محافظة المنوفية فى الانتخابات البرلمانية ضد مرشحى التيار الإسلامى وفى الانتخابات الرئاسية الماضية صوتت لصالح أحمد شفيق المرشح المحسوب على النظام السابق فى مواجهة الدكتور محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين آنذاك والرئيس الحالى لمصر وكانت المنوفية من أكبر المحافظات أيضًا التى صوتت ب"لا" على الدستور. حاولت "المصريون" أن تتعرف على أسباب مروق محافظة المنوفية على التيار الإسلامى رغم وجود ما يقرب من 100جمعية أهلية ينتمى جميع مجالس إدارتها إلى جماعة الإخوان المسلمين.
فى البداية، أكد الدكتور عاشور الحلوانى -أمين حزب "الحرية و العدالة" بمحافظة المنوفية- أن محافظة المنوفية تعد من المحافظات العريقة فى العمل الإسلامى، خاصة من جانب جماعة الإخوان والتى خاضت انتخابات مجلس الشعب عام 2005 وأسقطت رموز الحزب الوطنى المنحل فى هذه الانتخابات وأن ما يقرب من50% من مقاعد محافظة المنوفية فى مجلس الشعب السابق كانت لجماعة الإخوان المسلمين وأنه يوجد 6 مقاعد لحزب "الحرية والعدالة" فى مجلس الشورى من محافظة المنوفية. و أشار الحلوانى إلى أن تصويت محافظة المنوفية فى معركة الانتخابات الرئاسية السابقة كان استثنائيًا بكل المقاييس، حيث إن محافظة المنوفية يوجد بها ما يقرب من 100جمعية أهلية ينتمى جميع مجالس إدارتها إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأنها تعمل لخدمة أبناء المحافظة جميعًا دون تمييز وأن انتخابات النقابات المهنية فى المحافظة تدل على قوة التيار الإسلامي. ومن جانبه، أكد أسامة عبد المنصف -أمين حزب النور بمحافظة المنوفية- أن المسألة ليست مسألة تيار إسلامى فى مقابل تيار ليبرالى أو علمانى ولكن المواطن المصرى داخل محافظة المنوفية متدين بطبعه ويميل إلى تأييد التيار الإسلامى على حساب أى توجه آخر. وأن نسب تصويت أبناء محافظة المنوفية لم تكن ضد التيار الإسلامى عمومًا إلا فى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية السابقة وذلك لأن الحزب الوطنى المنحل له قواعد لا تزال تعمل داخل محافظة المنوفية، وأن اختيار الناخب داخل محافظة المنوفية لمن يمثله فى البرلمان خاضع للاعتبارات الشخصية دون التوجهات السياسية، ولذلك فإن نسب التمثيل المتوقعة فى البرلمان القادم ستتوقف على كفاءة وقوة المرشح وشعبيته فى داخل نطاق دائرته.
فيما أشار عزت عبد السلام -أمين حزب الوسط بمحافظة المنوفية- إلى أن التيار الإسلامى ممتد وواسع الانتشار بمحافظة المنوفية من قبل الثورة وجاءت الثورة فدعمت وجود التيار الإسلامى بالمحافظة وأن الإخوان والسلفيين ومن ينتمون إلى التيار الإسلامى كانوا يستطيعون تحقيق الفوز فى الانتخابات البرلمانية على حساب مرشحى الحزب الوطنى المنحل فى محافظة المنوفية قبل قيام ثورة الخامس والعشرين من ينايرعام2011 لو تدخل النظام السابق. وأضاف عبد السلام أن نسبة التصويت داخل محافظة المنوفية فى الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى الحالى كان أغلبها لصالح التيار الإسلامى. وأن قلة انتشار الوعى السياسى بالمحافظة يعد من أهم الأسباب التى جعلت نسب التصويت فى المراحل الانتخابية فى جميع الانتخابات السابقة كانت لحد ما ضد التيار الإسلامى على وجه العموم وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص. وأكد عبد السلام أن المواطن داخل محافظة المنوفية مثقف ومتدين وليس لدية أى نفور أو رفض للتيار الإسلامى ومن يمثلون هذا التيار بمحافظة المنوفية من رموز إسلامية. فالمواطن داخل المحافظة يسعى إلى الاستقرار وإلى مستقبل أفضل مما هو عليه. وتوقع عبد السلام أن يحصل التيار الإسلامى على نصيب كبير فى الانتخابات القادمة لمجلس النواب وإن لم تكن نفس نسبة التمثيل فى انتخابات مجلس الشعب الماضية بسبب التخبط فى السياسات من جانب الحزب الحاكم والتى دائمًا ماتنعكس على التيار الإسلامى. وعلى صعيد آخر، أكد مصطفى لاشين -نائب أمين حزب الحضارة بمحافظة المنوفية- أن جماعة الإخوان المسلمين لن تستطيع السيطرة على محافظة المنوفية لأن المحافظة تتميز بارتفاع نسبة التعليم بين أبنائها مما يعيق سيطرة جماعة الإخوان المسلمين. وكما أن وجود شخصيات بارزة تنتمى إلى الحزب الوطنى المنحل داخل المحافظة يعد من أكبر العقبات فى انتشار التيار الإسلامى داخل المحافظة والذى ينعكس بدورة على نسب التصويت فى الانتخابات لصالح الأحزاب الليبرالية والاشتراكية على حساب الأحزاب المنتمية إلى التيار الإسلامى. وأضاف لاشين على أن بعض التصريحات والمواقف المتشددة التى يقوم بها بعض رموز التيار الإسلامى هو الذى يزيد من هاجس الخوف لدى المواطن داخل محافظة المنوفية من التيار الإسلامى الذى ينعكس أيضًا بدورة على نسب التصويت فى الانتخابات ضد المنتمين إلى التيار الإسلامى. وأن الانتخابات القادمة ستكون النتائج فيها لصالح الأحزاب الليبرالية ولكن ليس بالشكل الذى يمثل لهم الأغلبية فى المقاعد المخصصة لمحافظة المنوفية فى مجلس النواب القادم.
وكشف محمد عزت المسلمى -أمين تنظيم حزب مصر الكنانة بمحافظة المنوفية- عن أن مواطنى محافظة المنوفية هم جزء أصيل من الشعب المصرى الذى يميل بطبعة إلى التدين وتفضيل الرموز التى تنتمى إلى التيار الإسلامى على حساب التيارات الأخرى، و أن الضائقة الاقتصادية التى تمر بها البلاد ومحافظة المنوفية كجزء منها هو العامل الأساسى الذى جعل المواطن داخل محافظة المنوفية يرغب عن التصويت لصالح الإسلاميين فى الانتخابات السابقة بجميع مراحلها والتصويت لصالح الليبراليين والاشتراكيين على حساب الإسلاميين. وأضاف المسلمى أن ارتفاع نسبة الفقر فى محافظة المنوفية من أهم و أكثر العوامل التى تتحكم فى نسب التصويت فى أى انتخابات برلمانية يتم أجراؤها. و أن ضيق الأحوال الاقتصادية للمواطن داخل المحافظة مع وجود فئات كبيرة من الحرفيين والفقراء هم من يرجحون كفة الانتخابات لصالح من يعمل على حل مشاكلهم الاقتصادية، لافتًا إلى أن التعجيل بإجراء الانتخابات فى الوقت الحالى لن يكون لصالح التيار الإسلامى بل سيكون لصالح مرشحى التيارات الأخرى بسبب تخبط السياسات.