الفيديو الذى سربه الإرهابيون خاطفو جنودنا، وهم معصوبى الأعين يعد سابقة خطيرة وتحدٍ صارخ لهيبة الدولة والنيل من قواتنا المسلحة، وإهانة بالغة لمصر كدولة، ويعكس بقوة صلف وغرور هؤلاء الخارجين على القانون وتحديهم لسيادة الدولة بأن يطالبوا بالإفراج عن أنصار لهم محكومًا عليهم فى قضايا سبق وأدانهم فيها القضاء مقابل إفراجهم عن الجنود السبعة المختطفين، لتصبح سيناء من الآن فصاعدًا دولة مستقلة، بحسب رؤى الإرهابيين وتعاملهم مع مصر بأنها دولة عدو لهم، وعلى الرئيس مرسى والفريق السيسى أن يتحملا مسئوليتهما كاملة عن خطف جنودنا والعمل على سرعة تحريرهم، وليس كما نرى من بلادة واضحة وتمييع للموقف دون أن يخرج أى من المسئولين يوضح لنا الموقف الرسمى فى كيفية التعامل مع المختطفين وتحرير أولادنا حماة الوطن، فلا الرئاسة سارعت بوضع آلية للتنفيذ وتشكيل غرفة عمليات، ولا الفريق السيسى أصدر بيانًا يوضح فيه موقفه الرسمى من الجريمة التى أقبل عليها بعض المرتزقة، وكيف سيتعامل معها لتحريرهم، فالتقاعس واضح من الجميع، فمع مرور 4 أيام على خطف الجنود، لم نر ما يؤكد أن الدولة جادة فى مواجهة الإرهاب والإرهابيين، والتعامل مع من تسول له نفسه بالتعدى على أبنائنا بيد من حديد، فليس هناك أغلى من أرواح المصريين فماذا ننتظر بعد؟ الرئيس مرسى كان يجب عليه أن يتحرك ويستقر على هدف معين بأن تحرير الجنود أمر يمس الأمن القومى المصرى ويضربه فى مقتل إذا وقع أى مكروه لهم، الذى قال عنهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "... إنهم خير أجناد الأرض"، لكن واضح أن مرسى للأسف تعامل مع الموقف بطريقة رخوة، ولم يستقر على الفور فى توجهه هل سيعلن تفاوضه مع الإرهابيين؟ أم سيسارع بتحرير الجنود السبعة؟ وهو ما يدعو للدهشة حقًا أن تقف الدولة عاجزة بكاملها أمام هذه التجاوزات التى تشهدها سيناء منذ مقتل جنودنا الستة عشر فى رمضان الماضى، وواضح أن هناك قصورًا من أجهزة الاستخبارات التى تعمل فى سيناء وعدم مقدرتها بتحديد أماكن الجنود حتى يسارع كوماندوز القوات المسلحة فى تحريرهم، وإذا كان هناك قصور بشكل أو بآخر فيعد هذا كارثة، بأن تقف الدولة عاجزة فى فرض سيطرتها على أراضيها بشكل كامل، فسبق أن وقعت أكثر من مشكلة فى سيناء تؤكد أننا مقبلون على كوارث عدة، ولم نر خططاً إستراتيجية واضحة فى التعامل معها مستقبلاً، بل لا نكاد نخرج من كارثة لنجد كارثة أخرى فى انتظارنا، فالعملية الإرهابية التى نحن بصددها لن تكون الأخيرة طالما وقفت قواتنا المسلحة موقف المتفرج من سيناء وما يجرى فيها، فلا بد من سرعة التحرك والتعامل مع كل مارق إرهابى "بدكه دكاً" ولا تأخذكم بهم الرحمة فهؤلاء هم أعداء الوطن، والرضوخ لمطالبهم يعنى أن الدولة ستبقى رخوة مستباحة من هؤلاء، وتفتح الأبواب أمام عمليات أخرى ستكون شراً مستطيراً على الوطن وأبنائه، ولهذا فالتحرك والاستعداد لما هو قادم يجب العمل عليه الآن وبشكل فورى بتوفير غطاء أمنى قوى يبلغ من الشدة والقوة مداه بالتعامل مع من تسول له نفسه بالتعرض لجنودنا مستقبلاً، فالجزائر سارعت بعملية عسكرية لتحرير من كان يحتجزهم مسلحون متشددون بعد هجوم على منشأة نفطية فى "إن أميناس" بالجزائر، خلف قتيلين وستة جرحى، ولم تعط فرصة للإرهابيين فى أن يصوروا خاطفيهم وينشروا الفيديو على موقع اليوتيوب كما جرى من الجنود السبعة المختطفين، وهو ما كان يجب أن تقبل عليه قواتنا المسلحة، ليفكر هؤلاء مليون مرة بعد ذلك بأن الأمور ستواجه بحزم وشدة لو أقبلوا على مثل هذه العمليات القذرة مستقبلاً، خاصة أن والد أحد الجنود المختطفين أكد أنه مستعد أن يستقبل ابنه شهيداً، ولا تتفاوض الدولة مع الإرهابيين، لكن الجريمة قوبلت بشكل فاتر من المسئولين سواء مؤسسة الرئاسة أو وزارة الدفاع، وجاء التحرك متأخراً، ولم يتحقق أحد من أن هناك إستراتيجية واضحة سيتم التعامل بها مع الموقف، ليهدأ الرأى العام قليلاً انتظاراً لما ستسفر عنه العملية، مما دفع بالإرهابيين بتسريب الفيديو المستفز لجنودنا معصوبى الأعين، وكأنهم أسرى حرب.. فلم يعد مجال الآن للهزار أو التهوين من الموقف.. ونقول للرئيس مرسى ووزير الدفاع الفريق السيسى إنكما أمام اختبار صعب ولابد من نجاحكما فيه بشكل أو بآخر وأى مكروه سيقع لهؤلاء الجنود، ستكون مسئوليتكما سوياً، فالرأى العام متحفز وينتظر كيف سيكون التعامل مع القضية التى تؤرق كل بيت مصرى، وها نحن ننتظر ماذا أنتم فاعلون؟ وعلينا أن نستوعب الدرس ونفكر من الآن فصاعداً فى كيفية التعاطى مع سيناء بعدما أهملها النظام السابق مكتفياً بالسلام المكبل مع إسرائيل، والذى يعد سبباً مباشراً فيما نحن فيه الآن باستباحة سيناء بغياب قواتنا المسلحة عنها بحسب بنود اتفاقية كامب ديفيد المقيدة لسيادة الدولة على ثلث مساحتها الكلية، وآن الأوان أن يفتح هذا الملف وتتواجد قواتنا على أرضنا كاملة لحمايتها من بطش الإرهابيين، وهو ما يعود بنا للوراء قليلاً وتحديدًا الأربعاء 26 مارس، عندما خرج علينا ياسر على، المتحدث باسم الرئاسة وقتها، بتصريح غريب بأن اتفاقية كامب ديفيد لا يوجد حاليا ما يستدعى تعديلها، وأشار "ياسر علي"- فى تصريحات أبرزتها وسائل الإعلام فى حينها بنيويورك على هامش مشاركة الرئيس مرسى فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة - إلى أن مصر لديها كل ما تحتاجه لفرض سيطرتها على سيناء وإعادة الأمن والانضباط فى كامل أرجائها والعمليات مستمرة ولا يوجد ما يعوق تقدمها لحين تحقيق الأهداف المحددة لها وهو ما يجب أن نضع حوله مئات علامات الاستفهام.. فأين ما قاله الرئيس ووعد به الآن على لسان "على"؟ الإجابة عند الرئيس مرسى، وحفظ الله جنودنا وأهلك خاطفيهم آمين.