ساءني كما ساء الكثيرون تصريح وزير الداخلية، بأنه لن يسمح بعودة الضباط الملتحين إلى العمل طوال فترة توليه مسئولية الوزارة، قائلًا "طول ما أنا وزير داخلية مفيش ضابط ملتحي عندي حتى لو حكموا عليّ بالحبس". شعرت بغصة في حلقي، وأحسست بالإهانة لي ولديني وشريعتي ولنبيي صلى الله عليه وسلم، واستشعرت الإهانة تمس رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، وعدد ليس قليلًا من الوزراء وأغلب نواب الشعب، بل ومعظم شعب مصر الذي استأمنهم وانتخبهم، وتملكني إحساس بأننا في بلد بلا دستور ولا قانون وأنه ما قامت ثورة على هذه الأرض الطيبة ترفع الظلم وتحطم الاستبداد وتحرر العباد وتصبو لإقامة دولة العدل والقانون واحترام الإنسان. ودارت بذهني عدة تساؤلات أرجو من المسئولين عن البلد أن يجيبوني عنها: ما هي الجناية التي ارتكبها الضباط والأمناء الملتحون حتى يفصلوا من أعمالهم، وتقطع رواتبهم، ويشرد أبناءهم؟ وما هو الذنب الذي عليه يحاسبون؟ وما الجريرة التي بها يؤاخذون؟ وعلى أيّ جرم يعاقبون؟ أذنبهم أنهم تمسكوا بشريعة ربهم، وسنة نبيهم، وهُوِيَّة بلادِهم؟ أم جريرتهم أنهم ظنوا هاهنا قامت ثورة، أسقطت الظلم والطغيان، وحررت الإنسان؟ أم جريمتهم ظنوا أننا كتبنا دستورًا يحمي حقوقنا، ويصون معتقداتنا؟ أجنايتهم أنهم ظنوا أن بلادنا تحررت من عبودية البشر وأن هناك قانونًا يحكمنا يخضع له الجميع غفير ووزير ورئيس؟ مَن هو المُجرم إذًا سيادة الوزير؟ من الذي خان الثورة وأهدافها؟ وخالف الشريعة وأحكامها؟ من الذي أسقط الدستور؟ وكسر القانون؟ وأهان القضاء؟ لن أتكلم عن فشل أمني ووظائفي يشهد به كل منصف ويلمسه كل مواطن وتشهد عليه الحوادث والأحداث. ولكني أذكرك. أما تعلم أن هناك مادة في قانون رقم 67 الشرطة تؤكد أن الضابط لا يحال للاحتياط إلا إذا ارتكب عملًا جنائيًا لا تستطيع الوزارة إثباته بالطرق القانونية، فهل ارتكب الضباط عملًا جنائيًا بإطلاقهم اللحى؟ ألا تعلم أيها الوزير أن الدين الرسمي لدولتنا الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؟ أم أنك تجهل أيها الوزير أن اللحية من سنن الفطرة، وهدي الأنبياء، وسنة الرسول، وشريعة المسلمين وأنها من السنن الواجبة عند جمهور الفقهاء وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "أعفوا اللحى وقصوا الشوارب"؟ أما تعلم أيها الوزير أن الدستور الذي هو العقد الاجتماعي بين المصرين والذي أقسمت على احترامه، ينص على حماية حقوق الإنسان، ويصون الحريات الشخصية؟ أم أنك لم تقرأ مواد الدستور الذي أقسمت عليه؟ فأرجوك راجع المواد (2 و34 و43 و80 و81و219) من الدستور. أما تعلم أنّ من أهم وظائفك ومهامك احترام الدستور وتطبيق القانون وإلزام الجميع بأحكام القضاء؟ فمالي أراك تخالفه وتهدر أحكامه؟ أما تعلم أيها الوزير أنك موظف لدي الدولة وخادم لشعبها وأجير لدى مواطنيها، تتقاضى راتبك من أموال دافعي الضرائب؟ ثم أي ضير يا وزير الداخلية في أن يكون على رأس حماة أمننا وتنظيم شئوننا ضباط أتقياء وأمناء مخلصون، يتمسكون بالشرع، ويلتزمون بالدين، يقتدون بسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؟ بل أقول بكل ثقة إنه لفخر لوزارة الداخلية أن ينتسب لها هؤلاء الحريصون على الدين، المتمسكون بسنة النبي الأمين، المحافظون على هوية الأمة. وهل نجد أفضل من هؤلاء لنأمنهم على بلادنا وحماية أعرضنا وممتلكاتنا؟ لا والذي فطر السموات والأرض، إن الذي يخشى الله ويتمسك بدينه العظيم ويقتدى بنبيه الكريم، لهو أحرى بذلك وأولى من غيره، نعم هم ليسوا معصومين من الخطأ فهم بشر كغيرهم يصيبون ويخطئون ولكن الخير فيهم أرجى. إننا نحرص على عودة الثقة بين الداخلية والشعب ونسعى من أجل ذلك كي تستطيع الشرطة أن تقوم بواجبها وكنا أول من وقف بجانبها في محنتها، نعم نحن حمينا الأقسام ومراكز الشرطة يوم كانت تنهب، وأنا على علم تام بأن الغالبية العظمى من ضباط وأمناء الداخلية لا يمانعون في رجوع إخوانهم بل إن الكثيرين منهم يرحبون بذلك بالفعل ولكن تصرفات الوزير والقيادات هي التي تعرقل كل هذه المحاولات والمساعي. وأنا أتساءل أين رئيس الجمهورية؟ وما السر وراء اختفائه المريب عن هذا المشهد؟ وما تفسير صمته الغريب في هذه القضية؟ أهو رضا بما يصنع الوزير أو ضعف عن تقويمه وتغييره؟ وإنّي سائلك سؤالًا: يا سيادة الرئيس إذا كانت اللحية مشينة.. فلم تتحلى بها؟ وإذا كانت جريمة.. فلم أنت متلبس بها؟ وإذا كانت اللحية حلالًا لك فهل هي حرام على غيرك؟ وأبلغك رسالة مقدم يوسف سعد: "يا سيادة الرئيس قل شيئًا لله، رد على ما قاله الوزير لله وليس لنا، لا تشعرنا بأنك توافق ضمنيًا على ما قاله الوزير ونحن نحسبك على خير، لا تجبرنا على الهجوم ضدك وسوء الظن بك، الدنيا دار فناء وسوف تقف بين يدي الله، وأوجه رسالتي هذه لكل حزب يدّعى أنه إسلامي" وأنا أنقلها بدوري بادئًا بحزب الحرية والعدالة وحكومة الحرية والعدالة وأذكرهم بالاضطهاد الذي عانوا وأقول لهم: لماذا خرج علينا وزير الإعلام الإخواني ذات يوم متشدقًا بحكم قضائي، ليبرر تمسكه بتعيين الإخوان في وزارته؟ والمفترض أن الحكم مبني على التسوية بين المصريين وعدم التمييز بين المواطنين، وبما أنهم مواطنون صالحون فلهم الحق كغيرهم لا كما فهم الوزير أن الحكم يميزهم على غيرهم، وأنا أقول أوليس هؤلاء الضباط والأمناء مواطنين صالحين؟ أم أننا نميز بين المصريين، ونعد المتمسكين بالشرع والدين والمقتدين بالنبي طائفة منبوذة، ومواطنين درجة ثانية؟! وأذكرهم بأن يسألوا وزير الداخلية كم عدد الإخوة من الإخوان المسلمين دخلوا كلية الشرطة هذا العام، ويسألوا وزير الدفاع كم من الإخوان المسلمين دخلوا الكلية الحربية هذا العام ونحن لا نعارض ذلك بالطبع ما داموا مؤهلين وفق المعايير العادلة لا المحاباة الجائرة، ووفق مبدأ تكافؤ الفرص لا التمييز بين المصريين. أم أن الثورة قامت لينال الإخوان حقهم ويستعبدون غيرهم ويُقصُون من سواهم ولتحرم طائفة عظيمة من الشعب من حقها المشروع والعادل - بغير جريرة ولا ذنب - في أن تتبوأ المناصب وتشارك في بناء وطنها وحماية البلاد وإقامة العدل، أقول اعتبرونا أقلية كالسيخ واسمحوا لنا بممارسة ما نعتقد وندين به لله، خلّوا بيننا وبين ديننا وسنة نبينا ولا تعاقبونا على تمسكنا به، اعتبروها حرية شخصية، أم أننا سنمارس الاضطهاد الذي عانينا منه أول من نمارسه على إخواننا. وأين ذهب النائب العام ولماذا يصمت وزير العدل عل تجاهل أحكام القضاء "الشامخ". وأين مفتى الجمهورية ووزير الأوقاف السني؟ وفوق كل ذلك وقبله أين شيخ الأزهر وكلمة الأزهر وأذكرهم بفتوى شيخ جاد الحق رحمه الله " ولما كان إطلاق الأفراد المجندين للحى اتباعاً لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك، ولا ينبغي إجبارهم على إزالتها أو عقابهم بسبب إطلاقها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)" إلى آخر الفتوى. ثم أين باقي الأحزاب الإسلامية وما هو رد فعلها؟ ألا يعلمون أن ذلك هو بداية التمييز والعزل؟ أين القيادات الإسلامية؟ وأين الأسد الشيخ حازم أبو إسماعيل؟ وأين الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح؟! وهناك تساؤل آخر: أين الأحزاب المدنية؟ وأين المتشدقون بحقوق الإنسان والحريات الشخصية؟ وأين دكاكين حقوق الإنسان؟ وأين المجلس القومي لحقوق الإنسان؟! لماذا لم نحس منهم من أحد ولم نسمع لهم ركزًا أم أن الأمر لم يوافق هواهم أو يتفق مع مبادئهم؟ وما السر وراء الصمت الإعلامي والذي لا يألوا جهدًا في إقامة الدنيا دفاعًا عن حقوق المبدعين والمفكرين وكل من يتعدى على القيم والفضائل إنها حقًا ليست مسألة لحية.... ولكنها قضية هوية أدعوا لإخواني من الضباط والأمناء الملتحين وأشد على أياديهم وأقول لهم: اثبتوا فأنتم الطليعة، أنتم أصحاب قضية عادلة وسيدافع عنكم ويقف معكم كل حر شريف. لا تخضعوا أمام تهديدات أو تهنوا أمام ضغوط ولا تضعفوا أما إغراءات وعروض وأنا أعلم حاجتكم الماسّة وأنه عرض عليكم أعمال في وزارات البترول والاتصالات.. أحييكم.. وأشد على أياديكم.